بقلم: بولس رمزي
صدر في الأسبوع الماضي بيانًا حازمًا من رئاسة الجمهورية يرفض إضفاء أي صبغة دينية على دولة إسرائيل، ورافضًا يهودية الدولة الإسرائيلية التي تتبوء الحكم فيها حكومة مكونة من أحزاب أقصى اليمين الإسرائيلي المتطرف، وفي هذا الشأن أؤيد وبكل قوة البيان الصادر من رئاسة الجمهورية الرافض ليهودية الدولة الإسرائيلية، ومن خلال هذه المقالة سوف نناقش هذا الموضوع من خلال المحاور التالية:
أولاً– الدوافع التي اتت بحكومة نتنياهو المتطرفة إلى سدة الحكم في إسرائيل.
ثانيًا– الرفض المصري والعربي للدولة اليهودية.
ثالثًا– المادة الثانية من الدستور المصري.
من خلال مناقشتنا للمحاور الثلاثة سوف نتعرض لقضايا التطرف الديني في المنطقه وتأييدنا المطلق لأي دعوة من شأنها رفض قيام كيانات سياسية أو إقتصادية على أساس ديني والفصل التام بين الدين والدولة دستوريًا وتشريعيًا وفعليًا على أرض الواقع فيما يلي:
أولاً- الدوافع التي أتت بحكومة نتنياهو المتطرفه إلى سدة الحكم بإسرائيل:
بالرغم من عدائي المطلق للكيان الإسرائيلي وممارساته العنصرية إلا أنني لا يمكن لي إلا أن أعترف أن إسرائيل الدولة الوحيدة في المنطقة التي تأتي حكوماتها إلى الحكم عبر صناديق الإنتخابات وليس بقرار جمهوري من رئيس الدولة، إضافة إلى وعي الناخب الإسرائيلي الذي لا ينتخب نوابه من أجل مصالح شخصية ضيقة لكنه ينتخب نوابه من أجل توجيه مسار السياسة الداخلية والخارجية على مستوى الدولة، وفي الإنتخابات البرلمانية الإسرائيلية الأخيرة التي أتت بحكومة نتنياهو لتحكم إسرائيل، نجد أن الناخب الإسرائيلي حزم أمره في اختيار اليمين المتطرف ليحكم دولة الكيان الإسرائيلي، وفيما يلي أهم الأسباب التي دفعت الناخب الإسرائيلي لهذا:
1- التطرف الديني له ردود أفعال متطرفة لا متناهيه تتسع حلقاتها كحلقات الماء عند إلقاء حجر في ماء راكد، ومن الطبيعي عندما يستشعر الناخب الإسرائيلي بالخطر الذي يهدد الوجود الإسرائيلي من خلال خطب أحمدي نجاد النارية التي تدعو باسم الدين إلى إزالة دولة إسرائيل من الوجود، الأمر الذي كان من أهم نتائجه تطرف الناخب الإسرائيلي وعزوفه عن الأحزاب ذات الطابع السياسي القومي المعتدلة والتوجه إلى أقصى اليمين المتطرف.
2- دائمًا وأبدًا أي تطرف لا يأتي من الجهة المقابلة سوى بتطرف أشد، وبالتالي نجد أنه أمر طبيعي أن يُقابل التطرف الإسلامي بالمنطقة قابله تطرفًا دينيًا في أمريكا وظهرت جماعات ضغط مسيحية متطرفة في الولايات المتحدة وأوروبا، كذلك الأمر في منطقتنا نجد الشعب الإسرائيلي أصبح أكثر تطرفًا في مواجة التطرف الإسلامي فيها.
3- لا تقتصر مساوئ التطرف الديني على العلاقات بين الدول لكن مخاطرها تكمن داخل الدولة الواحدة، فنجد أن التطرف الديني يؤدي إلى تمزيق كيان الدولة إلى فرق وكيانات صغيرة متطاحنة متقاتلة، نرى مثلاً في الصومال أنه بالرغم من أن رئيس الدولة هو كان زعيمًا للمحاكم الإسلامية المتطرفة وأقر بالشريعة الإسلامية لحكم البلاد، لكننا نجد أنه في مواجهة قاسية مع رفاق السلاح في الماضي، فقد كان الرئيس الصومالي يكفر رئيس الدولة والحكومة ويقاتلهم والآن عندما أصبح رئيسًا للصومال نجد أن رفاقه في الماضي يكفرونه هو وحكومته وهو أيضًا يكفرهم ويتوعدهم وتدخل الصومال في حالة من الصراع والقتال ولا نجد في الأفق أي بارقة أمل في انتهاء هذا الصراع.
