CET 02:12:34 - 08/06/2009

مساحة رأي

بقلم: د. صبري فوزي جوهرة

رغم علمي بان القارئ العزيز قد طفح به الكيل مما قيل وكُتب عن خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي ألقاه في جامعة القاهرة ومنها الغث والثمين, إلا أنني ألتمس منكم السماح لى بمشاركتكم لبعض الخواطر والافكار التي سأسردها مرقمة أسفل هذه السطور:

1. تحية لروح الزعيم العظيم الأستاذ الدكتور شوقي كراس وكل من رحل من زملائه من رواد العمل القبطي الذي كان و ما زال يرمي إلى تأكيد حقوق الأقباط في وطنهم، وتحية لمن أطال الله أعمارهم منهم ليروا بشائر أعمالهم وقد بدأت تثمر.

2. يجب ألا نتناسى العمل الحثيث من جانب أقباط اليوم الذي أدّى إلى إقناع الرئيس أوباما بالإعلان في خطابه بأن الحل العادل لمشاكل الأقباط هو أحد عناصر التقدم في علاقات المسلمين بالعالم المتحضر.

3. لم تعد معاناة الأقباط في وطنهم مادة للهمسات المرتجفة التي كانت تتداول في الحجرات المغلقة بين الأقباط, بل اصبحت القضية القبطية مُعلنة بوضوح لكل الشعوب خاصة بعد أن أشار إليها أقوى رجل في عالم اليوم من منبر دولي مطالبًا باعطائها الإعتبار الواجب إن أراد الظالمون لأنفسهم السلام والتقدم.

4. بناء على ما سبق؛ فقد أصبحت المسألة القبطية همّا عالميًا على الأقل من حيث المبدأ.

5. لقد فطن الرئيس الأمريكي إلى أن قسطًا من العدوانية الصادرة عن جماعات المسلمين يعود إلى شعور باطن بالنقص بالرغم مما يتفوهون به علنًا من العكس، وقد حاول بقدر استطاعته وقوة حجته وبالكثير من التملق أن يخفف حدة هذا الإحساس, وهذا أقصى ما يستطيع أن يفعل تجاه هذا الأمر، وبذلك وضع الرئيس الأمريكى الأمر في أيدى المسلمين, فدعاهم إلى فحص الذات بشجاعة وصدق (لم يعتادوا عليها) والعمل على إصلاح فساد وإفساد دام أربعة عشر قرنًا من الزمان حتى يستطيعوا اللحاق بالعالم والعيش معه في سلام.

6. أسرع المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السيد حسام زكي بمحاولة تحويل الإنتباه إلى ما أفصح عنه الرئيس أوباما من ضرورة التعامل المنصف مع مشاكل "الأقلية" القبطية، فأخذته الحمية فجأة برفض اعتبار الأقباط كأقلية, وهو الأمر الوحيد الذي تتطابق فيه آراء الأقباط والسلطة المصرية, وإن كان الأمر في حقيقته لا يتعدى ما يسمى بالـ "semantics", إلا أن موظف الخارجية الأمين حاول "الغلوشة" على الأمر الأهم و"انتهزها فرصة" ليتهرب من الإلتزام العلني أمام العالم بالعمل بتوصية الرئيس أوباما بالعمل على حل مشاكل الأقباط.

7. ظاهرة جديدة في المعسكر القبطي وهي أن يتحدث السيد ثروت باسيلي عضو المجلس الملي القبطي العام, هذا المجلس البائس في وضعه اليوم, والذى ضم في أيام فعاليته عمالقة مصر من أمثال ابراهيم فهمي المنياوي باشا وحبيب باشا المصري وغيرهم، بدأ المجلس الملي يتهته في أمور السياسة فاعلن السيد باسيلي (ويقال عنه أنه ممن لا يعترضون لدى السلطة عما يجري من إجحاف بحقوق من يمثلهم والعدوان عليهم) وتشجع ووافق أولاً عما قاله السيد حسام زكي من أننا لسنا بأقلية في بلادنا, وهو قول يُشكر عليه, ثم أوضح نقطة "الطناش" في تصريح السيد زكي من أن الرئيس أوباما كان يتحدث عن "الحرية الدينية". فهل لنا أن نأمل أن "كبار" أقباط مصر سيبدأون في التعبير عن آلامنا ومواجهة الحكومة بما تفعل أو لا تفعل لمواطني مصر الأصلاْء؟, أم أن ماقيل في هذا الشأن كان همسة خافتة لن تتكرر؟ رأيي الخاص أن المسيح لم يخطئ عندما قال أنه أسهل للجمل أن يدخل من خرم الابرة عن أن يدخل الغني ملكوت السموات... ولكنه في قوته الإلهية قد تبع ذلك مباشرة بالقول بأن ما هو غير مُستطاع عند الإنسان مُستطاع عند الله.

8. ربما كان ما رأيناه وسمعناه بداية على طريق الحصول على حقوقنا في بلادنا، ولكن علينا أن نتذكر بأن الإصرار والمتابعة أمران حتميان كما علمنا شوقي كراس, وأن الطريق وعر وطويل وقد يبدو لنا أحيانًا أنه يعود بنا إلى الوراء.

9. يجدربنا أن ننظم مكاتب اتصا ل (liaison offices) مستديمة مع البيت الابيض والكونجرس الأمريكي.

10. أرجو أن يستمرالنشاط القبطي في أوروبا وأستراليا إلى جانب الولايات المتحدة وكندا.

11. إنشاء مستودع (repository) لتسجيل كل مظاهر وحالات التفرقة والعدوان والاضطهاد المثبتة والموثقة والواقعة ضد أقباط مصر حتى يمكن تقديمها إلى مؤسسات العدل الدولية عند الحاجة ولتبقى كجزء من تاريخنا حتى لا يبتلعها النسيان.

 أما نظرة الفقير لله الشاملة لهذه "الهيصة" فهي أنه كما ستعود شوارع الجيزة إلى قذارتها بعد أن مر بها أوباما وخلاص, فهكذا ستعود الأمور في مصر إلى سابق ما كانت عليه، ليس من المتوقع أن يبرأ جرح متقيح أو مات أحد جانبه، فإن لم يُلقَى بالدستور القائم المتهتك إلى حيث... ويُستبدل بآخر ينص -إن أصرالمسلمون- أن مصر(من غير عربية) دولة علمانية يدين غالبية مواطنيها بالإسلام والبعض بالمسيحية, وأنها تُحكَم بقوانين لا تُفرق بين المصريين مطلقًا ولي سبب, وإن لم يستبدل الطاقم الحاكم الحالي بنظام جديد نظيف غير أبدي ملتزم بالدستور العلماني الجديد -وكل هذه أحلام بعيدة المنال-، فإن الأمور ستبقى على ما هي عليه بل وستنحدر إلى الأسوأ وخسارة فلوس الضرائب اللي دفعتها في وقود طائرة الرئيس أوباما في رحلته إلى أرض الكنانة.
وعوضنا كلنا على الله.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٩ تعليق