CET 00:00:00 - 09/03/2009

مساحة رأي

بقلم / صبحي فؤاد
عشرات المرات يتعرض فيها أقباط مصر لمجازر أو مضايقات أو إعتداءات أو ظلم من بعض الهمج المتطرفين المتأسلمين إلا ونجد الدولة المباركة التي ينص دستورها صراحة على أنها دولة مسلمة أي بصريح العبارة لا يوجد مكان فيها لغير المسلمين من أصحاب الأديان الأخرى حتى لو كانوا مصريين منذ ألوف السنين.. إلا ونجدها تسرع بتبرير ما حدث على أساس أنه مجرد خلاف وسوء تفاهم بسيط بين مواطن مسلم وآخر مسيحي.. وفي بعض الأحيان نجد كبار المسئولين في الدولة المتأسلمة يبررون ما حدث بأن الفاعل تم بمعرفة إنسان مختل عقلياً... وفي مرات أخرى نجد الدولة تعكس الآية فتظلم الضحية وتنصف المجرم المذنب.
وبدلاً من تقديم المذنب إلى المحاكمة العادلة لكي ينال عقابه طبقاً للقانون نجد المسئولين في الدولة بعد كل حدث من الأحداث الطائفية يسرعون بدعوة الشيوخ ورجال الدين المسيحي وترتيب جلسات صلح عرفي يفرض خلاها الصلح الإجبارى بين المجرم والضحية بطريقة مهينة وغير عادلة ويقوم بعدها الجميع بتبادل قبلات النفاق والهتاف بالوحدة الوطنية والهلال والصليب وحياة الرئيس البطل محمد حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي!!!
وعلى الطرف الآخر نجد قيادات الكنيسة القبطية تسرع بتهدئة أبناءها الغاضبين الثائرين وإقناعهم بأن السماء سوف تقوم بالرد نيابة عنهم وترد لهم حقوقهم المهضومة وأن مملكتهم ليست على الأرض وإنما في السماء وأن ديننا هو دين محبة ووداعة ومسالمة حتى الأشرار..إلخ.
وفي الوسط يجد أبناء مصر الأقباط أنفسهم حائرين ضائعين مهضومي الحقوق بين الدولة المتأسلمة التي من المفروض (طبقاً للقوانين والأعراف الدولية) أن تحميهم وتوفر لهم كل سبل الأمن والأمان والرعاية وتحرص على مصالحهم وتعاملهم بالعدل والمساواة بدون تميز أو تحيز أو تعصب.. وبين الكنيسة القبطية المسالمة الوديعة الطيبة المهدئة دائماً للأمور والتي تعمل قياداتها بكل الطرق الممكنة على إطفاء الحرائق (التي يشعلها عمداً مع سبق الإصرار) المتطرفين المتأسلمين حتى لو كان هذا الأمر على حساب ضياع وإهدار حقوق الأقباط المرة تلو الأخرى!!!

لا شك أنها حيرة بالغة تلك التي يواجهها الأقباط فى مصر، حيث أن الدولة المتأسلمة لا تنصفهم عند تعرضهم للظلم والإعتداءات من قبل المتطرفين... وإذا لجأوا إلى الكنيسة يجدوا قياداتها لا تملك شيئاً تفعله من أجلهم سوى تهدئة النفوس وتطييب الخواطر والصلاة وطلب الرحمة.
إننا نرى في الدول الديمقراطية العلمانية التي تفصل بين الدين والدولة لا يلجأ المواطن إلى الكنيسة أو أي دور عبادة آخر لإسترداد حقه وإنما يذهب إلى المحكمة مباشرة ويتم الحكم لصالحه أو ضده ليس بناء على هويته الدينيه وكونه مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً أو بوذياً وإنما إستناداً إلى صحة المعلومات وصدق الأدلة التي يقوم بتقديمها إلى القاضي..
أما في بلادنا مصرنا العزيزة المباركة فالدولة دولة مسلمة طبقاً لدستورها ولذلك يجد المواطن المسيحي صعوبة بالغة في الحصول على حقوقه أسوة بالمواطن المسلم رغم أنه يؤدي واجباته بإخلاص تام وعلى أكمل وجه ويحرص على مصلحة بلده ويدفع ضرائبه كاملة بأمانة..
ونتيجة لتحيز الدولة لصالح المواطن المسلم وتعمدها إهدار حقوق الأقباط وإنكارها عليهم، لم يجد الأقباط أمامهم ملجأ يلجأ إليه سوى الكنيسة للشكوى وطلب المساعدة والتظاهر والصراخ والبكاء.

