الحروب والأوضاع المادية تقف حائلاً أمامهن
تزداد معاناة العازبات المؤهلات للزواج في العراق بسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي فرضتها الحروب المتلاحقة منذ ثلاثة عقود والحظر الدولي الذي كان مفروضا قبل اجتياح البلاد في 2003.
وتقول سوسن البراك مديرة قسم المرأة في وزارة حقوق الانسان "هناك اسباب كثيرة تقف وراء تزايد اعداد العازبات ابرزها الاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة".
وتضيف الى هذه الاسباب "العلاقات الاجتماعية التي تتأثر بظروف العراق وخصوصا عدم الاستقرار الامني خلال المرحلة الماضية". وتابعت ان "هذه الامور، خصوصا الاقتصادية ادت الى وجود اعداد كبيرة من العوانس".
ويتباين مفهوم العنوسة ومعدل اعمارها حسب المجتمعات والفوارق الثقافية والحضارية.
ولم يكن ممكنا الحصول على احصاءات دقيقة حول نسبة الفتيات غير المتزوجات من الجهات الرسمية.
واكدت البراك ان "الظروف الاقتصادية تشكل عائقا رئيسيا امام الزواج حاليا".
واشارت الى ان "الفتاة الموظفة اصبحت اوفر حظا للارتباط بشريك كونها تلعب دورا في دعم الوضع المالي للاسرة".
ودعت "الجهات الحكومية الى تقديم تسهيلات مادية او بناء مجمعات سكنية".
وتبلغ معدلات الفقر 23% من العراقيين وفقا لتقرير التنمية البشرية للعام 2008، والصادر عن وزارة التخطيط.
في حين بلغ معدل البطالة 30% لمن تجاوز 15 عاما، لنفس العام حسب التقرير.
كما لعبت عوامل كثيرة مثل النمو السكاني وقلة فرص العمل دورا في رفع معدلات البطالة خلال العقود الماضية.
ويبلغ عدد العراقيين اقل من ثلاثين مليون نسمة.
من جهتها، تقول نادية سعيد (42 عاما) الموظفة في احدى المؤسسات الحكومية "لم تسنح لي فرصة الزواج لاسباب كثيرة وخصوصا الاقتصادية منها".
وتضيف ان "الظروف في السنوات التي اعقبت سقوط النظام كانت اصعب خصوصا الاوضاع الامنية الصعبة جدا".
بدورها، تقول ايمان عبد الحسن (35 عاما) الموظفة في احدى دوائر الحكومة ان "اكثر من نصف زميلاتي وعددهن حوالى الستين غير متزوجات".
وتؤكد ان "الظروف الاقتصادية صعبة جدا حاليا، فالشاب يحتاج الى خمسة ملايين دينار (اربعة الاف و250 دولار) على الاقل لتأمين متطلبات المصوغات الذهبية ومستلزمات الزواج الاساسية".
وتتابع "اما اذا كان ملزما بتأمين بيت مستقل، فان الامر يصبح اشد صعوبة".
من جانبها، تقول مريم كامل وهي مسيحية (49 عاما) فشلت في الزواج جراء محاولة خطيبها استغلالها لمكاسب مادية، "فشل خطوبتي اصابني بالاحباط ولم اعد اثق بالرجال فاكثر ما يهمهم هو المال والمركز الاجتماعي".
وتؤكد ان "المسالة تتعلق بكثير من الفتيات (...) شقيقتاي لم تتزوجا ايضا احداهما في مطلع الاربعينات".
بدورها، تقول رئيسة لجنة المرأة والاسرة والطفولة في مجلس النواب سميرة الموسوي، ان "الظروف الاقتصادية هي السبب الرئيسي وراء العزوف عن الزواج".
وتوضح ان "طلبات عائلات الفتيات مثل مهور الذهب او تجهيز المنزل تشكل عقبات كبيرة".
وتشير الى ان "معظم الفتيات اللواتي لم يتزوجن يأسفن لما طالبن به سابقا، كما ان الزواج يزداد صعوبة مع التقدم في العمر".
من جهته، يقول طبيب الامراض النفسية محمد القريشي ان "المرأة تعاني من متغيرات هرمونية في مراحل حياتها، فالامر يتغير عند الزواج والانجاب، اما اذا كانت غير متزوجة فتحدث اضطرابات".
ويؤكد ان "الفتيات العازبات غالبا ما يتعرضن للاصابة بأمراض نفسانية مثل الكآبة نظرا لفقدان حياة الاسرة وافتقاد الامومة".
وتقول فتاة رفضت ذكر اسمها (38 عاما) وتعمل في محل لبيع الملابس النسائية وسط بغداد، ان "الزواج مثل ورقة اليانصيب ممكن ان يظهر في اي لحظة".
وتضيف بحزن "طبعا، اتمنى لو كنت متزوجة ولدي اطفال مثل صديقاتي اشعر بأنني اصبحت عبئا على اهلي واخوتي لانهم مرغمون على معرفة تفاصيل حياتي". |