CET 09:36:13 - 22/05/2011

أخبار مصرية

إيلاف - خالد الجوهر

10 أيام مضت على أزمة السولار في مصر، السيارات مازالت تقف بالطوابير للحصول على "صفيحة" تمنحهم جواز السير في الشوارع، مخابز أعلنت إيقاف التشغيل وجرارات "الحصاد" أوقفت حركة السير على الطرق الزراعية بعد أن إرتصت في طوابير طويلة أمام محطات البنزين.

صورة لشجار على أولوية تموين سيارة في إحدى محطات الوقودأزمة السولار في مصر ليست جديدة على الإطلاق بل مشكلة تتكرر كل عام وإن كانت حدتها هذه السنة أكبر.. كما إنها تأتي بعد أزمة الغاز والتي أعلنت مصر أن إحتياطيها منه لا يزيد عن يوم وأن دولة قطر بصدد إرسال شحنة عاجلة لها هدية من سمو أمير البلاد.. إلا أن الهدية لم تأتي حتى اليوم مما دفع وزارة البترول المصرية إلى طلب تخصيص عاجل لإستيراد الغاز هو الآخر.

مصر تستورد "طن" السولار بحوالي 1000 دولار (5950 جنيه) وتصل تكلفته بعد التحميل للمحطات إلى 6600 جنيه فيما تبيعه للمواطنين بحوالي 15% من سعره (900 جنيه) وتستورد مصر سنوياً حوالي 5.1 طن من السولار بلغت فاتورتها العام الماضي 5.1 مليار دولار وتدفع وزارة المالية الفرق من خزينة الدولة وبالطبع لا يمكن أن يتم دفعه من قبل المواطن نظراً للفارق الكبير بين السعرين وحتى لو تم مضاعفة السعر فلن يصل بأي حال من الأحوال إلا لحوالي ربع السعر العالمي، الغريب في المصريين أنه يشترونه من السوق السوداء بأكثر من سعره الرسمي حيث يصل السعر ما بين 35 إلى 45 جنيه للصفيحة (20 لتر) في حين أن سعرها الرسمي 22 جنيهاً في الوقت ذاته يرفضون قيام الحكومة برفع السعر ولو قليلاً للتخفيف من عبء فاتورة الإستيراد! كما أن الكثيرين من سائقي الأجرة ما زالوا يرفضون تحويل سياراتهم إلى الغاز الطبيعي بدلاً من السولار بحجج واهية مثل تأثير الغاز السلبي على الماكينة والسرعة.. إلخ إلا أنهم في قناعة أنفسهم لا يريدون دفع مبلغ التحويل والذي يزيد عن 4000 جنيه.

يتخذ المصريون من السولار وقوداً للسيارات خاصة القديمة منها وسيارات الأجرة والميكروباص والجرارات الزراعية والمخابز ومراكب الصيد كما أن هناك عدد من المصانع مازالت تستخدمه في عمليات التصنيع خاصة المصانع الصغيرة ومصانع المواد الغذائية وأفران صناعة الطوب.. إلخ. والمعروف عن السولار دولياً أنه واحد من أكثر أنواع الوقود تلويثاً للبيئة كما أنه يسبب الكثير من الأمراض الصحية خاصة لدى الأطفال والنساء الحوامل ويعد أكثر الأنواع الحاملة لمادة الرصاص السامة.. وقد حاول وزير البترول السابق ـ سامح فهمي ـ في الإقلال من إستيراده وتحويل المستهلك لأنواع أخرى من الوقود إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل الذريع.

وزارة المالية كانت سبق وأن أعلنت عن موافقتها على تخصيص 300 مليون دولار من إحتياطي مصر من العملات الأجنبية وبشكل عاجل لتمويل عمليات الإستيراد لشحنات السولار والغاز من الخارج على أن تغطي تلك العمليات إحتياجات مصر حتى نهاية شهر يونيو القادم ولكن خبراء يرون أن تلك المبالغ غير كافية خاصة وأن الوزارة طلبت 600 مليون دولار لهذه الفترة بسبب الطلب العالي على تلك المواد وهو طلب يتجدد كل عام ويأتي بسبب زيادة الإستهلاك في موسم جني القمح إضافة إلى أن الحركة الإقتصادية لعدد من المصانع قد أرتفعت وتيرتها مما زاد من عمليات الإستهلاك، وسرعان ما أستجابت لهم الوزارة بعد تفاقم الأزمة وقامت بمنحفها مبالغ إضافية لإستيراد السولار والغاز.

الشيء اللافت في هذه الأزمة هي تصريحات المسؤولين التي لم تختلف نهائياً عن تصريحات قرنائهم آبان عهد مبارك حيث نفى المهندس عبدالله غراب وزير البترول والثروة المعدنية المصري وجود نقص للسولار بمصر قائلاً: المستودعات الرئيسة فى مصر بها ما يكفى للاستهلاك، مؤكداً أن موسم الحصاد هو السبب فى وجود نقص بالسولار الموجود بالمحطات، كما إن المهندس محمد شعيب نائب رئيس الهيئة العامة للبترول بين أن الكميات المعروضة من السولار بالأسواق كافية والهيئة ضخت مؤخراً زيادات بلغت 8% عن متوسط استهلاك مايو 2010م لتلبية ارتفاع الطلبحيث سيتم ضخ 40 ألف طن من السولار يومياً، الغريب أيضاً أن وزير التضامن والعدالة الاجتماعية الدكتور جودة عبد الخالق قام بتفقد محطات السولار بإحدى المحافظات المصرية ليكتشف بنفسه وهم تصريحات زملائه العاملين بوزارة البترول حيث تأكد من وجود عجز كبير فى كميات السولار التى تطرحها هيئه البترول فى الأسواق وشكا له العاملين بمحطات الوقود معاناتهم فى الحصول على السولار من شركات البترول مؤكدين أن حصص المحطات من السولار انخفضت بشكل كبير رغم زيادة إقبال المواطنين وأصحاب المنشآت على الشراء بسبب موسم الحصاد، وهو بالطبع عكس تصريحات مسؤولي وزارة البترول، فإذا كان الأمر هكذا فأين إذن المشكلة؟

عدد الخبراء والإقتصاديون يؤكدون أن المشكلة عائدة إلى الضمير الذي أستغل غياب الرقابة وذهب يعبث بمقدرات وثروات البلاد هادفاً تحقيق أرباح بأي شكل حيث ذكرت الصحف أن هناك مافيا تتحكم بعمليات توزيع السولار في المحطات كما تحكمت قبل أيام في توزيع أنابيب "غاز الطبخ" ورفعت من سعره المقدر رسمياً بـ 2.5 جنيه (0.45 دولار) إلى 50 جنيه (9.5 دولار) في بعض المحافظات وهو سعر لم يصل إليه في عهد الرئيس السابق ولكن غياب الضمير والرقابة جعلهم يفعلونها، وهي ايضاً من رفعت سعر صفيحة السولار إلى هذه الأسعار المبالغ فيها والتي تتضاعف عن سعر الدولة الرسمي، الوزير نفسه وقف أمام الكاميرات مؤكداً أن المشكلة الأساسية تكمن فى غياب ضمير بعض من يستغلون الظروف الحالية لمصالحهم متهماً موزعى السولار في المحافظات بالتلاعب فى توزيع الحصص واختلاق أزمة فى السوق بهدف تحقيق أرباح خيالية واستغلال الظروف الحالية التى تمر بها البلاد.

المثير في الأمر أنه ووسط هذه الأزمة ضبطت وحدات حرس الحدود المصرية 3 قوارب صيد تنقل كميات كبيرة من السولار المهرب لبواخر سورية وأجنبية فى عرض البحر، كما ضبطت عدد من المقطورات المحملة بالمواد البترولية لسفن أجنبية مارة بالبحر الأحمر وقناة السويس بمنطقتى ساحل خليج السويس ورأس سدر متزامنة مع حملة للكشف عن ممرات تهريب جديدة بساحل رأس سدر وألقى القبض على المتهمين وحمولات السولار أثناء قيامهم بتهريبها عن طريق خراطيم تحت الأرض إلى السفن الأجنبية وضبطت مقطورة تحمل 52 ألف لتر سولار مدعم كانت فى طريقها لتلك السفن بالقرب من منطقة العين السحنة بالسويس، وتعد عمليات التهريب إحدى المشاكل التي تواجه مصر حيث يرتفع سعره للسفن العابرة والأجنبية إلى 3 أضعافه وهو الأمر الذي يجعل من عملية تهريبه شيء مربح ويستحق المخاطرة من وجهة نظر المهربين غير عابئين بأحوال البلاد والفترة العصيبة التي تمر بها.

التجار بدورهم أستغلوا الموقف حيث رفع تجار الفاكهة الأسعار 10% وأرتفعت أسعار الأسماك إلى 8% ووصل سعر الكيلو من الدجاج الحي إلى 15 جنيهاً وأرتفعت أسعار مواد البناء ما بين 10 إلى 30%، قبل يومين سقط أحد السائقين مقتولاً في معركة للحصول على "صفيحة" من السولار وأصيب 15 آخرون في مكان آخر بعد تدافعهم على إحدى المحطات وأندلعت العديد من المشاجرات أستخدمت فيها الأسلحة البيضاء (السيوف والسنج والمطاوي) في محطة أخرى لتنقل 15 سائقاً وعاملاً على أثرها للمستشفى بعضهم في حالة خطرة، كما أمتنعت بعض محطات البنزين من إستلام حصتها من السولار خوفاً من البلطجية ورفض العمال بتلك المحطات التضحية بأنفسهم من أجل أرباح يحصل عليها صاحب المحطة، ليسأل أحد السائقين زميله الواقف بجواره في الطابور: يا "خويا" إزاي مبارك وحاشيته كانوا بيديروا البلد دي؟!.. ليرد "والله ما أنا عارف"!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع