CET 15:44:27 - 10/06/2009

مساحة رأي

بقلم: بولس رمزي
من خلال متابعتنا للشأن اللبناني والانتخابات النيابية التي أقيمت في السابع من يونيو الماضي نرى كيف استطاع مسيحيو لبنان فرض أجندتهم من خلال الصندوق الانتخابي، وكيف رفضوا بشكل عملي مشروع الارتماء في الحضن الإيراني السوري من خلال حزب الله الذي استطاع أن يستقطب العماد ميشال عون أحد الرموز المسيحية التي لها وزنها في الشارع المسيحي في لبنان، لكن مسيحيو لبنان تيقظوا لما يُحاك لهم من خلال التحالف الشيعي العوني في هذه الانتخابات، وبالرغم من الشعبية الطاغية لهذا الرجل في الشارع المسيحي إلا أن مسيحيو لبنان لقنوا الجنرال عون درسًا قاسيًا واسقطوه في أغلب الدوائر الإنتخابية التي يسيطر المسيحيون عليها، وكان سقوط لوائح عون في زحله هي القشة التي قصمت ظهر البعير وأعطت تحالف الرابع عشر من آذار الأغلبية النيابية والتفوق على أصحاب المشروع الإيراني السوري الفوضوي القتالي.
هكذا تعلمنا وتعلمت معنا جميع القوى السياسية في المنطقة درسًا رائعًا من مسيحيو لبنان الذين أسقطوا قوى الممانعة والتعطيل بشكل حضاري ديموقراطي من خلال صناديق الإقتراع، فلم نرَ مسيحيو لبنان يخرجون إلى الشوارع مدججين بالأسلحه لفرض كلمتهم، لم نرَهم يخرجون في مظاهرات حاشدة لإظهار قوتهم، لم يجابهوا سلاح حزب الله الذي خرج إلى الشارع في مايو من العام الماضي لفرض سيطرته بالقوة، لكنهم نجحوا في أن ينتصروا علي ترسانة الأسلحة التي يمتلكها حزب الله بشكل حضاري من خلال صناديق الاقتراع، نجحوا في أن يفرضوا الواقع على حسن نصر الله الذي تخلى عن عنجهيته ولأول مرة نراه يلقي خطاب الهزيمة والانكسار معترفاً بانتصار القلم المسيحي على ترسانة الأسلحة المدجج بها حزبه ورجاله.

ومن خلال مقالي هذا أوجه التحية إلى شعب لبنان العظيم الذي انتصر بالدولة اللبنانية على الدويلة الإيرانية، وبالرغم من الفخر بموارنة لبنان إلا أنني لا استطيع إخفاء حزني لما فيه أقباط مصر من ضياع وفقدان لهويتهم، فبالرغم من تجاوز تعداد أقباط مصر إلى مثليّ تعداد كل شعب لبنان بمسيحييه ومسلميه من شيعة وسنة ودروز إلا أنهم ضائعون تائهون مجهولي الهوية لا يوجد لهم أي تأثير إيجابي أو حتى سلبي على الشارع المصري.
ونرى أنه من أسباب ما تقدم من خلال المحاور التالية:
أولاً – السلبية القاتلة لأقباط مصر.
ثانيًا – القهر الذي يُمارس ضد الأقباط.
ثالثًا - التوزيع الديموغرافي للأقباط.

أولاً- سلبية الأقباط:
عندما ألقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما كلمته إلى مسلمي العالم من القاهرة وأشار في خطابه في نصف سطر إلى ضرورة الموارنة وأقباط مصر ضرورة للتعددية في المنطقة وجدت الأقباط أفردوا الصفحات وسنّوا الأقلام تهليلاً وفرحًا بأن الرئيس الأمريكي قال في خطاب له كلمة أقباط مصر، ولا أستبعد أن تخرج إلينا إحدى المنظمات القبطية لتقول لنا أنها كانت وراء هذا العمل البطولي وأنها هي التي نجحت إقناع أوباما بأن يتذكر الأقباط في خطابه إلى المسلمين، يا فرحتي بالرئيس الأمريكي وبأقباط مصر الذين ينتظرون من أمريكا أن تنتزع للأقباط حقوقهم من بين أنياب الحكومة المصرية المتطرفة.
* يا ساده حقوق الأقباط تُنتزع بأيادي الأقباط، لا تنتظروا من أوباما أو غير أوباما أن يستعيد لكم حقوقكم.
* أين الأقباط من النقابات المهنية العامة كالأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والتجاريين؟ بناء على أحدث الإحصائيات فإن الأقباط يمثلون قوه انتخابية لا يُستهان بها في هذه النقابات التي نجح تيار الإخوان المسلمين في الاستيلاء عليها والناخبون الأقباط لاهون يتفرجون ويفرطون في كل شيء.
* لماذا لا تكون هناك لوائح انتخابية للأقباط والمعتدلين من المسلمين تستميل الناخب القبطي وتستفزه وتفيقه من غفلته؟
* حتي النوادي الإجتماعية التي يكون الأقباط غالبية أعضاؤها لا نجد للأقباط أي دور فيها، فنجد مثلاً نادي هيليوبليس مصر الجديدة يستطيع أعضاؤه من الأقباط أن يكونوا الأغلبية في مجلس إدارته لكن من الواضح أننا اعتدنا على أن نكون محكومين لا حاكمين.

