CET 00:00:00 - 08/06/2009

مساحة رأي

بقلم: مجدي ملاك
تابعت كما تابع الكثيرين خطاب أوباما الذي تحدث فيه تقريبًا عن عدد كبير من القضايا التي ربما كان يحتاج أن يسمع العالم وجهة النظر الأمريكية في هذه القضايا في هذا الوقت تحديدًا الذي يبدو للجميع أن الولايات المتحدة لديها حزمة مختلفة لا أقول في السياسات بقدر ما هي في كيفية تحقيق الهدف من إستراتجيتها القومية بشكل عام، أو ما يمكن أن نطلق عليه اختلاف في التكتيكات العامة للولايات المتحدة الأمريكية وهو أمر في السياسة الأمريكية وارد بشكل كبير خاصة بعد مرور ثمانية أعوام من استخدام إستراتيجية المواجهة التي تبناها جورج بوش الابن والتي نتج عنها بشكل كبير اتساع الفجوة بين العالم العربي من ناحية والعالم الإسلامي من ناحية أخرى.

والملاحظ في خطاب أوباما أنه كانت هناك نوعين من ردود الفعل حول هذا الخطاب، ردف الفعل الأول كان ايجابي حيث رحب معظم نشطاء حقوق الإنسان ومعظم الدول بذلك الخطوات واعتبروه هو الأهم لرئيس أمريكي منذ زمن طويل، كما رأى البعض في خطاب أوباما رؤية جديدة للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي خاصة مع تركيز أوباما على انتقاد التوسع الاستيطاني في القدس.
ومن ثم رأى الجناح المؤيد للخطاب أنه يجب انتهاز فرصة وجود أوباما على رأس الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل زيادة العمل المشترك في النقاط التي تحوي اختلاف بين الجانبين، ولا شك أن هذا الجانب لا يعتقد كما يقول البعض أن الرئيس أوباما تخلى عن قضية حقوق الإنسان من أجل التقرب من الحلفاء التقليديين.

ولكن يمكن القول أن تلك المجموعة تؤمن إن ما تغيّر ليست السياسات العامة ولكن طريقة تنفيذ تلك السياسات واللغة المستخدمة أيضًا في نقل ما تريده الولايات المتحدة من سياسات عامة، فأوباما يتميز بأنه لم يتحدث بلغة مشروطة بل تحدث إن هذا يجب أن يميز الأمم التي تريد أن تتقدم وأن لا يوجد أمة يمكن أن تتقدم دون أن يحقق الساسة فيها كرامة لتلك الأمة، والكرامة هنا تعني بلا شك الجانب الحقوقي في مجمل القضايا التي ركز عليها الرئيس أوباما.
إذًا يمكن القول إن الجانب الذي رحب بخطاب الرئيس أوباما يعلم تمامًا أن ربما تكون اللغة قد تغيّرت، ولكنها تغيرت للأفضل لأنه حتى نشطاء حقوق الإنسان وغيرهم لا يؤيدون الطريقة التي كان يتحدث بها الرئيس جورج بوش حتى ولو كانت ستخدم مصالحهم لأن بوش كان يتحدث بشكل ربما يمس الوطنية في حالة الموافقة على ما كان يطرحه أو على أسلوبه في الحوار، ولكن المهتمين والذين يدركون معنى السياسة يدركون أن هذا أفضل ما يمكن أن يقدمه أوباما على كافة الأصعدة مع الأخذ في الاعتبارات التوازنات السياسية للولايات المتحدة الأمريكية. 

أما على الجانب الآخر فكان هناك تيار رافض لهذا الخطاب وهذا التيار هو التيار المتشدد بكل صوره، بداية من بن لادن وحتى جماعة الإخوان المسلمين ولكن التركيز هنا لن كون على بن لادن بالطبع لأن بن لادن رجل يرفض كل الخطابات غير الدموية بالطبع.
وطالما كان خطاب أوباما غير دموي فبالتالي سيرفضه بن لادن ومَن على شاكلته، أما الأمر الأهم في تلك النقطة فهو موقف الإخوان المسلمين في حد ذاته وهو موقف يتسم بالغرابة إلى حد كبير، حيث اعتبرت جماع الإخوان المسلمين خطاب أوباما حملة علاقات عامة وليس أكثر، وحينما كان يتحدث بوش بلغة فظة أيضًا كان يواجه اعتراض من جانب جماعة الإخوان إذًا علينا أن نفهم لماذا ترفض جماعة الإخوان المسلمين خطاب أوباما.

أولاً: خطاب أوباما أضاع عليهم الفرصة الكبيرة لإمكانية دخول الحلبة السياسية حيث كان يعولون كثيرًا على موقف الولايات المتحدة من أجل الضغط لقبولهم في الساحة السياسية وهو أمر تغير في السياسية الأمريكية الجديدة، حيث تعهدت بعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، وهو ما يعني ضياع فرصة الإخوان المسلمين في إمكانية لعب دور سياسي في المستقبل خاصة ونحن على مشارف انتخابات لمجلس الشعب خاصة بعدما أكد الدكتور مفيد شهاب إن مجلس الشعب سيتم حله بعد ثلاثة شهور تقريبًا من الآن.

الأمر الثاني هو ما يتعلق بالموقف الأمريكي من جماعات الإسلام السياسي بشكل عام، حيث تعتبر الولايات المتحدة تلك الجماعات هي السبب في العنف داخل معظم المجتمعات ومن ثم ونظرًا لأن جماعة الإخوان المسلمين هي في الأساس جماعة إسلامية سياسية حيث تمارس دور سياسي في الخفاء فهذا يعني أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع تلك الجماعات إذا استخدمت العنف في أي مرحلة من المراحل.
ومن ثم فإدانة جماعة مثل حماس في استخدامها العنف يضر بجماعة الإخوان المسلمين التي تؤيد نهج العنف الذي تستخدمه حماس في قتلها للأطفال والأبرياء الإسرائيليين من خلال صواريخ حزب الله.

لذلك يمكن القول أن الخاسر الكبير في خطاب أوباما هي جماعات الإسلام السياسي التي رأت أن خطاب أوباما أنكر عليها أحد أهم آلياتها في تحقيق ما تريد وهو العنف والتطرف، ومن ثم فهذا الحوار لا يمكن أن يروق لجماعة الإخوان المسلمين التي ترى أن هذا ضد التكتيك العام لها في كفيفة الوصول للحكم في يوم من الأيام خاصة أن الرئيس أوباما تحدث عن الجماعات الإسلامية التي تصل إلى الحكم وتعد بالديمقراطية ثم بعد أن تتولى الحكم تتحول إلى ديكتاتورية وفساد وقهر لشعوبها.
اعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين ستكون أشد المعارضين لخطاب أوباما وسياسة الولايات المتحدة في الفترة القادمة لأنها سياسة ضد كل ما كان يخطط له الإخوان من كيفية الاستفادة من الظروف الدولية في الوصول لحلك الحكم، وهو يحلم يبدو أنه أصبح مستحيل المنال في ظل السياسة الأمريكية الحالية كما يعتقد الكثير من الإخوان المسلمين أنفسهم.  

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ٧ تعليق