كتب: هانى الجزيري - خاص الاقباط متحدون
في شكل جديد من أشكال التعاون بين مؤسسات المجتمع المدني والسلطة الرابعة (وهي الصحافة) يتم إصدار كتاب تذكاري وتوثيقي في الذكرى المئويه لمظاهرات حرية الصحافة والتي اندلعت علم 1909.
وبإشراف الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تم إصدار هذا الكتاب في هذه المناسبه الهامة.
ومؤسسات المجتمع المدني هي الوجه المشرق للدفاع عن حقوق الإنسان في عصر حقوق الإنسان الذي نعيشه الآن، ولذلك ليس غريبًا أن تتولى تلك المؤسسة الحقوقية هذا العمل الجاد وأن تتضامن معها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
ولأن العمل كبير وهام فقد ضم فريق العمل اثنين من أفضل صحفيي مصر، هما الأستاذ كارم يحيى والأستاذ خالد السرجانى، مع حقوقيه يلمع نجمها يومًا بعد يوم في عالم المحاماة والحريات هي الأستاذة هدى نصر الله المحامية بالشبكة العربية.
في مقدمه الكتاب أشار كارم يحيى إلى المظاهرات التي اندلعت في هذه الفتره من كل مكان في مصر وليس من القاهرة وحدها تندد بالقانون الذي أعيد إستدعاءه بهدف تقويض حرية الصحافة، ولكن إحساس الشعب بأن الصحافة هي المنفذ الوحيد للتنفيس عما يكابده هذا الشعب من ظلم ووسيلة للتعبير عن آمالهم, فخرجوا للتظاهر مدافعين عن حرية الصحافة ومنددين بقانون المطبوعات الذي لم يكن يعمل به آنذاك.
وضم الكتاب مقالة للكاتب الكبير الراحل كامل زهيري نقيب الصحفيين السابق، كانت قد نشرت منذ ثلاث سنوات بعنوان (إلى متى؟ وكيف نبدأ الإصلاح؟)، قال فيها لم تعد حرية الصحافه منذ دارت أول مطبعة في مصر مطلب الصحافيين وحدهم، ولكن ظلت طوال قرنين مطلبًا شعبيًا, لأن الصحافه أصلاً قامت للدفاع عن الوطن والمواطن ولا تكتمل حرية الوطن إلا بحرية المواطن ولا يكتمل أي إصلاح حقيقى إلا بالحريتين معًا، ويصل زهيري الماضي بالحاضر قائلاً: وقد تكون مصر بلد العجائب حقًا لأنها تمتلئ بالتناقضات، وبعض العجائب التي نراها تؤدي إلى الذهول، وأول أسباب هذا الذهول أن وعدًا من الرئيس مبارك بإلغاء عقوبة الحبس في جرائم الرأي أعلنه نقيب الصحفيين جلال عارف (آنذاك) وليس وجه العجب أن النقابة تطالب بمراجعة العقوبات، لكن العجب العجاب أن وعد الرئيس مبارك وهو في الوقت نفسه رئيس الحزب الوطني الديمقراطي قد مر على كل أعضاء الحزب الحاكم دون أن يتبنى مرشح واحد في في المعرك الإنتخابية هذا الوعد، وأنهى زهيرى مقالته مؤكدًا: ومن هنا نبدأ ويبدأ الإصلاح, لأن الدفاع عن حرية الصحافه دفاع عن حرية الوطن والمواطن.
