بقلم: د. رأفت فهيم جندي
جلست مع عبد الحميد نشرب القهوة.
عبد الحميد: لماذا يريد الأقباط تشويه سمعة مصر؟
قلت باستنكار: كيف؟ الأقباط دائمًا يعطون صورة مشرفة لمصر ولا يشوهون سمعتها.
عبد الحميد: ألم تعدّوا أنفسكم للتظاهر عند زيارة مبارك لواشنطن قبل أن يلغيها بسبب وفاة حفيده؟
قلت: هذا ليس تشويه لصورة مصر ولكنه إعلان للعالم كله عن عدم عدالة النظام المصري.
عبد الحميد: إن كان هذا ليس إنقاص لسمعة مصر, ماذا تسميه إذًا؟
قلت: هل أمريكا شوهت سمعتها والعدالة الأمريكية تطارد نيكسون حتى استقال بسبب فضيحة ووترجيت, وأيضًا وهي تستجوب كلينتون؟ هل كندا تشوه نفسها الآن وهي تستجوب بريان مالروني رئيس وزرائها السابق؟ كذلك حق التظاهر ضد الحكومات الغربية نفسها يكفله القانون, نحن أيضًا لا نخرب ولا نقتل كما يفعل البعض الآخرين في همجية تظاهرهم.
عبد الحميد: فهمت قصدت, ولكن الصحافة المصرية كلها تندد بأقباط الخارج لهذا السبب.
قلت: الصحافة المصرية تخون مبادئها التي هي حرية التعبير, فالتظاهر السلمى من حرية التعبير، بدلاً من أن يطلبوا منا أن نصمت على الظلم كان الأجدر بهم أن يطالبوا هم بحقوقنا المهدرة، ولكنهم وبدون شرف وبمحاباة للنظام يدّعون أننا نشوه صورة مصر.
عبد الحميد: ماذا كان الأقباط يأملون في تحقيقه بتظاهرهم؟
قلت: أعتقد أننا لا ننظر للنتائج, المهم أن نقول للعالم أن النظام المصري ظالم للأقباط في كل المجالات.
عبد الحميد: هل تؤيدون أمريكا لو ذهبت لغزو مصر؟
قلت: بالطبع لا وألف لا, وقد يتطوع البعض منا بالرجوع للدفاع عن مصر.
عبد الحميد: حيرتني, وماذا تريدون من أمريكا إذًا؟
قلت: نحن نريد من حكومتنا أن تعتبر حق الأقباط في المواطنة الكاملة.
عبد الحميد: اشرح أكثر ماذا ينقص الأقباط في مصر؟
قلت: ينقصهم المساواة في الكثير جدًا ولكني أركز لك على بضعة نقاط فقط, حق إنشاء الكنائس مثل إقامة الجوامع, إطلاق حرية الإعتقاد وليس التسهيل الشديد على المتحول للإسلام بينما يكون اضطهاد وإذلال وسجن المتحولين أو العائدين للمسيحية، الدولة متربصة للمسيحيين في كل قراراتها, انظر لمذبحة الخنازير الأخيرة وكيف ضحك العالم كله منها وهي لم تقصد سوى فقراء الأقباط، إنهم لم يتركوا حتى الأطفال بدون تسميمهم بكراهية الأقباط فحتى مقررات المدارس بها دعوة للتعصب ضد المسيحيين وغير هذا الكثير.
عبد الحميد: الأقباط حالهم أحسن بكثير من العصور السابقة, مثلاً أنتم لا تدفعون الجزية الآن.
قلت: الأقباط يدفعون ضرائب يذهب منها للأزهر ولإنشاء الجوامع ولمرتبات شيوخ الجوامع, بينما الدولة لا تصرح للأقباط ببناء كنائسهم حتى على نفقتهم ولا تعطي مرتبات للقساوسة ولا تسمح للأقباط بدخول جامعة الأزهر, هذا على سبيل المثال وليس الحصر.
عبد الحميد: علمت بأن الكنيسة كانت ضد التظاهر أثناء زيارة مبارك.
قلت: نعم حقيقي, وأوفدت بعض الآباء الأساقفة خصيصًا لهذا الغرض.
عبد الحميد: أنتم بهذا مخالفون للكنيسة.
قلت: أنا أطلب من الكنيسة الإرشاد الروحي وليس السياسي.
عبد الحميد: ولكن تصرفات الأقباط في الخارج تعود آثارها السيئة على الكنيسة وعلى الأقباط في مصر أيضًا، فلا تقل أن الكنيسة يجب أن تظل صامته وتترككم تفعلون ما تريدون.
قلت: لهذا نسمع من الكنيسة.
عبد الحميد: وماذا بعدها؟
قلت: نسمع لكلامهم ونحترم آرائهم ولكننا نعود ونعمل ما نراه أيضًا.
عبد الحميد: أنتم تشقون إذًا عصا الطاعة على الكنيسة؟
قلت: لا أستطيع أن اقول هذا, ولكن أقول حسن للكنيسة أن تفعل هذا. ولكن ألا ترى أنك في قرارة نفسك تؤمن بظلم الحكومة للأقباط وتصرفها بأسلوب العصابات الذين لديهم رهائن عندما تقول أن تصرفات الأقباط في الخارج تعود آثارها السيئة على الكنيسة وعلى الأقباط في مصر؟
انتهينا من فنجان القهوة بينما كان عبد الحميد يهرش فى رأسه محاولاً أن يفهمني ولكني فضّلت أن لا أشرح أكثر.
رئيس تحرير جريدة الأهرام الكندية |