CET 21:20:05 - 13/05/2011

أخبار مصرية

swiss info

يواجه المجلس العسكري الحاكم في مصر تحديات كبيرة في قيادة المرحلة الانتقالية وذلك على عدة جبهات منها العلاقة البالغة الحساسية مع إسرائيل، ومنها شبح الانفلات الطائفي واستحقاقات أجندة التغيير الداخلي بعد سقوط نظام مبارك.


تظاهر آلاف المصريين الجمعة (13 مايو/ أيار 2011) لمطالبة المجلس العسكري الحاكم في البلاد بزيادة الدعم للفلسطينيين وللتنديد بالنعرة الطائفية. وفي مبادرة، كانت ستكون ضربا من المستحيل في عهد نظام مبارك، أعلن عن تنظيم مسيرة تنطلق بين ميدان التحرير في القاهرة وقطاع غزة يومي السبت والأحد المقبلين، للتنديد بوضع الفلسطينيين تحت الاحتلال. وقد طلبت الداخلية المصرية من المنظمين إلغاء المسيرة اعتبارا "للأوضاع الحساسة السائدة حاليا" وأضافت أنها "تهيب بكل الإطراف والقوى السياسية التي قررت تنظيم المسيرة تغليبا "للمصالح العليا للوطن ودرءا لأي تداعيات أو مخاطر محتملة قد تنتج عن تلك المسيرة". وتضع هذه المسيرة المجلس الأعلى العسكري والحكومة الانتقالية أمام تحدي كبير، وهو محك العلاقة الحساسة مع إسرائيل البلد الذي ترتبطه بمصر اتفاقية سلام.


وفي تعليقه على رد فعل الحكومة المصرية قال ميشائيل لودرز الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط "إن الحكام الجدد يقولون للجماهير، لقد فهمنا رسالتكم، ولكن لا نريد تغيير الأمور بأكثر مما هو ضروري". وأضاف لودرز أن الحكومة المصرية "تتوجس رد فعل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية". ويرى المراقبون أن هذا التحدي يشكل جزءا من جملة من التحديات الداخلية والخارجية المطروحة على المجلس الأعلى العسكري وعلى الحكومة الانتقالية لرسم ملامح مرحلة ما بعد مبارك في انتظار الانتخابات التشريعية.


تحول في سياسة القاهرة الشرق أوسطية

ويرى الخبير الألماني لودرز أن هذه المسيرة بغض النظر عن حجم المشاركة فيها، لا يمكن فهمها إلا في سياق أعم وهو تغير توجهات السياسة الخارجية لمصر في المنطقة. واعتبر الخبير الألماني اتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، الذي توسطت فيه القاهرة مؤشرا واضحا على هذا الاتجاه. فالمجلس العسكري يسعى على ما يبدو إلى التوفيق بين الكثير من التناقضات؛ اكتساب المصداقية من طرف الشارع المصري بالإنصات إلى نبضه، وذلك بدعم واضح للفلسطينيين، واقتراب حذر من الإيرانيين، ولكن في الوقت نفسه دون إغضاب الإسرائيليين والأمريكيين. وبهذا الصدد يوضح لودرز أنه "في الماضي كان الرئيس مبارك ينسق مع إسرائيل والولايات المتحدة كل الخطوات التي يقوم بها مع الفلسطينيين، ولكن هذه المرة الحكومة الانتقالية توسطت بين الفلسطينيين دون العودة للأمريكيين والإسرائيليين وهذا بلا شك شيء جديد في السياسية المصرية".


شباب الثورة المصرية يخشى من ثورة مضادة قد تهدد تحقيق أحلامه
إلا أن هذا التحول لن يذهب لحد القطيعة مع الحليف الأمريكي، فمصر "لن تغير في الجوهر سياستها اتجاه إسرائيل خصوصا إذا ما ربطنا هذا الأمر مع المساعدات المالية الأوروبية والأمريكية الداعمة للسلام مع إسرائيل. ولكن اللهجة هي التي ستتغير" يقول لودرز. ويرى بعض المراقبين أن المصالحة الفلسطينية لا يجوز اختزالها في البعد الفلسطيني الإسرائيلي المحض، لأنه من مصلحة القاهرة أيضا ألا تحدث اضطرابات في غزة في الوقت الذي تجتاز فيه البلاد مرحلة انتقالية مليئة بالمقالب. ومنذ سقوط مبارك، وجه المجلس العسكري الأعلى السياسة الخارجية مبتعدا عن ارث الرئيس السابق في سعي لجعل مصر تعدد تحالفاتها في المنطقة في خطوة يقول المراقبون إنها قد تساعدها على استعادتها مكانتها كقوة إقليمية، لكن دون أن يعني ذلك إحداث قطيعة جوهرية مع إسرائيل والولايات المتحدة على حد تعبير لودرز.