ولحل هذه المشكلة التي يواجهها معظم الأقباط حالياً في مصر ولكي تنتهي حيرتهم ما بين الدولة المتأسلمة وكنيستهم المسالمة التي لا تملك عصاً سحرياً لحل مشاكلهم أو نفوذاً ما يجبر الدولة على إعطاء الأقباط حقوقهم فإنني أقترح عليهم النقاط العشرة التالية:
1- مقاومة الظلمة والظلم بكل حزم وقوة لأن المسيحية دين حق وقوة وشجاعة وليس دين خنوع وجبن وإستسلام.
2- الخروج من دائرة الكنيسة إلى المجتمع الواسع والإسراع بالإنضمام إلى الأحزاب السياسية المعتدلة للمطالبة بحقوقهم وعرض مطالبهم الشرعية والإنسانية واسترداد حقوقهم.
3- تعليم أولادهم الشجاعة وعدم الخوف وعدم الهروب من مواجهة الظلمة حيث أن زمن "من ضربك على خدك الأيمن اعطيه الخد الآخر" قد انتهى منذ زمن بعيد وولى أمره.. والحقيقة التي يجب أن يدركها الأقباط جيداً أن البقاء في هذا الزمن الملعون أصبح للأقوى.
4- ترشيح قيادات مدنية لهم تمثلهم وتتحدث بصوتهم جميعاً أمام الدولة وكبار المسئولين وصنّاع القرار.
5- تركيز الجهود والطاقات من أجل المطالبة بتغير الدستور الديني العنصري لمصر واستبداله بدستورعلماني يتماشى مع روح العصر الحديث ويفصل بين الدولة والدين ولا يميز بين أبناء مصر بناء على هويتهم الدينية أو معتقداتهم السياسية.
6- عدم اليأس أو الإستسلام أبداً لأن التاريخ علمنا أنه مهما طال الظلم وغاب العدل فلابد أن يأتي اليوم الذي يسترد فيه المظلوم حقه ويواجه الظالم العدالة.

7- من المهم جداً أن يدرك الأقباط أن مشاكلهم هي جزء لا يتجزء من مشاكل الوطن الكبرى وهمومهم هي جزء من هموم كل أبناء مصر ولذلك فلابد أيضاً بجانب المطالبة بحقوقهم الشرعية عليهم وضع أياديهم في أيادي المعتدلين المصريين (وهم الغالبية على حسب إعتقادي) للمطالبة بتغير ديمقراطي حقيقي على النظام في مصر وتحسين أوضاع المعيشة إلى الأفضل ونشر العدل والمساواة وحرية العبادة وتطوير التعليم وتوفير الخدمات الأساسية..إلخ.
8- يجب أن يدرك بعض الأقباط وهم قلة معدودة خارج مصر أن الهجوم على الإسلام أو الإساءة إليه كرد فعل طبيعي وتلقائي لهجوم بعض المتطرفين المسلمين على الديانة المسيحية لا يجوز مهما كانت مبرراته وأسبابه.. ولن يحل مشاكلهم بل على العكس سوف يفقدهم تعاطف الكثيرين من المسلمين المعتدلين.. ليت جميع الأقباط يركزون على ما يفيد قضيتهم ويكسبهم مزيد من التعاطف والتعضيد والدعم الأدبي والمعنوي من الآخرين وفي مقدمتهم إخوتهم المسلمين في مصر.
9 – توحيد أقباط المهجر وتصفية الخلافات بينهم وتحدثهم بصوت واحد قوي مؤثر سوف يكون له أثراً إيجابياً كبيراً في تحريك القضية القبطية داخل مصر وعلى المستوى الدولي ومن ثم تزداد فرص وإحتمالات التوصل إلى حلول جذرية لها في القريب العاجل.
10 – على الأقباط أن يفهموا أننا نعيش في زمن المصالح الكبرى والمنفعة وليس زمن العواطف أو العطاء المجاني فإذا أرادوا أن ينتبه ويسمع العالم لقضيتهم العادلة ويساعدهم على استرداد حقوقهم ورفع الظلم الواقع عليهم فعليهم يدركوا هذه الحقيقة المهمة ويعملوا من خلالها..
وأخيراً أدعو جميع الأقباط في الداخل والخارج لدراسة المقترحات التي ذكرتها لعلهم يجدوا فيها شيئاً مفيداً أو ما يساعدهم على حل مشاكلهم بطريقة عملية وواقعية.

صبحي فؤاد
أستراليا
Sobhy@iprimus.com.au

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٨ تعليق