CET 00:00:00 - 15/06/2009

فاقد الأهلية

بقلم: سحر غريب
في عصر الولاة والحكام العثمانيين عندما كان الوالي واليًا مؤقتًا على مصر لا تتعدى مدة ولايته ثلاثة أشهر، كان يتفنن في حلب ثرواتها حتى آخر قطرة للاستفادة من فترة حكمه القصيرة التي كان يحكم فيها، وفي عهد محمد علي وأسرته عندما طالت مدة الحكم وأصبحت وراثية بدأ الحاكم في اعتبار مصر ملكًا خاصًا له أو عزبته التي يهمه أمرها فأصبح أكثر تمهلاً في حلب بقرته الحلوب فكان يهتم بتغذيتها أولاً والعمل على راحتها حتى تعطيه خيرًا أكثر ولم يستنفذ خيراتها كلها مرة واحدة.

أورد تلك القصة لأن حكام الخصخصة يتعاملون مع مصر الآن بنفس منطق الوالي العارف مقدمًا بأنه مخلوع فكل يبحث عن مصلحته، ففي إطار سعي حكومتنا الدائب والغريب لإكمال ما بدأته من مصمصة ممتلكات الدولة، أصبحت الحكومة عاملة زي الهبلة إللي مسكوها طبلة لتتكسب من ورائها عيش فأخذت تلك الطبلة وباعتها وجلست تندب حظها وتتسول قوتها، فالحكومة تبيع شركات منتجة لتتحول بقدرة قادر إلى قطع أراض تباع بالمتر بدلاً من تحسين إنتاجية تلك الشركات أو تحسين إدارتها أو أضعف الإيمان خصخصة إدارتها بدلاً من خصخصة الممتلكات المادية كلها.
فالحكومة عملت كمن عجز عن تربية ابنه فلم يكلف نفسه باستحضار مُربي قادر على تربيته أو حتى أدخله الإصلاحية، فقام ببيعه كقطع غيار آدمية ليتخلص من مشاكله وهمومه.

والحكومة تحاول في نفس الوقت إشعارنا بأنها حكومة واعية وفاهمة خطواتها وإنها ما بينضحكش عليها وأن ما باعته من شركات ستستمر في الإنتاج بل وسيتحسن إنتاجها وهو مالم يحدث، فإن ما باعته بهدف تحسين إنتاجه من مصانع وشركات لم يستمر في الإنتاج بل تحول إما إلى منشآت خربة يسكنها العنكبوت والحشرات المتنوعة أو تحول إلى قطع أراضي تباع بالمتر، فباتت الحكومة سمسارًا يأخذ عمولته عن كل بيعة تتم داخل حدود منطقته ولا يضيره بعد ذلك إذا كانت تلك المناطق تُدار كبيوت للبغاء، المهم العمولة والعمولة فقط.
وفي أيامنا هذه تتم علي قدم وساق خصخصة شركة النصر للسيارات التي نعترف بأنها حققت خسائر فادحة، ولكن الحكومة الواعية التي تحسدها الحكومات الأخرى علي نباهتها لم تسأل نفسها لماذا حققت الشركة تلك الخسائر ولم تضيع الفرصة في بحث سُبل تطويرها، فالحل الجاهز الأسهل علي الإطلاق هو ما دامت خسرانة بيع ياعم بيع، قبل الفرصة دي ما تضيع، وكأن خسارة إحدى الشركات هي فرصة سانحة للتخلص منها وكله يهون لأجل خاطر عيون العمولة.
 

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق