CET 00:00:00 - 09/06/2009

مساحة رأي

بقلم: رفيق رسمي
في عصر أصبحت المعجزة الحقيقية المذهلة والمؤكدة والملموسة والمرئية هي العلم الذي صار ماردًا هائلاً يفوق كل خيال ولا يمكن اللحاق به بأي شكل من الأشكال بالمجهود الفردي, فوراء كافة الإنجازات العلمية الهائلة مؤسسات ضخمة للغايه ذات ميزانيات عملاقة تعمل منذ سنوات طويلة ليل نهار، أما نحن في عالمنا الثالث أصبحنا لا نملك أي شيء حياله سوى أننا ننسب إليه أدياننا لنقويها وندعمها ونؤكد أنها الحق والصواب لأن بها إعجازًا علميًا وهذا منطق مرفوض تمامًا، ولكننا نريد أن نعوض النقص الفادح والشاسع في سلوكنا الفاضح المشين الخالي من أية فضيلة تتضمنها أدياننا مهما كانت.

فإذا كنا لا نرضَ بما يفعله زغلول النجار والإعجاز العلمي للقرآن الكريم، فبالقطع لا نرضَ بما يفعله الكاتب الشاب المتحمس صموئيل صاحب كتاب الإعجاز العلمي في الكتاب المقدس، فعلى الرغم أنه مكتوب بطريقه رائعة ومنهج بحثي جيد جدًا –وتم اختيار موضوعاته بعناية- إلا اننا نرفض المضمون العام.
فالمعجزه الحقيقيه في الكتب السماوية هي حل المعادلة الصعبة والمستحيلة في بعض الأحيان وهي الإنسان في علاقته بنفسه وبالآخر وبربه في الدنيا وفي الحياة الأخرى، وهي معادلة صعبة للغاية حيرت كافة علماء النفس والاجتماع ورجال الدين والمصلحين في كل مكان وزمان، وعلاجها من اختصاص الأديان، فالعلم الوحيد المختصه به الكتب السماوية هو الإنسان والاعجاز هو تحويل كافة المبادئ السامية إلى سلوك دائم مستمر رغم كافه المعوقات التي تعترض طريقه لتحقيق أهدافه في الحياه بلا خطية لأن الجميع زاغوا وفسدوا.
أما أن نتحدث عن المعجزات العلمية والإعجاز العلمي في الكتب السماوية فهذا غير مقبول على الإطلاق، لأن العلم متغير دائم التغير (فكل شيء متغير إلا التغير ذاته) والدين ثابت كل الثبات ولا يمكن قياس المتغير بالثابت ولا الثابت بالمتغير، فهي علاقه غير سليمة على الإطلاق مثل قياس الزمن أو الوقت بالسنتي متر المكعب، فمهما أبدعنا في المنهج البحثي والمنطق والحجج والبراهين والأدلة إلا أن القياس العلمي الذي نبني عليه بحثنا خاطئ تمامًا (وما بني على خطأ فهو خطأ) فالعلوم ليست من اختصاص الأديان رغم عدم تعارضها معها، فليس منطقيًا أن نتحدث عن الإعجاز الطبي في كتاب عن الفلك ولا الإعجاز الرياضي في كتاب عن علم النفس.

لذلك فمعجزة المسيحية في المسيح ليس في إقامته للموتى وليس في شفاءه لكافة المرضى ولا في ميلاده، بل في سلوكه المعجز طوال فترة حياته كنموذج، فمَن مِن البشر على الإطلاق غفر للزواني والعشارين واللصوص بل وأكل معهم ولم يتدنس، بل طهرهم وحوّل حياتهم من الخطية إلى البر والطهارة؟؟ بل من غفر لأعداءه وهم يقتلوه ويصلبوه، مستحيل أن يفعل مخلوق على وجه الأرض منذ أن بدأت الحياة فيها إلى أن تنتهي؟؟ من غسل أرجل تلاميذه وهو السيد والمعلم؟؟ من اعتزل المال والنساء والمناصب رغم أنها عُرضت عليه؟؟ أراد أتباعه أن يكون ملكًا عليهم فرفض؟؟ مَن مِن البشر لم يعاتب من خانه رغم أنه حذره أنه سيفعل، بل نجده رغم خيانته له أعطاه منصب أكبر بكل حب؟؟
فسلوك المسيح هو المعجزة لأنه وإن تكررت فضيلة واحدة فقط في سلوك أحد الأفراد فبالقطع سيكون بدرجه أقل بكثير مما فعله، ولن تجتمع كل تلك الصفات والفضائل جميعها في إنسان واحد فقط بكل هذه الدرجة من الكمال سوى في عيسى المسيح الوحيد الذي لم ينخسه الشيطان وهو الوحيد بين كل البشر الذي نفّذ التعاليم الذي قالها كلها بلا استثناء، هذا هو الإعجاز السلوكي للأديان وسموّه. فالأديان لسمو ورقي سلوك الإنسان في كل مكان وزمان، فدين بلا ثمار سلوكية لأتباعه لا قيمه له مهما كان فيه كل الإعجاز العلمي.

شكرًا للأستاذ الصحفي الشاب المجتهد صموئيل الذي أجهد نفسه بمجهود رائع بإصدار كتاب موازي يرد بحسم قاطع على زغلول النجار بنفس لغته لنرَ ماذا سيقول زغلول بعد ذلك، فهو رد عليه بشكل جديد مبتكر ولكنني شخصيًا أرفض اللغتان لأنهما لا يعبران عن حقيقه الأديان.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ١٢ تعليق