ثانيًا – القهر الذي يُمارس ضد الأقباط:
لا يمكننا أن نغفل ما يعانيه الأقباط من قهر مزدوج، فنجد هناك قهر لجميع المصريين مسلمين وأقباط على السواء كما نجد أيضًا قهرًا إضافيًا يخص الأقباط فقط، ومن أمثلة ذلك ما يعانيه الأقباط في أنهم ممنوعين من حريتهم في بناء دور عبادتهم كذلك الأمر ممنوعين من الوظائف في الأماكن الحساسة في الدولة، إضافة إلى ذلك هناك قهرًا اجتماعيًا من إباحة دماء ومقدسات وأعراض وممتلكات الأقباط التي يحرض عليها الكثير من السادة المحرضين ضد الأقباط من أمثال الدكتور محمد عمارة والدكتور زغلول النجار وغيرهم، الأمر الذي كان سببًا رئيسيًا في السلبية التي يعاني الأقباط منها.

ثالثًا – التوزيع الديموغرافي للأقباط:
ما زال تعداد الأقباط يعتبر من الأسرار العسكرية في مصر، فنجد أجهزة الإعلام المصرية تستضيف بعض المسئولين الذين يصرحون بين الحين والآخر بأرقام كاذبه عن تعداد أقباط مصر، فنجد من يصرح بأن تعداد الأقباط ثلاثة ملايين وأكثرهم اعتدالاً قال أن الأقباط يمثلون حوالي عشرة في المائة من تعداد سكان مصر في المقابل نجد بعض أقطاب الكنيسة القبطية يلمحون على استحياء بين الحين والآخر بأن تعداد أقباط مصر على أقل تقدير خمسة عشر مليونًا.
وهنا طالما الحكومه تثق في معلوماتها عن تعداد أقباط مصر فلماذا ترفض بأن تقوم هيئة دولية محايدة بعملية تعداد محايد للأقباط تحت إشراف الحكومة المصرية والنشطاء من الأقباط؟ أعتقد أنه من يرفض تعدادًا محايدًا لا يمكنه أن يفرض شروطه من حيث التعداد، وبالتالي فإن تعداد الأقباط الفعلي هو خمسة عشر مليونًا على أقل تقدير وعلى المتضرر اللجوء إلى تعداد محايد!
المشكلة لا تكمن في تعداد الأقباط لكن المشكلة تكمن في التوزيع الديموغرافي للأقباط، فإن الحكومة عمدت على مر العقود منذ قيام ثورة العسكر إلى يومنا هذا على القضاء على أي تكتلات قبطية في القرى والقضاء على أي أغلبيه قبطية في القرى حتى لا تقوم للأقباط قائمة وقدرة انتخابية، دائمًا تختلق الحكومة المشكلات الطائفية في القرى وتحرض على استباحة أرواح الأقباط وممتلكاتهم وأعراضهم ومقدساتهم في القرى ذات الأكثريات القبطية حتى تنجح في إجبار الأقباط على الهجرة طواعية من هذه القرى إلى القرى المجاورة من أجل شرذمة الأقباط والقضاء على عزوتهم وتكتلاتهم في تلك القرى.

أخيرًا:
* ما لم يستفيق الأقباط من غفلتهم وتشرذمهم لن يتطوع أحد في الدفاع عن حقوقهم نيابة عنهم.
* لا بد من فضح أي ممارسات من شأنها إقصاء الأقباط أمام المجتمع الدولي بصفه عامة، ولا ننسى تحدي السادة المحافظين للأقباط في مقدساتهم وأرزاقهم، فلا ننسى موقف محافظ المنيا من دير أبو فانا ومحافظ آخر يعدم أموال الأقباط في حفر الجير الحي والآخر وآخرهم محافظ حلوان الذي أقسم بأغلظ الإيمانات بإعدام الخنازير في دير القديس سمعان الخراز، ولا نرى أي ساكنًا يتحرك للقيادة السياسية للسادة المسئولين، ولا نرى أي إجراء يُتخذ من السادة المسئولين في مصر حيال السادة المحافظين الذين حولوا محافظاتهم إلى عزب يمتلكونها ويحلفون على سكانها بالطلاق، ولا نجد أي ردود أفعال قويه من الأقباط حيال ذلك ونجد المربين بمفردهم يواجهون من يحلف عليهم بالطلاق بأنه سوف يمشي كلامه عليهم وعلى قادة كنائسهم.
* لا بد وأن تنشر الكنيسة صراحة ما لديها من تعداد حقيقي للأقباط، وفي حالة رفض الحكومة لهذا التعداد عليها أن تقبل بتعداد محايد تحت إشراف الأمم المتحدة.
بولس رمزي

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ٦ تعليق