بقلم: أماني موسى
تحاصر إنسان العصر الحديث مجموعة من الأوبئة التي تهدد حياته في كل لحظة، فما بِتنا نأخذ أنفاسنا من جنون البقر الذي يصيب الأبقار ومنها إلى الإنسان فيؤدي به للنسيان أو الخرف ومنها للوفاة، لأنفلونزا الطيور التي أودت بحياة عشرات المصريين ولا زالت تحصد بطريقها أرواح كثيرة، لأنفلونزا الخنازير التي باتت خطر عالمي يهدد الجميع، وأخيرًا تواجد وباء الطاعون على حدود مصر الغربية مع ليبيا وظهور نوع جديد منه ينتقل كعدوى بالنفس عن طريق الجهاز التنفسي.
باتت دول العالم مسرعة تحاول جاهدة في مواجهة تلك الأوبئة سواء بمحاولة إنتاج عقاقير لمواجهتها وإمكانية الشفاء منها أو توعية الشعب بأخذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من المرض وحتى تحد الخسائر البشرية، بينما بلداننا العربية الموقرة راحت تواجه تلك الأوبئة بعدة طرق مبتكرة وحصرية سواء بالتحذيرات الإعلامية الشديدة اللهجة دون توجه فعلي.
كمثال أن يحذر المسئولون من التواجد في المناطق المزدحمة وأهمية تجديد الهواء حتى لا يتم نقل العدوى من شخص لآخر بشكل مفجع وراحوا يطالبون الشعب بضرورة الاهتمام بالنظافة وغسل الأيدي واستخدام المناديل الورقية، ولكن لم نرى خطوات فعلية لتخفيف حدة الزحام في المواصلات العامة مثلاً، وخاصة بوقت خروج العمال من وظائفهم.
ولم نرى ذلك أيضًا بلجان الثانوية العامة إذ اشتكىَ الطلاب والمعلمون من سوء التهوية بلجان الامتحانات، فماذا يفعل المواطن العادي لتجنب الزحمة؟؟ هل يقتل مجموعة من المحيطين به أم يأخذ وسائل مواصلات خاصة ومكلفة وهو بالكاد يستطيع أن يقضي احتياجات يومه (الأساسية)!!
وكانت أيضًا أحد الطرق المبتكرة لمواجهة الأوبئة والأزمات هي خروج بعض رجال الدين الذين يغرسون بعقل المواطن العربي الاتكالية واللا مبالاة والسلبية وذلك بجعلهم يعتنقون أنه من الإيمان انتظار المرض دون خوف، فماذا سيفعلون بقضاء الله!!! وبقولهم أن هذا تحذير من الله وغضب إلهي على الكفرة فيرزقهم الأوبئة المميتة وما إلى ذلك من تفسيرات تفتقد لأبسط درجات المنطق.
فما من شك أن كل ما يحدث هو بعلم مسبق من الله وبسماح منه ولكن أين دورنا البشري الذي علينا القيام به وهذا لا ينفي الخضوع لمشيئة الله؟!، فلنقوم بدورنا الإنساني ونواجه المواقف والأزمات بطرق علمية كما فعلت الدول من حولنا حيث أنتجت عقاقير وكمامات واجتمع علمائها وأطبائها للبحث في كيفية مواجهة هذا الوباء حتى لا يفتك بالبشرية، ولا نكتفي بالجلوس واضعين أيادينا على خدودنا بانتظار المرض أو أن نُرجع أسباب حدوث تلك الظواهر العلمية إلى أسباب خرافية تفتقر للعقل والمنطق.
فدعونا نتحرر من قيود الجهل والتخلف –والمتمثلة في آراء بعض رجال الدين- ولنواجه الأزمات بشيء من العقل والمنطق وتشغيل المخ البشري الذي أوجده الله في الإنسان وخصّه به عن سائر الكائنات لاستغلاله وحل المشكلات وإنقاذ نفسه من الخطر، وحين نُعمل العقل سنتطور تلقائيًا للأمام لنلحق بركب الحضارات كما كنّا في السابق بدلاً من الذهاب بأرجلنا لكهوف الظلام والجهل والعودة للوراء.
وبالنهاية يحدوني تساؤل: لماذا لا يتم تعيين وزير خاص في وقت الأزمات؟ ولتسمى وزارته بوزارة مواجهة الأزمات بدلاً من أن تحدث نتائج وخيمة –كالعادة- ويأخذ كل وزير يُلقي بالمسئولية على الوزارات الأخرى، كما رأينا في أزمة القمح الفاسد الأخيرة حيث أخذت الصحة تلقي باللوم على الزراعة وهكذا، وبالنهاية تصبح تلك الوزارات خالية المسئولية والمواطن هو السبب!! |