تقرير: عماد توماس – خاص الأقباط متحدون
أعادت الهيئة العامة لقصور الثقافة إصدار كتاب "المعلم يعقوب.. بين الأسطورة والحقيقة" للدكتور "أحمد حسين الصاوي" ضمن سلسلة "ذاكرة الوطن" بسعر زهيد (2 جنيه) وتهدف السلسلة -كما يقول ناشريها- إلى نشر كتب مختارة تعبر عن تاريخ مصر الثقافي والوجداني!!
المعلم "يعقوب القبطي" من الشخصيات التاريخية المثيرة للجدل، وُلد في سنة 1745م وذاع صيته إبان الحملة الفرنسية على مصر عام 1798م وقام بتنظيم جيش من الأقباط على نفقته الخاصة، وجمع في صفوفه شبابًا من القاهرة ومن الصعيد، البعض اعتبره وطنيًا مخلصًا وثائرًا على الظلم العثماني والمملوكي، وآخرون اعتبروه عميلاً للاحتلال الفرنسي وخائنًا لوطنه.
وهذا الكتاب يميل إلى الرأي الثاني، معتبرًا المعلم يعقوب خائنًا للوطن لتأسيسه "فيلق" قبطي شارك في الحروب مع قوات الاحتلال الفرنسي على مصر بقيادة نابليون بونابرت عام 1798م، بالإضافة إلى مغادرته ورحيله عن مصر مع القوات الفرنسية بعد فشل الحملة على مصر.
يبدأ الكتاب بتقديم للأستاذ أسامة عفيفي -رئيس تحرير السلسلة- يقول فيه أن مؤرخي التاريخ المصري الحديث أجمعوا على "خيانة" المعلم يعقوب لتعاونه مع المحتل، وأن وثائق المحتل نفسه قد كشفت دوره في التآمر على المقاومة الشعبية خلال ثورتي القاهرة الأولى والثانية.
ويقول مؤلف الكتاب الدكتور "الصاوي": إن المعلم "يعقوب حنا" من كبار الأقباط الذين تزعموا حركة التعاون مع سلطات الحملة الفرنسية، وقد شارك في ذلك عدد من أبرز "المعلمين" مثل جرجس الجوهري وأنطون أبو طاقية وفلتاؤس وملطي. ص 17
واستعرض المؤلف الملامح العامة للأقباط أثناء الحملة الفرنسية على مصر، مؤكدًا أن الأقباط من أصحاب المصالح تعاطفوا مع الغزاة الجدد باعتبارهم "مخلّصين" وكذلك "مسيحيين" مثلهم سوف يحررونهم من الخضوع لسلطان المسلمين!! ص 13
ويضيف الصاوي: أن الفرنسيين بخطتهم الاستعمارية ويعقوب بأحلامه وتطلعاته التقيا على إرادة واحدة تجسدت في انجاز واحد هو تكوين الفيلق القبطي. ص 30، وأن يعقوب في عهد "منو" أدى مهمته في خدمة السلطات الفرنسية وتفانى وأعوانه في أداء هذا العمل على حساب أمن المصريين وسلامتهم وحرياتهم وكرامتهم وحُرمة بيوتهم وأموالهم. ص 34
ويشير الصاوي إلى: أن أحاديث يعقوب على ظهر الفرقاطة "بالاس" مع قبطانها الإنجليزي لا تعدو أن تكون من قبيل الأحاديث العفوية العابرة، وأشار المؤلف إلى دور الشاب الإيطالي "لاسكاريس" الذي صحب حملة بونابرت لمصر، وقام بنقل وصياغة أحاديث يعقوب وتحويلها إلى مذكرات كان مصيرها الحفظ في وزارتي الخارجية في لندن وباريس، ورفض الصاوي اعتبار هذه المذكرات أول مشروع لاستقلال مصر أو الجزم بنسب هذه المذكرات إلى الجنرال يعقوب. ص 82
ويؤكد المؤلف على أنه إذا كان المعلم يعقوب قد نزع، إبان الحملة الفرنسية إلى سلخ مصر عن الدولة العثمانية، فقد كان هذا النزوع من خلال نظرة ضيقة أملتها عاصفة طائفية لا وطنية فيها ولا بطولة. ص 84
وفي نهاية الكتاب عدة ملاحق منها نص قصيدة يعقوب في رثاء الجنرال "ديسيه" والنص الكامل لمنشور بونابرت إلى المصريين، ونص عريضة زعماء الأقباط إلى الجنرال منو... وغيرها
يذكر أن "الكتيبة الطيبية" نشرت كتابًا بعنوان "الجيش القبطي الوطني" للقمص متياس نصر الذي يؤرخ فيه لصفحات من تاريخ القبط في الفترة من 1800 حتى 1814. يفرد صفحات مطولة عن سيرة المعلم يعقوب، ويستعرض فيه فكرة تكوين جيش وطني مصري، وكيف كان هذا الفيلق القبطي يحوي بين صفوفه مسلمين مخلصين للوطن، بالإضافة إلى الوفد الذي آمن بفكرة استقلال مصر بمساعدة إنجلترا وفرنسا كان من بينهم مسلمون وطنيون.
يبقى السؤال، عن مَن يمكنه أن يؤرخ ويكتب في التاريخ ليطلق الأحكام على شخصيات تاريخية سواء بالعمالة أو الوطنية؟... واستكمالاً لهذه القضية ننشر غدًا ردًا على كتاب "المعلم يعقوب.. بين الأسطورة والحقيقة" يكتبه خصيصًا لـ "الأقباط متحدون" اللواء مهندس نصري جرجس نسر. |