بقلم: زهير دعيم
تأخذني الحيْرة ويشدُّني الارتباك، حين أفكِّر في أمر المثليين وكلّ أنواع الشذوذ الجنسيّ، فمن ناحية أحبّ الإنسان؛ أيّ إنسان وأتعاطف معه، وأحزن لطائرة سقطت في أقصى الأرض أو أعماق المحيط، فتركت يتامى وأرامل وحزانى، كما وأذوب حزنًا لأطفال يعضّهم الجوع في إفريقيا او أمريكا اللاتينية أو مصر أو السودان، أو أية بقعة تحت قبة السماء.
وكذا الأمر مع المثليين وأمثالهم انهم مرضى، أشفق عليهم، وأرثي لحالهم, ابكي معهم ولأجلهم، ولكنّ إيماني الغير متزعزع بالربّ يسوع يجعلني انظر نظرة اخرى:.. فها هو السيّد له المجد يقول: "من بدء الخليقة ذكرًا وأنثى خلقهما، من أجل هذا يترك الرجُل أباه وأمّه ويلتصق بامرأته".
وها هو بولس الرسول يقول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس: "لا تضلّوا، لا زُناة ولا عَبَدة أوثان ولا فاسقون ولا مأبونون، ولا مُضاجعو ذكور يرثون ملكوت الله".... والأمثلة في الكتاب المقدس بعهديه كثيرة وقاطعة.
نعم... إنَّ الشذوذ هو مرض أو بالأحرى خطيئة شنيعة، لا تحتاج إلا إلى التوبة والركون إلى الله.
قد يقول بعض الدّاعمين لحقوق الإنسان وحريته، إنك تهذي، وإنّك رجوعيّ، لا تعشق الإنسانية كما تدّعي، ولا تستنشق نسيم الحريّة النقيّ والجديد والآتي من الحضارة!!!.. وينسى هؤلاء الذين يستندون على دعاوى حقوق الإنسان، والذين يدعمون الشذوذ الجنسيّ وأصحابه، ينسون ويتجاهلون، أنه ليس من حقوق الإنسان أن يُفسد نفسه او غيره، وليس له الحقّ أن يكسر كلّ الأخلاقيات المتوارثة في سبيل إشباع رغبة، شاذّة، متهورة، جانحة وجامحة.
فالحريّة الحقيقية لا تدعو إلى تدمير الإنسان وبيئته ومجتمعه، ولا تتعارض مع الوصايا الإلهية والأخلاقيات والآداب العامّة.
قد أشفق على مثل هؤلاء، وقد أحزن ولكنني لا أصفِّق لهم... وقد أرثي لحالهم ولكنني انتفض غضبًا مُقدَّسًا حين أرى زواجًا كنسيًا مقيتًا في ركن "متحرّر" بعيد!!! أهذا يدعى زواجًا أم فحشاء؟؟.
كلمة شذوذ في نظري شاذّة في موسيقاها، خشنة في وقعها، قاسية في تأثيرها.
كنت أريد أن امحوها من القاموس ومن النفوس، كنتُ أريد أن ألوّنها بالتوبة، وأصبغها بالرجوع الى نبع الماء الحيّ، فبالإرتواء من هذا النبع، تجفّ وتنضب هذه الأعشاب الغبراء الغريبة.
إنني أمتعض من القول المأثور: "العين بالعين والسّنّ بالسنّ" وأتبنّى أبدًا وبشوقٍ عارم واقتناعٍ جارفٍ المقولة النورانية: "أحبّوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، وصلّوا لاجل الذين يسيئون إليكم ويضطهدونكم".. أحبّهم جدًا، أحبّ هؤلاء الشواذ محبة ضافية، طاغية، عارمة، لذلك تراني –أو لا تراني- في مخدعي أصلّي لهم ليشملهم الله بعطفه وحنانه، ويعيدهم إلى الحظيرة، إلى العقل إلى التمتّع بمباهج الحياة، في حدود المعقول والمقبول والمُتّبع والمُشرَّع.
إنّ الانفلات والتسيّب سيدمران البشرية، أنهما كما الزؤان في حقل القمح... زؤان لا أدعو الى قلعه بالقوّة وحرقه، وإنما أدعو إلى الرأفة
به، ومساندته ليعود الى جادة الصّواب، لا إلى تشجيعه وإضفاء صبغة الشرعية على هذا اللا شرعي واللا إلهيّ.
العالم مُطالَب اليوم بالوقوف صفًّا واحدًا ضدّ كلّ ما يُدمِّر الأخلاقيات والآداب العامّة وإلا وصلنا وزرنا سدوم وعامورة، فرفعت الفحشاء رأسها تعاليًا.
حقًّا إن الدواء الشّافي للشذوذ هو فقط المحبّة الداعية إلى التوبة الحقيقية.
أحبّ أحيانًا أن أقطع في اللحم الحيّ، واستعذب السخونة الزائدة أو البرودة الزائدة ولا أحبّذ ولا أميل إلى الفتور أو إلى أولئك الذين يعرجون بين الاثنتين.
حان الوقت أن نقول لا... ونصرخ لا.. وألف لا... ولكن هذا لا يعني أن على المجتمع الدولي أن يقف حِيال هذه المشكلة المستعصية، الأليمة، وقوف المُتفرّج، بل عليه أن يُداوي ويبلسم، ويجد يقترح الحلول، ويدعم بعد ان يقول قولته: لا..
لا... ولكن..
نعم أنا مع لا... ولكن. |