معضلة الانفلات الطائفي

تواجه مصر ما بعد الثورة معضلة تفاقم التوترات الطائفية، فقد أدت مواجهات مسلحة بين مسلمين متشددين ومسيحيين أقباط إلى مقتل ما لا يقل عن 15 شخصا في إحدى ضواحي الجيزة، وبدأت الاشتباكات باحتشاد مجموعة من السلفيين لتفتيش كنيسة للاشتباه في احتجاز امرأة، أدعي أنها أشهرت إسلامها بداخلها رغما عن إرادتها، ما أشعل فتيل احتجاجات غاضبة طالبت الجيش بمواجهة المحرضين على الفتنة الطائفية بقبضة حديدية. ويرى الكثير من شباب الثورة أن الاقتتال الطائفي موجه ضد انجازات الثورة، وهذا ما يفسر عودتهم الجمعة إلى ميدان التحرير في قلب القاهرة في مظاهرة حاشدة، دفاعا عن ما أسموه بالوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط. وأطلق المتظاهرون هتافات من قبيل "مسلم ومسيحي أيد واحدة" كما حملوا لافتة ضخمة تحمل صورة الهلال والصليب يتعانقان.

ويشتكي المسيحيون من ضعف حماية الشرطة لهم من جهة وتسامح السلطات مع المتشددين الإسلاميين في الفترة الأخيرة من جهة أخرى. ويرى المراقبون أن المعضلة الطائفية تشكل تحديا حقيقيا لحكومة تسيير الأعمال في مصر التي قد تضطر إلى تبني موقف أكثر صرامة اتجاه المتشددين إذا كانت تسعى لاستتباب الأمن والاستقرار، وبالتالي محاولة جلب السياح، العمود الفقري للاقتصاد المصري. ويرى لودرز أن السلفيين "أداة لمنع التقدم نحو مستقبل أفضل في مصر"، متهماً السعودية في لعب دور مهم في دعمهم، وهم المتورطون في خلق مشاكل طائفية مع الأقباط، مستغلين أجواء الحرية السائدة بعد سقوط مبارك، حسب الخبير الألماني.

مشهد من المواجهات الأخيرة بين سلفيين متشددين وأقباط.
الجيش مع الثورة ضدها؟


دأبت عدد من المنظمات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني إلى اتهام المؤسسة العسكرية بالقيام ب"ثورة مضادة" وبتكريس عدد من الممارسات التي كانت سائدة في عهد مبارك كالتعذيب ومحاولة منع حق الإضراب والتظاهر. وصرح حسام الحملاوي أحد أشهر المدونين والنشطاء لوكالة الأنباء الألمانية " بالقول ما هو واضح هو أن قادة جيش مبارك والذين يديرون المجلس الأعلى للقوات المسلحة هم من وجهة نظري جزء من الثورة المضادة، فهم خدموا مبارك بإخلاص".

ويذهب لودرز في نفس الاتجاه بقوله "أتخوف من الثورة المضادة، فالمعروف أن الجيش المصري يلعب دورا مهما في دواليب الاقتصاد المصري، لذلك لا أعتقد أن من مصلحته إحداث قطيعة وإنشاء دولة جديدة على الصعيد الاقتصادي"، وأضاف أن الجيش "يريد أن تستمر الأمور كما هي دون قطيعة حقيقية". ويذكر أن الجيش المصري تمتع خلال حكم مبارك بامتيازات وبعدد من المزايا المالية والصحية كما يشارك كبار ضباط الجيش في الأعمال كما أن الجزء الأكبر في ميزانيته الجيش لا تخضع للرقابة البرلمانية.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع