CET 00:00:00 - 06/06/2009

مساحة رأي

بقلم: جرجس بشرى
كنّا قد طالبنا الرئيس الأمريكي باراك أوباما عبر مقالات صحفية نشرها موقع "الأقباط متحدون" بأن يكون خطابه للعالم العربي والإسلامي من مصر خطابًا عامًا وليس خطابًا عُنصريًا، بمعنى أن لا يخاطب العالم العربي والإسلامي من مصر ويتجاهل في نفس الوقت قضايا غير المسلمين من الأقليات الدينية بمصر والدول العربية والإسلامية.
وجاء خطاب أوباما الذي ألقاه في جامعة القاهرة الخميس 4 يونيو الماضي ليؤكد على نبذ العُنصرية والتأكيد على مبادئ الشراكة والحوار والديمقراطية، والذي يُحلل الخطاب يُدرك على الفور أنه شديد البلاغة وصياغته موضوعة ببراعة فائقة للوصف، كما أن مضمونه يحمل في طيّاته قِيّم ورسالات ودلالات قوية وعميقة موجّهة ليس للعالم العربي والإسلامي فحسب بل ولجميع دول العالم بما فيهم أمريكا نفسها!

فلقد تناول الخطاب بشكل قاطع موقف الولايات المتحدة الأمريكية من الإرهاب ورفضها التام لكافة أشكال العُنف والتطرف الديني واستعدادها للدفاع الفوري عن نفسها كدولة عظمى في العالم في حالة تعرُضها لتهديدات إرهابية من قِبل مُتشددين ومُتطرفين دينيًا، فلم يخذل الخطاب توقعات وتطلعات العالم العربي والإسلامي من خلال تناوله لموضوع السلام في الشرق الأوسط وضرورة قيام دولتين إسرائيلية وفلسطينية تتعايشان جنبًا إلى جنب ومنع سباق الانتشار النووي في المنطقة، والأهم في خطاب أوباما هو حثّه الدول العربية والإسلامية بالتصدي للتطرف والإرهاب، مُطالبًا المجتمعات المسلمة بعزل المتطرفين والتصدي لهم بحسم حيث قال بالحرف الواحد: "كلما عزلنا المتطرفين وأشعرناهم بأنهم غير مُرحب بهم في المُجتمعات المُسلمة وهم في طور مُبكِر، سنكون أكثر أمانًا"، ولم يفـُت أن يؤكد أوباما على التزام الولايات المُتحدة الأمريكية بمُساندة الديمقراطية وحقوق الإنسان  ليس في الدول العربية والإسلامية فحسب بل في أي مكان في العالم وقال: "أن الشعوب تريد  حكومات شفافة لا تسرق وتنهب أموال الشعب وتتطلع لحرية اختيار طريقة الحياة، مؤكدًا على أن هذه المفاهيم أو الأفكار ليست مُجرد أفكار أمريكية بل هي حقوق إنسان وأنه سيستمر في تأييدها ودعمها في أي مكان على الأرض"!

ولم يتناسى الشاب الأسمر أوباما أن يرسل رسالة قوية للأنظمة السلطوية ولجماعات الإسلام السياسي التي تتخذ من الديمقراطية وسيلة مؤقتة للوصول للحكم بقوله "أن هناك البعض الذين يطالبون بالديمقراطية عندما يكونوا خارج سُدة الحُكم وعندما يتسلمون السُلطة يقمعون دون هوادة حقوق الآخرين"، وبحكم كون أوباما رجل قانون وناشط مرموق في مجال الأقليات فلم ينس مسئوليته تجاه الأقليات الدينية في الدول العربية والإسلامية، بل طالب بكل صراحة ووضوح حُكّام هذه الدول باحترام حقوقهم والتأكيد على ضرورة إرساء قيمة التسامح التي أعتبرها ضرورية لازدهار الأديان. ولأول مرة يُطالب رئيس أمريكي في خطاب للعالم كله بضرورة احترام حقوق الأقباط في مصر والموارنة في لبنان! وضرورة الوفاق والمُصالحة بين السُنّة والشيعة! وهو ما يجعل من هذا الخطاب شاملاً وعامًا بل وحقوقيًا في المقام الأول ويجعلنا أيضًا أمام رئيس أمريكي من نوع فريد، فلقد أذهل أوباما العالم بخطابه وجعل قلوب العالم العربي والإسلامي بالذات تتطلع بلهفة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن نزع فتيل العداوة القديمة بطريقة يحسده عليها كثيرين، مُعلنًا عن بدء مُصالحة بين أمريكا والعالم العربي والإسلامي بعيدًا عن أسلوب الضغط والإملاءات ولكن على الجانب الآخر يجب على العالم العربي والإسلامي أن يتفاعل إيجابيًا مع الخطاب دون الاكتفاء بالمدح أو الثناء.

وأتمنى أن يكون هناك اجتماع على مستوى خارجية الدول العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي للخروج ببيان موّحد يُعربون فيه عن موقفهم الرسمي وما سيفعلونه مُستقبلاً  لتفعيل هذا الخطاب على أرض الواقع، وهذا أبسط الإيمان!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق