بقلم: ماجد سمير
كتب الراحل العظيم "صلاح جاهين" منذ ما يزيد عن 58 عامًا عن حال الشعب المصري قائلاً: أنا لوحدي مفيش حاجة..... مجرد اسم متشغبط على ورقة، لخّص فنان الشعب الراحل بكل بساطة في الشطر الأول لقصيدته اختزال السلطة آيًا كانت المواطن إلى مجرد اسم مكتوب باستهانة شديدة على ورقة.
وقصد "جاهين" إلى تأكيد الاستهانة في مقولة "ورقة" دون أن يصف هوية الورقة المذكورة أو مدى أهميتها.
ويتسق شطر القصيدة تمامًا معي، فأنا أحمل اسم يتشابه مع أسماء الملايين وتبدو ملامحي متطابقة مع ملامحهم، وارتدي ملابس كملابسهم وأكلي له نفس طعم أكلهم وأنشغل بنفس الجهاد اليومي من أجل الوجبات الثلاث تمامًا مثلهم، بل وأحمل نفس الهموم وأحلم نفس الحلم الذي لا يتحقق أبدًا، لكن لازال بداخلي أمل في إصلاح الحال، ربما لقراءتي الطويلة في التاريخ القديم والحديث فحسب صفحاته الطويلة تتعقد أمور الحياة وفجأة تحدث انفراجة.
صحيح أنها في النهاية تتحول إلى وهم ويتضح أن الأمل لم يكن إلا سراب يخدع الناس ويغزو عقولهم وقلوبهم وأن الأمر لم يكن إلا مسابقة للعبة الكراسي الموسيقية الشهيرة، لا تأتي إلا بتبادل للأدوار مجرد تغيير في الأشخاص ليس إلا.
وأكمل الراحل القصيدة واصفًا الورقة بأنها "في أيدين واحد قومسينجي..... ما أعرف تركي ولا خواجة..... يروح ماضي بقلم باركر بالأفرنجي.... أروح مرفود، نفس السيناريو الذي رواه شاعرنا العظيم منذ أكثر من خمسة عقود يحدث بنفس التفاصيل ربما لم يعد هناك خواجات أو أتراك وحل مكانهم بعد موجات الخصخصة عرب وخليجيين إلا أن النهاية في الحالتين متطابقة تمامًا.
ووصف "جاهين" ما حدث بعد الرفد كاتبًا: ويصبح اسمي متعلق على اللوحة..... تشوفوا زمايلي في الجاية والروحة كالعادة الكل يجيد التواجد لكن في موقف المتفرج يشاهد فقط دون المشاركة الفعالة، التاريخ يتكرر المشاهدة من بعيد في انتظار الشاطر حسن أو الزناتي خليفة أو أي فارس يشهر سيفه ضد كل ما يؤرق الناس أو ربما يظهر خادم الفانوس السحري دون حتى أن ندعك الفانوس ليحقق الأحلام ويخلصنا ممن يظلمونا.
ألم أقل لك عزيزي القارئ مجرد أحلام موجودة فقط في عقلي الباطن أراها دائمًا دون الحاجة للنوم تداعب أجفاني وتطرق بشدة على أبواب عقلي الباطن وعندنا أفتح الباب أجد محصل يطالبني بسداد فاتورة المياه أو الكهرباء.... صحيح كله محصل بعضه.
يتعجب الكثيرون من استمرار وجود أمل وحلم يداعب العقل سواء الباطن والظاهر معًا ورغم ذلك لا أحاول تحقيقه تمامًا كباقي الناس يعيشون على أمل دون السعي الجاد في يوم ما لتفعيله على أرض الواقع، فقط أغمض عيني رغم أني في أغلب الأحيان أكون مستيقظًا وأبتسم ابتسامة الحالم ويبدأ الحلم وكأنه عرض سينمائي مجاني، لا أمل أبدًا من مشاهدته يوميًا ولكن ماذا أملك حتى أحقق حلم شعب لا يمل من الأحلام صحيح أنها اختلفت عن الماضي وتم اختصارها في الستر وتربية العيال أو ما شابه من الأحلام شديدة البساطة، فأنا لست الفارس المنتظر أنا مجرد أسم متشخبط على ورقة مثل بقية المصريين أحلم مثلهم بالفارس المخلص.
وكتب "جاهين" ما بعد رؤية الزملاء لأسمي على اللوحة قائلاً: يفوت عامل في أيده نص شقة فول..... يقف ويقول ...... يا عالم مفيش مهرب من التوفير...... ما عام الأول رفدوا كتير..... ويدخل هو المصنع..... وأنا أطلع ..... أنا لوحدي مفيش حاجة، استمرار لحالة عدم المشاركة الكل يتعاطف ويستمر في حياته منفردًا رغم أن الكل يحلم تقريبًا بنفس الحلم ويعاني من نفس المعاناة إلا أن كل فرد يحلم منفردًا الكل يحلم بفارسه الخاص المسئول عن تحقيق حلمه فقط، والفارس من وجهة نظرنا يملك نقل الحلم إلى العلم لأنه الوحيد الذي سيخلصنا من كل الأشياء الجاسمة على صدورنا ،صحيح أن الأمل في الفارس سيظل موجود إلا أني أشعر أن التاريخ سيعيد نفسه لأن المنتظر سيكون كالعادة "فارس بني خيبان". |