CET 00:00:00 - 02/06/2009

مساحة رأي

بقلم: مجدي ملاك
داليا مجاهد.. هي فتاة مصرية نشأت داخل الولايات المتحدة، وهي بنت السيدة زينب في الأساس، وتحتل الآن عضو اللجنة الإستشارية الدينية لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وأخبارها تملأ الجرائد المصرية، وتصريحاتها تحتل أهمية كبيرة خاصة بعد الحوار التلفزيوني الذي أذيع على القناة الأولى في برنامج وجهة نظر حول دورها داخل تلك اللجنة ونشأتها وغيرها من الأمور الخاصة بكيفية اختيارها عضو داخل تلك اللجنة الإستشارية، ولكن أهم ما طرحته وقالته داليا في حوارها هو ذاك المتعلق بالحرية الكاملة التي تتمتع بها داخل الولايات المتحدة بداية من اختيارها عضو في هذه اللجنة دون أدنى تمييز، بالإضافة إلى حرية ممارسة الصلاة حتى داخل البيت البيض دون أدنى مشكلة، وأكدت أن القانون الأمريكي يحمي حقها في ممارسة الشعائر الدينية دون أي انتقاص، وحين تم سؤالها ما إذا كان لهم الحق داخل أمريكا من إنشاء مدارس دينية إسلامية فكانت إجابتها واضحه، نعم نحن لدنيا العديد من المدارس الدينية الإسلامية كما لنا الحق في بناء مساجد كما نريد، ولا توجد أي قيود تذكر على هذه الحقوق فهي محمية بالقانون.

وحين ذكرت داليا مجاهد تلك الأمور بدأت أسترجع بالذاكرة مقارنة بين تلك الحقوق التي تتمتع بها داليا مجاهد -وهي من أصول مصرية- وبين حقوق الأقباط في التمتع بنفس الحقوق وهم من أصل مصري داخل بلدهم مصر، فالفرق شاسع ولا يمكن أن نقارن على الإطلاق بين الحالتين، فأمريكا كما قالت داليا نفسها بلد قانون بمعنى أن الذي يحكم الأفراد هو القانون، أما في مصر فالذي يحكم الأفراد التوازنات والرغبات التي تختلف من شخص لآخر، ومن ثم يصبح الأقباط تحت نير الأشخاص ورحمتهم، فمنهم من يريد تطبيق القانون ومنهم من يريد عرقلة القانون طالما الأمر يخص الأقباط، وأعتقد أن داليا مجاهد تعرف هذا الوضع جيدًا إذا علمت أن الأقباط لكي يبنوا كنيسة عليهم أن يعانوا لعدد كبير من السنوات لا نعرف عددها، ولكي يحصلوا على ترخيص بترميم دورة مياة عليهم أن يمروا بعدد من الإجراءات ينتهي في النهاية بعدم الموافقة على الترميم.

وإذا كان هذا فيما يخص دور العبادة التي كانت واضحة بشكل كبير، فتولي الوظائف الذي تحدثت عنه داليا مجاهد أمر يلفت الأنظار أيضًا، فقد قالت بصراحة وبوضوح أن المسلمين يتولون أعلى المناصب داخل الولايات المتحدة دون أدنى تمييز، كما أنه في حالة وجود تمييز ضدهم يمكن لهم اللجوء للمحكمة التي تنصفهم دون أدنى تفرقة بينهم وبين غير الأمريكيين، وهنا توقفت وتذكرت أيضًا قضية الدكتورة ميرا التي حُرمت من التعيين كمعيدة بسبب ديانتها، وكيف أن المحكمة لم تنصفها وحرمت الطالبة من حلم استكمال مستقبلها المهني بعد المجهود الذي بذلته في سبيل تحقيق ذلك الحلم.

هناك وجهة نظر تقول أن مصر تحتاج إلى عقود حتى يمكن أن تصل إلى تلك المرحلة من المساواة بين أفرادها، وهي مقولة أعتقد الهدف منها وضع اليأس في نفوس الأقباط من أجل الاستسلام لذلك الوضع المريض، ولكن أعتقد أن الحقوق لا تحتاج سوى لقرار بإعمال القانون وتنفيذه، كما أن السعي نحو مدنية الدولة سيساهم بشكل كبير في التخلص من الكثير من الأمراض التي يعاني منها المجتمع المصري في الوقت الحالي خاصة تلك المتعلقة بالأقباط.

وإذا كانت داليا تتمتع بكل هذه الحقوق في بلد ليست هي بلدها الأصلية، فالأولى على النظام المصري أن يدرك أن جزء من نجاح المجتمع هو جعل الأفراد يشعرون بالمساواة دون أدنى تفرقة، ودون الشعور بهذه المساواة ستظل طاقة المجتمع في جزء كبير منها مُعطلة، وسيظل المجتمع المصري يعاني من غياب لقدراته الإبداعية التي يكون لها أكبر الأثر في تقدمها.

الولايات المتحدة بلد لا تملك أكثر من 400 عام من الوجود وعلى الرغم من ذلك وصلت لمساواة لم تصل لها بلد الـ 7 آلاف عام من الحضارة والتاريخ، فالحضارة والتاريخ لا تُقاس بعدد السنين ولكنها تُقاس بمدى الحقوق والمساواة التي يتمتع بها الأفراد في تلك الحضارة، فهل يدرك النظام المصري أن الحضارة لا تعني عدد من السنين ولكنها تعني عدد من الحقوق والإنجازات الإنسانية؟!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق