إذا كنت واحدا من بين الـ13 مليون مصرى المشتركين فى «الإنترنت» فلا شك أنك قد تعرضت لمحاولة نصب.. وربما كنت بالفعل ضحية لعملية نصب من جانب من يدعون الـ«فيشنج» وهم قراصنة شبكة المعلومات.
وإذا كنت أحد الستة ملايين مصرى الذين يحملون بطاقة ائتمان فلابد وأنك خسرت بعض أموالك أو كنت على وشك خسارتها من خلال إحدى عمليات سرقة الهوية التى انتشرت فى العالم وانتقلت إلى مصر تحملها رياح العولمة.
الوسائل كثيرة ومتعددة فقد تصلك رسالة على بريدك الإلكترونى من جهة أو هيئة معروفة تؤكد لك أنك فزت بجائزة مالية كبيرة تصل إلى مليون دولار أو إسترلينى فى اليانصيب «اللوترى» الذى نظمته وما عليك لكى تتسلم الجائزة من هذه الجهة الشهيرة إلا أن ترسل بياناتك الشخصية ورقم حسابك ..
أو تتلقى رسالة من أحد الأشخاص يروى فيها قصة عمه الذى يعمل فى بلد افربقى وتوفى وترك له ثروة طائلة فى أحد البنوك ولا يستطيع تحويلها إلى حسابه لأنه يعمل فى موقع حساس ويرجوك شاكرا أن تقبل تحويل إرثه على حسابك نظير نسبة 20 أو 30%..
أما الطريقة الأشهر لسرقة الهوية أن تجد رسالة فى بريدك الإلكترونى من موقع يتشابه تماما مع البنك الذى تتعامل معه تطلب منك تحديث بياناتك ورقم حسابك وإرسالها على الرابط المرفق بالرسالة ومن خلال رقم الحساب تبدأ عمليات النصب.
أما أساليب سرقة بطاقة الائتمان فلا تقل عن سابقتها من حيث التعدد والتنوع.. فقد يوهمك أحدهم أنه ينتظر دوره أمام الصراف الآلى «ATM» ويقوم بتصويرك بمحموله ليحصل على رقمك السرى دون أن تنتبه.. أو تضطر لإعطاء بطاقتك لأحد الموظفين لدفع حسابك فيستأذنك لبعض الوقت ليعود ويعطيك البطاقة بعد أن يكون قد قام بتصويرها ليصنع منها نسخة طبق الأصل.
تلك وغيرها نماذج مما تناولته الجلسة الثانية لمؤتمر «سرقة الهوية وتضليل المستهلك» والتى شاركت فيها المحاميتان جوانا كرين ببرنامج سرقة الهوية فى الاتحاد التجارى الفيدرالى وسارة ديبول بالمكتب الإقليمى التابع لوزارة التجارة الفيدرالية كما شارك فيها كريم رمضان مدير عام ميكروسوفت مصر وحسن أبوزيد مسئول الرقابة على المعلومات ببنك «إتش إس بى سى» مصر.
«سرقة الهوية أكبر جريمة انتشرت فى الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الأخيرة وهو ما يهدد بفقدان الثقة فى التجارة الإلكترونية التى تقوم على البيع والشراء من دون اتصال شخصى».. هذا ما تؤكده جوانا كرين، مشيرة إلى مسح أخير قام به برنامج سرقة الهوية وكشف عن أن 30% من الذين شملهم المسح قللوا تعاملاتهم التجارية والبنكية من خلال شبكة المعلومات وقالت إن جريمة سرقة الهوية توقع بنحو 9 ملايين أمريكى كل عام تبلغ خسائرهم 5 مليارات جنيه إلى جانب خسائر الاقتصاد التى تتراوح بين 45 إلى 65 مليارا.
جاذبية الـ«ATM»
تشير جوانا إلى التطور الكبير الذى حدث فى مجال سرقة الهوية خاصة بعد اختراع وسائل أكثر تقنية للتأثير على الكمبيوتر الشخصى.. أما ماكينات السحب الآلى «ATM» فمازالت تمثل جاذبية خاصة للصوص الهوية ــ بحسب جوانا ــ فعندما تضع بطاقتك يمكن قراءة رقمها.. صحيح هناك رقم سرى لكن من خلال كاميرا صغيرة يمكن سرقة هذا الرقم.
نحن فى برنامج التجارة الفيدرالية مهمتنا حماية الضحايا لكن هناك تحديات كبيرة ــ تتابع جوانا ــ وقد يكون تطوير البطاقات الإلكترونية إحدى وسائل المواجهة لكن فى كل الأحوال يظل العبء الأكبر على الضحايا الذين يجب أن يحتفظوا ببياناتهم الشخصية بعيدا عن اللصوص وعدم التفريط فيها.
«سارة ديبول» بدورها تسرد بعض نماذج عمليات تضليل المستهلك تم ضبطها من جانب المكتب التابع لوزارة التجارة الفيدرالية، وذلك فى محاولة لزيادة الوعى بها، أطرفها قضية كان الضحية فيها آلاف المستهلكين.. عندما عرضت إحدى الشركات جهازا قالت إنه يساعد المستهلك على العمل من المنزل وقالت إن الجهاز الذى تبلغ قيمته 6 آلاف دولار سوف يحقق دخلا قيمته 7 آلاف دولار فى الشهر وبالفعل اشترى المنتج آلاف من المستهلكين الذين كانوا فى حاجة إلى عمل إضافى لتحسين دخولهم ولم يستطع أحد الاستفادة من العرض الذى كان مجرد عملية نصب حققت نحو 17 مليون دولار من جيوب المستهلكين الذين اشتروا فرص عمل وهمية وقد قدم هؤلاء الأشخاص للمحاكمة.
شركة أخرى عرضت على المستهلكين مساعدتهم فى تحديد المشكلات التى تواجههم وتوفير المعلومات التى تمكنهم من اتخاذ القرار السليم ووعدتهم بعدم الإفصاح عن المعلومات الخاصة ونجحت الشركة فى كسب عدد ضخم من المستهلكين سددوا لها أموالا طائلة فى حين أنها كانت إحدى عمليات النصب والتضليل.
تحذر سارة ديبول المستهلك من الإعلانات المضللة فإذا كان هناك إعلانا يقول إن 3 من كل 4 أطباء يوصون بدواء ما دون دليل أو إثبات فهو مضلل.. وتشير إلى دور الحكومة والأجهزة فى حماية المستهلك من خلال توفير المعلومات الصحيحة له، إلى جانب استخدام المستهلك لذكائه الطبيعى للتحقق من العروض الطبيعية من تلك التى يكتنفها الكثير من التضليل وتراهن ديبول على أهمية التعليم لزيادة وعى المستهلك.
حماية المعلومات
«كثير من التطور الاجتماعى والاقتصادى يعتمد على الإنترنت لكن طموحات عدد قليل من المجرمين الذين يستخدمون الشبكة لغش الناس يقلل من ذلك».
هكذا يلخص كريم رمضان مدير ميكروسوفت مصر المشكلة التى يعانى منها الجميع سواء الأفراد أو مجتمع الأعمال، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية فى مصر لديها إدارة لمحاربة جرائم الإنترنت، وهناك دور كبير للحكومة وقطاع الأعمال فى هذا الشأن من خلال وضع سياسات صارمة لحماية السجلات العامة فمثلا ــ وفقا لكريم ــ يجب على وزارة التضامن الاجتماعى أن تحمى المعلومات الشخصية للناس.
يفجر مسئول ميكروسوفت مفاجأة حول رسائل المسابقات «اللوترى» التى يحملها الإنترنت كل يوم للمشتركين عندما قال إن عددا من رجال الأعمال الكبار وأشخاص أذكياء اتصلوا به ليسألوه هل «اللوترى» التى تصلهم فى بريدهم الإلكترونى حقيقية؟
وبينما يحذر كريم رمضان من تعامل الأطفال مع الإنترنت وإمكانية إدلائهم بمعلومات شخصية لبعض قراصنة الإنترنت الـ«فيشنج» يؤكد استعداد شركته للتعاون مع جهاز وجمعيات حماية المستهلك لمواجهة هذه الممارسات..
دمر «الهارد»
«الفيس بوك والقمامة والهارد ديسك القديم» هى مكمن الخطر من وجهة نظر «حسن أبوزيد» مسئول المعلومات ببنك «إتش إس بى سى» مصر الذى يحذر من المعلومات الواردة على الفيس بوك والتأكد من جودة برنامج مواجهة الفيروسات، كما يحذر من إلقاء الأوراق المهمة فى القمامة مثل الحسابات البنكية القديمة أو بطاقة الائتمان المنتهية الصلاحية، كذلك الحال بالنسبة للكمبيوتر القديم فإذا لم تعد فى حاجة له ــ بحسب أبوزيد ــ فقم بتدمير «الهارد» لأن المعلومات تظل عليه مهما قمت بمحوها بمختلف الطرق والوسائل لأن هناك من يستطيع استخدام هذه المعلومات التى نفرط فيها بأنفسنا بمنتهى الإهمال.
يقول أبوزيد إن البنوك غالبا ما تكون هدفا للقراصنة الذين يحصلون على العناوين الإلكترونية من بعض الهيئات التى تبيعها وتقوم بإرسال خطابات إلى نحو مليون شخص وبالفعل يستجيب حوالى 6% منهم ويرسل المعلومات المطلوبة هذا بخلاف «اللوتريات» المزيفة.
نحن نحذر العملاء من مثل هذه الأنشطة الإجرامية ــ يتابع أبوزيد ــ وقد قام البنك بتزويد ماكينات الصرف الآلى بكاميرات مراقبة باهظة الثمن لحماية المستهلك وكشف من يحاول السرقة، كما أن لدى البنك نظاما يجعلنا نتنبأ بحدوث بعض أنماط هذه الممارسات ومنها تزوير بطاقات الائتمان فينبغى أن نلاحق المجرمين ونسبقهم بخطوات.
الحكومات ــ بحسب أبوزيد ــ لها دور ينطبق ذلك على أمريكا ومصر على السواء لوضع تشريعات جديدة أو تنفيذ القائم منها لمواجهة هذه الممارسات المضللة والرسائل والمسابقات الوهمية وينفى أبو زيد وجود آلية أو قانون فى مصر لمواجهة الأمر، صحيح هناك وحدة للجريمة الإلكترونية وتقوم بعمل جيد لكن يجب أن تكون هناك حيطة وتخطيط وقائى، ومن المهم التنسبق والتعاون بين البلدان فى هذا الشأن. |