بقلم: القس سامي بشارة عندما أكون مريضًا فأنا أحتاج إلى طبيب لا إلى قراءة كتاب عن الطب، وعندما أكون متهمًا في المحكمة فأنا أحتاج إلى محامي لا إلى الإطلاع على كتاب في المحاماة، وعندما تأتى لحظة الموت فأنا أحتاج إلى شخص يعبر بي هذه اللحظة إلى بوابة الأبدية ويموت بدلاً عني دافعًا ثمن خطيتي وذنبي، إلى حي يأخذ موتي ويعطيني حياته، وهذا ما قدمه ويقدمه يسوع المسيح عندما أحبني وأسلم نفسه لأجلي. في واقعي اليومي يوجد شخص فريد يمكنه أن يغير واقع حياة الأفراد والأمم كما يمكنه أن يغير حياة الواقع للأمم والأفراد هنا والآن، هو شخص له قدرة خارقة وطبيعة فائقة قدم الحل الأمثل للخطية ألا وهو الصليب، أذكر عندما جاء الشيطان ليجرب السيد المسيح على جبل التجربة قدم له حلولاً كثيرة كانت كفيلة بحدوث تغيير كبير في حياة وخدمة السيد منها الحل الإقتصادي والحلم بالرخاء بأن يصيّر الحجارة خبزًا، ولكن المسيح رفض ادعاء إبليس بأن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة من الله، ثم قدم إبليس السلطة على أنها الحل السياسي لمعاناة الجسد المادية وأيضًا رفض السيد هذا السلطان المزعوم، وأيضًا أراد الشيطان أن يغري السيد المسيح بحل مُغلف بإطار ديني عندما أراد أن يقدم يسوع له العبادة والسجود في مقابل الزعامة الدينية باستعراض القوة المعجزية واستخدام السلطة الدينية، وفي كل ذلك تمسك حمل الله الذي يرفع خطية العالم بالحل الإلهي لمشكلة الإنسان ألا وهو الصليب وثبت عينيه على أورشاليم، التغيير مطلوب وكلنا نحتاج إليه لكن السؤال هل تُصلح السياسة ما أفسدته الخطية؟ وكيف؟ هل كل حاجة الإنسان إلى اقتصاد منتعش ومستقر ليشعر بالأمان؟ إن حاجة الإنسان كما الدول إلى رسالة الخلاص وإلى عمل الفداء وإلى المحرر الأعظم، إن الإمبراطوريات تموت كما تموت أصغر ذبابة وتنذوي كما تنذوي الريح العاصفة، وإن كل أفكار التحرير تحتاج إلى عقود لكى تحقق كما حدث مع مارتن لوثر كنج محرر السود في أمريكا بلد الحرية عندما رفع شعار I have a Dream وتحقق الحلم في قرن آخر، وأفكار المهاتما غاندي في الهند الكفاح السلمي وثورة الملح التي احتاجت إلى سنين، وأفكار ابراهام لينكولن محرر العبيد احتاجت إلى عقود من الكفاح والنضال، ولكن ما يقدمه يسوع يمكن أن يحدث في لحظة ويستمر العمر كله عندما يتوج على عرش القلب ويجلس إلهًا مشيرًا قديرًا على عرش أكبر الإمبراطوريات أبًا أبديًا رئيس السلام، إن ما يقدمة السيد المسيح هو بمثابة رسالة بشرى للمساكين ورسالة شفاء للمنكسرين ورسالة إطلاق للمأسورين ورسالة إبصار لغير المبصرين ورسالة حرية للمقيدين ورسالة قبول للمنبوذين ورسالة صداقة للمهمشين، إذ يقول تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم فأنا هو الطريق والحق والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا. إن التغيير الذي نحتاجه هو إلى المسيح وإن التغيير الذي نريده هو إلى صليب المسيح، وإن التغيير الذي يتحقق هو ما يقدمه المسيح لنا في واقع الحياة اليومية بعيدًا عن تجاذبات السياسة وألاعيب الساسة في أن تقول ولا تفهم وأن تعد ولا تفي وقدرتهم على التلاعب بالكلمات التي تدغدغ مشاعر الجماهير، لقد قاد السيد المسيح ثورة على الحياة عندما قدم الحياة على صليب الجلجثة وقدس جسده قربانًا للخطية وهزم الشيطان بالنقاط خلال مسيرة الحياة اليومية وهزمه بالضربة القاضية على مذبح الجمجمة وهزم الموت وكسر شوكته بقيامته الهادية، إن تطلع العالم ولا سيما شريحة الشباب لا يعد أكثر من التطلع إلى بطل أو نموذج أو قدوة في وقت قل فيه الأبطال وندرت فيه النماذج وانعدمت فيه القدوة كما كان في أيام حكم الفراعين الطغاة والحكام المتشبثين بالعروش حتى الموت لدرجة أنهم يحولونها إلى نعوش يدخلون به أبواب القبر، والصورة الأقرب هي في أيام يوسف بن يعقوب صاحب الأحلام فقد كان في نظر المصريين وآل يعقوب والعالم آنذاك مخلص