أما الكتاب يتكون من فصلين، الفصل الأول (من كتابات المؤرخين والباحثين) يبدأ بمقال لعبد الرحمن الرافعي في كتابه عن محمد فريد يتضمن موقف الحزب الوطني بقيادة مصطفى كامل ومن بعده محمد فريد ضد قانون المطبوعات، والذي بدأ بإجتماع اللجنة الإدارية العليا للحزب الوطني يوم صدور هذا القرار وقررت الإحتجاج عليه وإبلاغ هذا الإحتجاج إلى الخديوى في خطاب وقعه الفقيد، والجزء الثانى من هذا الفصل عبارة عن مقال بعنوان (قانون المطبوعات لماذا؟)، والجزء الثالث يتكلم عن العيب في الذات الخديوية، أما الجزء الرابع والأخير في هذا الفصل فهو عن أحمد حلمي وكتابه (كيف وصلت إلى السجن)، وأحمد حلمي كان رئيس تحرير اللواء إلى أن توفى مصطفي كامل فاستقال وأنشأ جريدة القطر المصري في 24 إبريل 1908، أيضًا أحمد حلمي هو جد الفنان الكبير صلاح جاهين، وشارع أحمد حلمي لم يسمى بإسمه لتكريمه فقط بل لأنه كان يسكن فيه.
وأحمد حلمي هو الذي كتب مقاله بعنوان "مصر للمصريين" يتهم فيها عائلة محمد على كما جاء في وقائع الدعوى التي حركتها النيابة العامة ضد أحمد حلمي بأنهم مصدر بلاء المصريين، وأنها تعمدت شقاءهم وتأخرهم فأهلكت النفوس وقطعت الرؤوس ورملت النساء ويتمت الأطفال ترويعًا للنفس، وأن من أبقت عليه من أبناء البلاد سلبته خير بلاده وحالت بينه وبين كل رقي علم كل ذلك أنها أجنبية وصلاح مالها وتقدمها في إفساد الأمه وتأخيرها، فإذا ثبت هذه فهمت أمرها وعمدت إلى التخلص منه، وهكذا نادى أحمد حلمي بأن تعود مصر للمصريين.
الكتاب وثائقي والمادة التي يحويها هامة وتعطي انطباعًا صريحًا عن وضع مصر في هذه الآونة، وهي مرتبه ترتيبًا جيدًا بحيث يمكنك بسهولة تخيل ما يحدث دون عناء.
ولكن هناك نقاط هامة يجب إلقاء الضوء عليها:
* الكتاب عمل مشترك بين ثلاث مؤسسات من أهم المؤسسات الحقوقية في مصر، وهي الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وهذا العمل الجليل يضيف إليهم ويُحسَب لهم.
* الكتاب عمل مشترك بين مؤسسات المجتمع المدني والصحافة، وهذا التزاوج مهم ونتج عنه هذا المنتج الوثائقي ثم تبلور في ندوة عُقدت في نقابة الصحفيين هي في رأيي من الندوات الناجحة جدًا في الفترة الأخيرة، أدارها باقتدار وخفة دم الأستاذ جمال فهمي وتكلم فيها وائل الإبراشى وعبير سعدي المرأة الوحيدة في مجلس نقابة الصحفيين، وألقى الأستاذ جمال عيد رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان كلمة هامة والتي تبنت الترتيب لهذا العمل العظيم.
* إشتراك صحفيان كبيران هما كارم يحيى وخالد السرجاني مع الشبكة العربية هي سابقة تحسب لهما.
ولكن دعونا نلقي الضوء على الأستاذة هدى نصر الله المحامية بالشبكه العربية وثالث الهرمين كارم وخالد، فهدى من أنشط الحقوقيات الآن على الساحة، فهي ممثله للشبكه دائمًا في أغلب القضايا وخاصة القضايا التي تشغل الرأي العام مثل قضية رؤساء تحرير الصحف وقضية إبراهيم عيسى وقضية المدونين كريم عامر وهاني نظير ومسعد أبو فجر.
مصر للمصريين.. هذا الشعار الذي رفعه أحمد حلمي وأحمد لطفي السيد في بداية القرن الماضي ضد الإنجليز والإحتلال نحتاج إليه الآن أكثر من أي وقت مضى للرد على محاولات المرتدين الذين يحاولون إبعادنا عن مصريتنا ومحو هويتنا المصرية.
مصر للمصريين.. ليس شعارًا فقط ولكن في ظل ما نحن نعانيه الآن من انتهاك منظم لمصريتنا، علينا أن نتمسك أكثر من أي وقت مضى بكل ما هو مصري، لأن القيمة المصرية دائمًا متفردة وغير متكررة ولهذا شأن آخر. |