بقم: هيام فاروق
فى لقائى اليومى مع الرب و الكتاب المقدس و إبنى الحبيب .. إعتدنا أن نتناقش فى بعض الآيات و الأحداث و الأمور الخاصة بأسرتنا الصغيرة .. و اليوم توقف إبنى عند هذه الآية قائلا : ( أرجوكى يا ماما ناقشينى بالعقل و المنطق ) .. كانت الآية هى ( و لا تشاكلوا أهل هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هى إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة ) رو12: 2
قال إبنى : كيف لا أشاكل أهل هذا الدهر ؟ هل ترضين لى التخلف و الرجعية ؟
قلت : و الله نفسه لا يرضى لك التخلف و الرجعية أبدا .. و لا يقصد هذا ، بل يقصد التغير و السلوك الداخلى أولا .. تغيير الذهن قبل الشكل .. لا يصح أن يكون إسلوبك مثل إسلوب باقى الناس و لا هدفك مثل أهدافهم فى السعى وراء الموضة و الملابس و الموبايلات و الأحذية .. بهذا أولاد الله ظاهرون ، و أولاد إبليس ظاهرون
أجابنى إبنى : ( الدنيا كلها ماشية كدة .. ما المانع أن أسعى وراء كل هذا ؟ لابد أن يكون لى مكان و شخصية وسط أصدقائى ) سألته : و هل مكانك أو مكانتك و شخصيتك يتحدد بنوع القميص الذى ترتديه الماركة الفلانية و الحذاء الأديضس و النايك أو ماشبه ذلك و الموبايل الذى تحمله ذو الأوبشنز العالى ؟ هل هذه الأشياء هى التى تحدد مكانتك و شخصيتك ؟ أم أن قيمتك فى عقلك ، و نزاهتك ، و علمك ، و مبادئك ، و أخلاقك ، و روحانياتك ؟ فقال إبنى : و ما المانع فى هذا و تلك .. فلا أجد تعارض بين الإثنين .. هل تمانعين فى مجاراتى لخطوط الموضة و تعاملى مع مبتكرات العصر الحديث مع العلم و المنطق و الروحانية ؟ فقلت له : أبدا لم أمانع بل أشجعك .. و لكنى أتعارض مع كيفية إستخدامكم لهذه الأمور و تحكمها فيكم لدرجة أنكم تضيعون أوقاتا طويلة للحصول على أسماء أحدث الماركات و الموضات حتى أنى لا اسمعكم أو أراكم تتحدثون عن أمور روحية ، أو ثقافية ، أو علمية
جمال الشاب ليس فى فتح أزرار قميصه ، و تسريحة شعره ، و بنطلونه الساقط ، و إستعراض ألوان البوكسر ، إنما جماله فى عقله و مدى قدرته على إحراز درجات علمية و النمو فى قامته الروحية كما فى جسده .. و هكذا الفتاة أيضا .. جمالها ليس فى تسريحة شعرها ، و مكياجها ، و ضيق البنطلون ، و تقطيع البودى الذى ترتديه بل جمالها فيما ذكرت كما للشاب أيضا
أمامكم العديد من الأعمال عليكم إنجازها .. ثم هل كل هذه الأشياء التى تسعون إليها تجلب لكم السعادة ؟ ألم تسعدكم مساعدة الآخرين ماديا و معنويا ؟ ألم
تسعدكم منح إبتسامة إلى قلب حزين مكلوم .. ألم تسعدكم زيارة مريض ؟ كل هذه الأشياء أنتم تذوقتموها معى من قبل .. فهل لم تسعدكم ؟
الشمعة لا تخسر شيئا إذا تم إستخدامها لإشعال شمعة أخرى .. أنا لا أدعوك إلى التدين المريض و لكن أدعوك أن تكون خادما للجميع و متفتحا للكل بلا إستثناء . إنخرط فى المجتمع بكل طبقاته و ليست الطبقة التى تناسبك فقط .. يجب أن تتمتع بالحياة لتحيا
قال إبنى مازلت لم أرى تعارض بين الطريقين .. قلت له : حسنا و لكنى فقط أخشى أن تنزلق و تبعدك هذه الأمور عن حياتك الخاصة مع الرب . لا تأمن أبدا لهذا العالم و كل متغيراته بل إقمع نفسك قليلا لتكن تحت قيادة الرب .. الرب يحبك و يريد خيرك
تدخل إبنى الآخر فى الحديث قائلا : ( ماما هل أنتِ من عصر بُنَاة الأهرام ؟ طالما أمامنا الراحة و المتعة فلماذا القمع و الجرى وراء التعب ؟ .. أنتِ تمرحين معنا و مع أصدقائنا و كأنكِ صديقتنا تماما و لكن مع نفسك تضيقين على نفسك فى أمور كثيرة .. فلماذا ؟ ) تعجبت لهم هذا الجيل الذى يظن أن هذه هى السعادة !!!!!! حاولت أن أوضح لهم أن التعب قضية إنسانية لازمة بدونه لا يتمتع الإنسان بالراحة و النوم .. فهو فى نظر الفلاسفة تأكيد لإنسانية الإنسان و وظيفة نفسية لازمة لوجوده و كيانه
إنقلبت دفة الحديث بنصائح من إبنى الذى تدخل مؤخرا قائلا : إسمعينى يا أمورة و استفيدى ..
ـ أنتم كآباء و أمهات مصابين بمرض الخوف الزائد علينا و ربما فى خضم هذا تعيقون خروجنا و دخولنا و إشتراكنا فى رحلات و تحددوها لنا تابعة للكنيسة فقط .. حاولوا أن تتخلصوا من هذا القلق الزائد
ـ إحترموا خصوصياتنا .. فلا تفتشوا مكاتبنا و تتلصصوا على تليفوناتنا
ـ تخلصوا من عقدة التقاليد و العرف
ـ تخلصوا من السلطة و الديكتاتورية
أنهيت الحديث قائلة أنتم دائمى التمرد .. فما نمنعكم منه اليوم سوف تمنعونه أنتم من أبنائكم غدا .. عندما تصبحون آباء و أمهات
أنتم غير مقدرين للمسئولية و مرهقين جدا فى كثرة طلباتكم المادية الزائدة غير مقدرين تعب آبائكم فى توفير قوت يومكم
أجابنى أبنى قائلا : قومى يا حبيبتى هاتى المصروف و زوديه شوية عشان خارج بكرة مع أصدقائى فى المدرسة بعد إنتهاء آخر إمتحان لنا .. و ياريت تقولى لبابا لما يتصل يسألنى عملت إيه فى الإمتحان ألا يتلوها بكلمة ( إرجع ع البيت على طول ماما منتظراك ) و لا تنسى يا ماما الزيادات و الحوافز
ماذا نفعل مع هذه الأجيال التى لها عيون و لم تبصر و آذان و لم تسمع ؟؟؟؟؟؟؟ و لكننا نحبهم مهما فعلوا بنا لأنهم ميراث من الرب و عطية منه .. و حاشا للرب أن يعطى عطية ناقصة أو غير جديرة بمجده .. فلنصلى من أجلهم أن يتعهد هذه الكرمة التى غرستها يمينه. |