العالم من الجوع والفقر والضعف والعبودية، وهذه صورة حاضرة في عالمنا اليوم بأكثر قوة وأكبر حظوة، وشتان الفرق بين التغيير الذي قاده يسوع المسيح مخلص العالم من الخطية والموت ومن سلطان إبليس وبين يوسف أو أوباما أو لوثر كنج أوغيره، فهم مجرد شعاع من كوكب الصبح المنير ومجرد طيف من قوس قزح رمز العهد الجديد ومجرد خطوة على الطريق ويبقى يسوع الطريق، ومجرد حرف من كلمة الحق ووحده يسوع الحق الحقيقي ومجرد نفس من شهيق وزفير الحياة وفقط يسوع معطي الحياة، ومجرد مبشرين يرسلهم أمير السلام وليس غيره يسوع مانح سلام الله الذي يفوق كل عقل. كلنا نحتاج التغيير هكذا رفع الحزب الديموقراطي الأمريكي شعار المرحلة القادمة ليس لأمريكا فقط بل للعالم، ولنا فيما يحدث للإقتصاد الأمريكي عبرة ولنا فيما حدث للإمبراطوريات العظمى مثال، فالأفراد يتبدلون والحكام يتغيرون ولكن يسوع هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد. والسؤال محك البحث الآن هل نريد التغيير؟ إن الإرادة الشخصية مهمة جدًا للتغيير كما أن الإرادة السياسية مهمة لقيادة التغيير وكما كانت الإرادة الشعبية دائمًا رائدة التغيير عبر التاريخ النبيل، فيا ليت لنا هذه الإرادة لنفول "الآن أقوم وأرجع إلى أبي وأقول له أخطات إلى السماء وقدامك ولست مستحقًا أن أدعى لك ابنًا بل اجعلني كأحد أجراك" (لو 15 : 19)، "الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديدًا" الكل جديد الإرادة والفكر, القلب واللسان, الفرد والدولة, الحاكم والمحكومين, الراعي والرعية. إن النموذج والمثال الذي يقدمه يسوع هو نموذج حياتي واقعي يمس الإنسان العادي ويلمس احتياج الفرد في مفردات المواقف اليومية، وأهم ما يميز النموذج اليسوعي أنه نموذج حقيقي ليس مبالغ فيه أو مثالي أو خيالي بل يمكن أن نراه بعيوننا ونشاهده بأبصارنا ونلمسه بأيدينا، لأننا ببساطة اختبرناه وجربناه وعشناه وتحققنا منه، فهو تغيير يمكن أن يُعاش وحياة يمكن أن تُستوعب، لأنه في بساطته يُعلن أن يسوع يقدم نفسه ويبذل ذاته ويكسر جسده ويعطي محبة عميقة عمق محبة الله لنا وصادقة صدق الله وثابتة كثبوت الله ليس مجرد أفكار أو حماسة أو نظريات أو عقائد بل حياة تبدأ وتنمو وتنضج وتكبر ولا تشيخ أو تموت أو تنتهي، فهو ميراث لا يفنى ولا يتدنس أو يضمحل خالدة خلود الله ودائمة أبد الدهر كديمومة وسرمدية الله الأزلي الأبدي، إن الله في يسوع هو كمال المحبة وهو المحبة في كمالها وإن مشكلة الإنسان هي الخطية وحل الله للخطية هو في يسوع ابن محبته وهو ثورة التغيير ونبتة التنوير التي يقدمها الله لعالم الإنسان لكى يكون التغيير بحق وحقيق إلى صورة الله في وجه يسوع المسيح وهو وحده من يصنع هذا التغيير، فهل تحتاج التغيير؟ وهل تريد التغيير؟ خذ قرار بقبول يسوع والتغيير الذي يصنعه يسوع. وبعد أكثر من مائة يوم من حكم أوباما وأعتقد أنه حتى لو حكم أمريكا رئيس مسلم من السبعة مليون أمريكي مسلم سيقول نفس الكلام الذي قاله أوباما المسيحي في الإيمان والمسلم في معظم اقتباساته وفي فترة من تاريخ حياته وفي استدعائه لتاريخ الأندلس إبّان الحكم الإسلامي، فهو يشبه كثير من مسيحيي الشرق الأوسط الذين يعيشون بقلب مسيحي وثقافة إسلامية تخلق نوعًا من الازدواجية، على العرب والعالم الإسلامي أن يدركوا أن التغيير يأتي من الداخل وأن الغرب قام على الديموقراطية وحرية العقيدة وقبول الآخر والتعددية واحترام الأقليات وحرية المرأة ونبذ العنف والتنمية الإقتصادية، وأن تكون الحكومات في خدمة شعوبها وتداول السلطة وتقديس العمل ومقاومة الإرهاب وحق الجميع في حياة كريمة ويبقى الدين لله والوطن للجميع، وعلى العالم الإسلامي أن يسعى إلى التقدم وبناء الحضارة الإنسانية وأن ينبذ الكسل والكذب والتدين الشكلي ويضع المواطنة حجر أساس لقبول الأقليات. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت | عدد التعليقات: ٥ تعليق |