بقلم: عبد صموئيل فارس
مصر تعاني من اضطراب داخلي ليس في الشارع السياسي كما هو متّبع عند إطلاق هذا المصطلح ولكن في العلاقات الاجتماعية بين المواطنين، ويتفاقم هذا التوتر ويشتد من الناحية الدينية نتيجة لحالة الهوّس الديني الذي سيطر على كل شبر داخل مصر.
فكل المجتمعات الفاعلة داخل الشارع المصري تعمل في اتجاه واحد وهو إذكاء النزعة الدينية التي من المفترض أنها أساسًا في التكوين السيكولوجي داخل نفوس المصريين ولا تحتاج إلى تدعيم بهذا الشكل، كما يحدث الآن ولكن إذا أردت أن تروّج لأي أفكار أو سلعة أو احتواء أي جماعة آيًا كانت فعليك بهذا الوتر الفعال لتصل إلى ما ترنو له أي مؤسسة أو جمعية، وأمام هذا الصخب كان لابد من حدوث توترات تصل لحد الاعتداءات دائمًا يكون الأقباط هم الطرف المُعتدىَ عليهم.
على هذا النمط يسير الشارع المصري ويمر بفترات من الهدوء النسبي ولكن هناك خفافيش الظلام بين الحين والآخر يلعبون بعقول ونفوس المصريين ويجيشون الفتن لإطلاقها في الوقت الذي يحدده أمراء الظلام، فهناك أمراء من الخارج يحركون الوتر من أجل أن يزعزعوا استقرار هذا البلد وهم يعملون بحرية تامة وفي العلن وبدون أدنى إزعاج من أي جهة.
وهناك أيضًا أمراء الداخل والذين يعملون وفق أجندة منقسمة إلى قسمين خارجي يحمل أفكار متطرفة قادمة من الخارج وتجد التمويل اللازم لنشر أفكارها وقسم داخلي يحمل الفكر الديني المُسيّس وهو أخطرهم لأنه على استعداد أن يتحالف مع الشيطان في أي مكان من أجل أن يصل إلى كرسي الحكم وليس له أدنى انتماء يذكر لهذا الوطن، بل الانتماء يكون منصب لتحقيق هذا الحلم الخلافي والدولة الدينية التي تداعب خيالهم. وفي كل ذلك هناك أدوات تعمل بها هذه الفوضى البشرية، وأخطر هذه الأدوات (الإعلام) وهو ما تسيطر عليه هذه الجماعات بنسبة كبيرة جدًا داخل مصر، فهناك على سبيل المثال جريدة مثل "صوت الأمة" هي في الحقيقة من المفترض أن تسمى بـ "صوت الفتنة" والمؤسف أنها لا تمتلك أي خبر له خلفية واقعية فكل الأخبار من محض خيالهم المتطرف المريض، وهي تعي جيدًا طبيعة المصريين وتسعى في إثارتهم من أجل تحقيق مكاسب مالية تكون على حساب أرواح ودماء أبرياء وكبت حريات.
فمثلاً ملف التنصير هو من الملفات الشائكة داخل المجتمع المصري الآن نظرًا لطبيعة المجتمع وخلفياته التي تم توضيحها داخل المقال تجد كم من الشائعات المغرضة التي تتهم الأقباط والكنيسة وتصل إلى اتهام أفراد بعينهم على صفحات هذه الجريدة بتهمة التنصير وكم المقالات والمانشيتات الساخنة المُحرّضة بطرق مباشرة ضد الأقباط.
لا يخلو عدد من هذه الصحيفة إلا وتجد هذا الأمر داخله في تحريض علني، ولا يوجد مَن يسأل هذه الصحيفة أو غيرها ولن يوجد أمام هذا الوضع الخلافي القادم والذي تعيشه مصر حاليًا خيوط الفتنة في أيدي الكثير من الأطراف داخل دائرة المجتمع المصري بما في ذلك الحزب الحاكم الذي يموّل ويغذي بطرق مباشرة وغير مباشرة هذه الفتنة ويحمي أمراءها بصورة غير مسبوقة هذه الأيام، من أجل ماذا؟ لا أحد يستطيع فك طلاسم هذه المعادلة الدينية السياسية المعقدة!!
ناشط قبطي وباحث بمركز الدراسات العلمانية والهيئات القبطية |