بقلم: أماني موسي
(النظافة من الإيمان) تلك العبارة كانت شعار رفعه المسئولون في مدينة القاهرة بالأسابيع القليلة الماضية، ورفعنا كلنا العبارة دي دة مش لأننا شعب نضيف لا سمح الله (ولا بنحب النضافة ولا حتى متاح للجميع ممارستها بشكل دائم.... أنتوا عارفين بقى الصابون غلي) لكن لأننا بالطبع شعب مؤمن ومؤمن جدًا، ومؤمن دي مش معناها بالضرورة مؤمن دينيًا لكنه مؤمن بحاجات كتير منها مثلا بالغيبيات والقدرية وحاجات كتير على نفس الشاكلة.
المهم أن المسئولين أخذوا يبيضون وجه القاهرة وينظفونه من الشوائب والقاذورات التي تراكمت عليه منذ سنوات كثيرة حتى أنها أصبحت جزءًا أساسيًا من تكوينه بدرجة يصعب عليك فصلها عند وصفك للقاهرة، وبالطبع تزيين وتنظيف القاهرة –حتى من محلاتها وسكانها- ليس لوجه الله أو لزيادة بميزانية الدولة فتم استغلالها لتنظيف شوارع القاهرة وإعادة أمجادها بل تزينت استعدادًا لاستقبال العريس (أوباما).
وعلامات النظافة والجلي أخذت تطفو على السطح بوضوح لتحل محل القمامة والأتربة والتلوث البيئي والبصري والسمعي، حيث تم رصف الشوارع المتكسرة ووضع عواميد إنارة فضية تقف شامخة بالطريق في زهو مع النخل لتكون كفريق استقبال رسمي لأوباما، وانتشر عُمّال النظافة كالجراد بالشوارع للكنس والتنظيف ووضع الزهريات التي سيتم انتزاعها بالطبع فور انتهاء الزيارة.
بالطبع تزيين القاهرة لتكون واجهة مشرفة لنا أمام زائر هام كأوباما هو أمر مشرف ومدعى للفخر ولكن التساؤل الذي يُلح بشدة: لماذا نهتم بتزيين المناطق -التي هي بالأصل جميلة- بعد أن نساهم بكل طاقتنا في تغليفها بالتعفن والإهمال وإضاعة جمالها وملامحها؟ لماذا لا يكون سلوكنا لتزيين وتجميل بلدنا هو سلوك دائم نتبعه دومًا في كل وقت ودونما انتظار زائر لحثنا على فعل هذا؟؟ فهذا معناه شيء من اثنين أولهما: أن المصري لا يشعر بانتماء لبلده ولا تعنيه نظافتها وجمالها من عدمه، ثانيهما: أننا شعب أدمننا المظهرية أمام الآخرين ونظهر دومًا عكس ما يحمله واقعنا. وقس على ذلك ليس أمر النظافة فقط بل مثلاً شأن حقوق الإنسان والأقليات بين الواقع الفعلي وتصريحات المسئولين.
أتمنى للحظات –بالطبع مستحيل- أن يعلن أوباما زيارته للمناطق العشوائية بالقاهرة ولساكني الصفيح ولمناطق الصعيد الفقيرة التي لا تصلها أساسيات الحياة من كهرباء ومياه وغاز؟!!
باعتقادي أنه حينها سيتم النظر لأولئك الغلابة البائسين وستتاح لهم فرص معيشة وتوفير سكن آدمي ومدارس ومستشفيات ونور ومياه، وكل هذا في خلال أسبوع أيضًا ضمن الاستعدادات لزيارة أوباما وحينها فقط ستتحول وعود المسئولين عن تلك المناطق إلى حقيقة وسيدعو الجميع بالخير بس لأوباما طبعًا مش للمسئولين.
هذا عن استعدادات المسئولين لزيارة أوباما، أما عن استعدادات الشعب فكانت من خلال طرفين.
الطرف الأول يتمثل في العديد من فئات الشعب على اختلاف انتماءاتهم الدينية والسياسية والذين قاموا بتجهيز طلبات النجدة –كما يحلو لي تسميتها- لطلب العون من أوباما لمساعدتهم على إعطائهم فرصة للعيش بشكل آدمي كريم فيه حقوق إنسان وأقليات تحصل على حقها في المواطنة بمساواة مع الأغلبية، وكأن أوباما سيأتي لمصر ومعه مصباح علاء الدين السحري وسيحقق أحلام المكلومين والضعفاء!!
وأعتقد أن السبب في تعلق الشعب المصري بأوباما كأنه طوق النجاة هو اسم (أوبا اما) فإذا فسّرنا الاسم ستجده منقسم لمقطعين (أوبا) أي أب باللكنة الخليجية و (أما) أي أم باللكنة الصعيدية ومن هنا نخلص أن أوباما هو بابا وماما وأنور وجدي، وطبيعي أن الشعب يستنجد بأبوه وأمه بعد ما بقى عايش في عذاب مع مرات أبوه!!
إلى جانب أننا شعب إتكالي، يعشق أن يجلس بمكانه لا يحرك ساكن وأن يأتي آخرون ليخلصوه من أوضاعه السيئة وينتظرهم دومًا لتحقيق أحلامه وإن تأخر اعتبروه خائن و..... وتناسوا أنهم متكاسلين، وأنه ما ضاع حق وراءه مُطالب ولكن عليهم بدفع الثمن.
أما الفريق الآخر من الشعب فاستعد لاستقبال السيد أوباما بمزيد من الفتاوى التي تحث على قتله هنا بمصر لينال الشهادة وما إلى أخره من كلام حفظناه جميعًا عن ظهر قلب.
وأما أنا باعتباري واحدة من الشعب المصري لو سألوني عايزة إيه من أوباما؟ هقولهم حاجة بسيطة عايزة عربية وشقة في الهرم (مش أنعرة لا سمح الله لكن بس عشان أكون جنب الهرم وأبو الهول وأحس بأصالة بلدي مع كل صباح جديد).
وأنت عزيزي القارئ ماذا تنتظر من أوباما؟ وماذا ستطلب منه؟ |