بقلم: ماجد الراهب
انتشرت في الأونة الاخيرة انتاج الأفلام الدينية القبطية والتي اهتم بإنتاجها بعض الكنائس وبعض رجال الأعمال وخاصة أصحاب دور النشر والمكتبات المسيحية، وبعد انتشار الفضائيات المسيحية كثر الإنتاج لتغطية ساعات الإرسال وهذا في حد ذاته ظاهرة صحية حيث يتم استخدام أدوات الميديا في نشر الفكر المسيحي والتعريف بالقديسين ومجاراة روح العصر لجذب أكبر عدد من المشاهدين بعيدًا عن الأفلام المخلة والخارجة عن القيم والتقاليد المسيحية.
ولكن النيات الطيبة لا تكفي وهنا مربط الفرس، وأعتقد أنني سوف أخوض في منطقة شائكة ولكن لا مناص.
عندما تنحصر أكثرية هذه الأفلام في سيّر القديسين وتركز على جانب واحد فقط في حياتهم وهو المعجزة، يجب تحليل هذه الظاهرة ومعرفة أسبابها ونتائجها وخاصة أن أغلب هذه الأفلام فقير جدًا في أدوات الإنتاج وفقير في كل العناصر الإبداعية (الديكور – الملابس – الاكسسوار – التصوير – الإخراج).
هنا يجب أن نتوقف وندرس ونحلل ونحذر.
وقبل أن نسترسل هناك عدة أسئلة تساعدنا في ايضاح ذلك؟
• لمن تنتج هذه الأفلام؟
• ما الهدف من إنتاجها؟
• من يقوم بمراجعتها تاريخيًا أو عقائديًا؟
• ما الهدف من التركيز على الجانب المعجزي فقط؟
• ما الهدف من التركيز على حياة القديسين الذين ذاع صيتهم في صنع المعجزة؟
تساؤلات كثيرة تطرح نفسها ونجد أنفسنا بين رحى الحجر، هل نتكلم فنتعرض للهجوم المعلب والتهم سابقة التصنيع؟ أم نصمت ونتهم بالسلبية وننسحب من دورنا التنويري الذي تفرضه علينا ثقافتنا وارتباطنا بالتراث الكنسي والآبائي والذي أمضينا في دراسته أكثر من ثلاثة عقود ونجد انفسنا ملامين من جهة الرب؟
أولاً: نبدأ بإلاجابة على الأسئلة السابقة
• في الغالب تنتج هذه الأفلام للعامة والبسطاء.
• وتنتج من أجل دغدغة مشاعرهم بالمعجزات وأعمال القديسين الخارقة.
• في الغالب لا تتم مراجعتها ولو تم ذلك يكون عن طريق أحد الرهبان المرتبطين بهذا القديس وفي الغالب لا يكون متخصصًا.
• طبعًا التركيز على الجانب المعجزي لكي يربط العامة بالقديس أكثر وتزيد مبيعاتهم من الصور والتماثيل وكتب المعجزات وكل المنتجات المرتبطة بهذا القديس وهذا يصب في حساب المنتجين الذين هم أصحاب المكتبات ودور النشر.
• لقد تعلمنا في مدارس الأحد أن القديس يجب أن يختفي خلف صورة المسيح التي يتمثل فيها القديس ويؤول كل فعل لمجد المسيح وليس مجد القديس.
• هناك قديسون كثيرون لهم جوانب أخرى كثيرة غير المعجزة مثل الكتابة في اللاهوت والتاريخ والتأريخ والبناء والتعليم و......إلخ، لماذا يتم إغفال هؤلاء؟
ثانيًا: هل المعجزة هي الحل؟
بالطبع لا فذلك يخلق جيلاً متواكلاً، سلبيًا، ضعيفًا، منعدم الإرادة، ينتظر من يلقيه في البركة لكي يشفى، يترك تدبير حياته لهذا القديس أو ذاك، كل مشكلة ينتظر أن تُحل بالمعجزة، وفي خضم ذلك ننسى المسيح حتى يتوارى المسيح خلف القديس... حاشا!!!
ونرجو مراجعة كتابات القمص تادرس يعقوب بخصوص المعجزة وضوابطها وأهدافها ومضارها أيضًا.
ثالثًا: مشاهد من الأفلام
• في أحد الأفلام يتم التركيز على معجزة صنعها القديس وهي إنتاج بلح نصفه أحمر ونصفه أصفر!!!
• في فيلم آخر وهو لأحد الباباوات يتم التركيز على ظهور البابا لأحد الأشخاص ثلاثة مرات للتأكيد على إرجاع محفظة وجدها هذا الشخص تخص شخص آخر في هذه المحفظة شلن من البابا!!!
• هذا بخلاف أن أغلب القديسين إما يتصنع الهبل والعبط أو في بساطة تقرب من الخبل!!!
• هذا أيضًا بخلاف الرمل والأحذية والمتعلقات الشخصية التي اصتبغت بالقداسة!!!
هل هذا في تقلدينا الكنسي؟، هل هذا في لاهوتنا الشرقي؟، هل هذا هو ما نريد أن نوصله إلى أبنائنا؟، هل هذا تراثنا الذي وضعته مدرسة الأسكندرية؟، وأديرتنا التي أفرزت الرهبنة التي انتشرت في العالم أجمع؟
وتبقى واقعة حصلت منذ ما يقرب من عشرين سنة عندما كنت بالكلية الإكليريكية وكان هناك وفد من طلبة إحدى كليات اللاهوت بالخارج وتساءل أحدهم.. لماذا تنتشر أخبار المعجزات في منطقة الشرق الأوسط؟
فكانت إجابتى كالتالي: إن الشرق الأوسط وخاصة مصر كل شيء لكي يتحقق لا بد من معجزة.
لكي تنجح في الثانوية العامة محتاج معجزة.
لكي تلتحق بوظيفة محتاج معجزة.
لكي تجد شقة لتكوين أسرة محتاج معجزة.
لكي تنال الشفاء من أي مرض محتاج معجزة.
لكي تنهي ورقك من أي جهة حكومية محتاج معجزة.
وزد على ذلك الآن الحصول على الرغيف المدعم محتاج معجزة.
وأعتقد في وقتها كانت إجابة مقنعة لهم.
ولكن يبقى السؤال.. هذه الأفلام هل للبناء أم للتخدير والتسكين أم نقولها صراحة هي عمل تجاري بحت؟؟!
ونلتقي في المقالة القادمة عن أجساد القديسين، ثم المعجزة بين الدلالة والتخدير. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|