CET 00:00:00 - 27/05/2009

مساحة رأي

بقلم: منير بشاي
يعتزم الرئيس الأمريكي باراك أوباما السفر إلى القاهرة يوم ٤ يونيو ۲٠٠٩ ليلقى خطابًا موجهًا إلى العالم الإسلامي، والأنظار تتوجه إلى القاهرة في ترقب لما سيقوله الرئيس الأمريكي الجديد ليكسب ثقة العالم الإسلامي خاصة أنه أول رئيس أمريكي من أوصول إسلامية.
الذي نعرفه أن هدف الخطاب هو إصلاح العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي والتي أخذت تتصدع في الآونة الأخيرة وخاصة في خلال ولاية الرئيس السابق جورج دبليو بوش، وما صاحبها من عمليات عسكرية قامت بها أمريكا داخل العالم الإسلامي في أفغانستان والعراق وأدت إلى الإطاحة بنظام الحكم في هاتين الدولتين وإحتلالهما بولسطة القوات الأمريكية لحين إستقرار الأوضاع.

ومع أهوال الحروب ومعاناة الشعوب في تلك المناطق المحتلة في هذه الفترة الإنتقالية، إلى ممارسات خاطئة من جانب بعض العناصر في الجيش الأمريكي أساءوا بها التعامل مع المحتجزين في السجون في جوانتنامو وأبوغريب، بالإضافة إلى الجدل المُثار حول شرعية إحتلال العراق أصلاً في ضوء عدم العثور على أسلحة الدمار الشامل التي كانت هي الذريعة الرئيسية للحرب، كل هذه دفعت العالم الإسلامي إلى الشكوى مما يصفونه بأنه حرب صليبية تشنها أمريكا ضد الإسلام والمسلمين.
أمام الرئيس الأمريكى أوباما المهمة الصعبة في أن يوضح للمسلمين حقيقة ما حدث، وإذا كانت أمريكا قد أخطأت فعلاً فليس عيبًا من الإعتذار والتعويض عن الخسائر، ولكن أتمنى أن يكون الرئيس الأمريكي أيضًا عادلاً مع بلده وشعبه وحكومته وجيشه، وفي محاولة التصالح مع العالم الإسلامي أرجوه أن لا يبخس بلده ولا يقلل من الدور الإيجابي الذي قدمته بلده للمسلمين وما تزال تقدمه.

أتمنى الرئيس أوباما عندما يتكلم عن معاناة الشعوب الإسلامية من الحروب التي شنتها أمريكا هناك أن يذكرهم أن أمريكا لم يكن هدفها في يوم من الأيام أن تغزو بلدًا بهدف الإستيلاء علي أرضه أو خيراته، وأمريكا لها الفخر أنه مع قوتها العسكرية المتفوقة لم تستعمل هذه القوة يوما للهيمنة على الدول الأخرى فلم تستولي في تاريخها على شبر من أراضي غيرها ولم تكن يومًا من دول الإستعمار للشعوب النامية، وأرجو أن يذكر الرئيس أوباما الشعوب الإسلامية أن أمريكا غزت أفغانستان بعد أن قامت عناصر من تنظيم القاعدة الذين يعملون من أفغانستان بأكبر عملية إرهابية في تاريخ أمريكا عندما قاموا بغزوة مانهاتن الشهيرة والتى أسقطوا فيها برجي مركز التجارة العالمي وحطموا مبنى البنتاجون وقتلوا حوالي ثلاثة ألاف أمريكي من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء، أما في العراق وإن كان هناك بعض الجدل حول شرعية هذه الحرب ولكن لا ننسى أن صدام حسين كان سببًا في زعزعة الأمن في المنطقة وهو الذي احتل الكويت وكان يهدد باحتلال السعودية والسيطرة على البترول الذي هو مجرى الحياة بالنسبة للغرب، وسواء وجدت في العراق أسلحة دمار أم لا فمن المؤكد أن صدام كان يدعي امتلاكها ولا نعلم إن كان صادقًا واستطاع تهريبها أو كان كاذبًا يقول هذا الكلام بقصد (التهويش)، وعلى أي حال فهو الذي حصد نتيجة رعونته السياسية وكان يمكن أن يعيش في سلام هو وبلده لو كان يلتزم بالشرعية الدولية ولم تكن له أهداف توسعية وكان تركيزه على تحسين أحوال بلده ومواطنيه.

ولذلك أرجو الرئيس الأمريكى أوباما أن يكون مصالحًا للعالم الإسلامي ولكن ليس على حساب بلده فيعتذر عن ذنوب لم تقترفها بلده، فحتى مع وجود أخطاء في الممارسات مع المحتجزين في السجون الأمريكية فهي حالات فردية وليست سياسة عامة، والمخطئين تم التحقيق معهم وعقابهم، وفي المقابل لا يسع المرء إلا أن يقارن بين سجون أمريكا مع عيوبها وسجون العالم الإسلامي والفارق لا يحتاج إلى توضيح.
في نفس الوقت أرجو أن لا ينسى أوباما أن يذكر العالم الإسلامي بأفضال أمريكا عليهم، فأمريكا هي التي تحمي دول المنطقة من أطماع جيرانها (الذين هم بالمناسبة دول إسلامية)، أمريكا هي التى حررت الكويت من صدام حسين ومن أهوال ما عمله عندما احتل هذه الدويلة الصغيرة الضعيفة، وأمريكا هي التي تحمي بقية دول الخليج ويعسكر جيشها في المملكة العربية السعودية بناء على طلبها لحمايتها وليس لاحتلالها.
أمريكا هى التي كانت سبب ثراء تلك المنطقة والتي تحولت بفضلها من صحراء جرداء إلى دول تفوق في عمرانها ومدنيتها أرقى الدول، فهي التي اكتشفت البترول لهم وهي التي استخرجته وصنعته وسوقته ثم اشترته منهم بأسعاره العالمية، أى دولة في العالم تعمل هذا؟

أمريكا تقدم معوناتها السخية لدول العالم الإسلامي الفقيرة منذ سنين ولا تلقي في المقابل غير الإهانة والتجريح.
وداخليًا أمريكا تفتح أبوابها للمواطنين المسلمين القادمين من العالم الإسلامي دون تمييز ليعيشوا كمواطنين من الدرجة الأولى على أرضها، بعض هؤلاء كانوا مضطهدين داخل بلادهم الإسلامية والبعض الآخر كان معدمًا فقيرًا، أمريكا أعطت هؤلاء الفرص في الحرية والإزدهار، وذلك كان رغم وجود عناصر من خلفية إسلامية داخل أمريكا لها أجندة تهدف إلى تحطيم النظام في هذه الدولة المضيفة الكريمة وقد قاموا فعلاً بأعمال إرهابية في الماضي والبعض الآخر ينتمي إلى خلايا نائمة في انتظار الإنقضاض في الوقت المناسب.
نقطة هامة أتمنى أن يشملها خطاب الرئيس أوباما في القاهرة وهي أن يذكر العالم الإسلامي أن الحقوق لا تتجزأ ومعايير الحرية يجب أن تكون موحدة، ما يتمتع به مسلمو أمريكا داخل أمريكا من حرية العبادة وحق تغيير الدين دون ملاحقة وبناء المساجد والمدارس والمرافق دون حظر، كل هذا يجب أن يتمتع به غير المسلمين الذين يعيشون في العالم الإسلامي، وكما نقول في مصر: لا يصح إلا الصحيح..

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢٤ صوت عدد التعليقات: ١٢ تعليق