ثانيًا– الرفض المصري والعربي للدولة اليهودية:
وكالات الأنباء:
قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد اليوم الأحد أن مصر تعارض ما يسمى بـ "يهودية الدولة" في إسرائيل.
وقال عواد في تصريح للصحافيين أن الرئيس المصري حسني مبارك عبّر عن رفضه ليهودية إسرائيل خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو في شرم الشيخ في وقت سابق من مايو/أيار الجاري.
في حقيقة الأمر أنا أؤيد التوجه المصري الرافض ليهودية الدولة الإسرائيلية حيث أن هذا الأمر من شأنه اتساع رقعة التطرف في المنطقة وسوف يعطي المصداقيه لدعاة التطرف والتشدد، الأمر الذي يشعل نيران التطرف في المنطقة وسوف يؤدي إلى نشر ثقافة التطرف والغلو بين المعتدلين، مما يؤدي إلى اكتساب دعاة التطرف لقاعده شعبية أكبر مما هي عليه الآن، وبالتالي فنحن جميعًا نرفض رفضًا قاطعًا ليهودية الدولة في إسرائيل.
ثالثًا– المادة الثانية من الدستور المصري:
تنص المادة الثانية من الدستور المصري على أن "مصر دولة إسلامية" وفي المقابل ترغب إسرائيل في أن يكون دستورها "إسرائيل دولة يهودية"، ولا ننسى أن مصر بموجب اتفاقات السلام بينها وبين إسرائيل تعترف بأن إسرائيل دولة مستقلة ذات سيادة لكن عندما يتعلق بكون إسرائيل دولة يهودية نجد أن مصر ترفض هذا ومعها الحق كل الحق حيث أنه هناك أحد احتمالين:
1- إذا كانت إسرائيل تقصد من هذا يهودية الشخصية الإعتبارية للدولة الإسرائيلية فإن هذا مرفوض تمامًا، لأن الشخصية الإعتبارية لا دين لها لأن الله أنزل الديانات السماوية للأشخاص الحقيقيين وليس للشخصيات الإعتبارية.
2- أما إذا كانت تقصد من وراء ذلك أن سكان دولة إسرائيل يهودًا فهذا مرفوض أيضًا، حيث أن دولة إسرائيل يعيش بها يهود ومسيحيين ومسلمين والعديد من أصحاب الأديان الأخرى وبالتالي فإن هذا مخالفًا لمبادئ حقوق الإنسان وفيه تمييز لأصحاب الديانة اليهودية على أصحاب الديانات الأخرى غير اليهودية، وبالتالي فإن هذا التوجه مرفوض أيضًا.
كان هذا المبرر المنطقي للقياده السياسية في مصر والمنطقة العربية الرافض ليهودية الدولة في إسرائيل.
لكن:
1- ألم تكن مصر شخصية إعتبارية لا دين لها؟؟
2- ألم يعيش في مصر مواطنين من الدرجة الأولى من غير المسلمين يشعرون بأنهم مضطهدين لمجرد أن الدستور المصري يميز أصحاب الديانة الإسلامية على غير المسلمين؟
3- طالما تعترف مصر بأن إسرائيل دولة ذات سيادة لماذا تتدخل في دستورها وترفضه؟؟
4- لماذا عندما تنتقد دولة ما أو منظمة حقوقية دولية المادة الثانية من الدستور المصري وتعتبرها مادة عنصرية نجد كل أجهزة الدولة تستنفر وسائل إعلامها وتعتبر أن في ذلك تدخلاً في الشئون المصرية الداخلية؟
5- لماذا مصر ودول المنطقة يراعون مشاعر مليون مسلم يعيشون داخل الخط الأخضر الإسرائيلي ولم يراعون مشاعر أكثر من خمسة عشر مليون قبطيًا؟؟
أخيرًا
أتمنى أن تُمحى من جميع داستير العالم جميع النصوص التي تميز بين مواطني الدولة على أساس ديني أو إثني أو نوعي وأن تكون أكثر عدلاً ومساواة بين البشر، فنحن لا نطالب سوى بالعدل والمساواة.
بولس رمزي |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|