بقلم: مجدي ملاك
المتابعة الدقيقية لأحداث العنف الطائفية الأخيرة توضح بما لا يدع مجال للشك أن الأمن في مصر أصبح له رأي أخر في مختلف الأحداث الطائفية التي تمر على المجتمع المصري من حين لأخر، ونحن ليس في حاجة لتكرار أن حديثنا عن الحوادث الطائفية لا يعني إننا نحاول إصطياد الفرصة أو رفع الصوت من أجل حادث هنا أو حادث هناك، ولكننا نهدف من هذا بشكل قاطع إلى لفت النظر أن تكرار هذه الحوداث سيكون له تأثير كبير على الأجل الطويل.
كما أن هذه الحوداث لها مدلول غاية في الخطورة يتمثل في أن ما يتعلق بالحوداث الطائفية أصبح الأفراد يشعرون أنه لا داعي للجوء للقانون وأن التصرف بشكل عشوائي وغير قانوني هو الحل، وأكبر مثال على ذلك ما رأيناه وقرأناه فيما حدث بمحافظة الشرقية حين قام مجموعة من المسلمين بسكب الكيروسين على أحد الأشخاص المسيحيين من أجل قيامه بمعاكسة فتاة مسلمة في الطريق.
نحن بالطبع ندين تحرش أي شخص بأي فتاة أيا كانت جنسية أو ديانة هذا الشخص ولكن أن يصل رد الفعل أن يقوم أهل الفتاة بحرق الشخص في الشارع وسكب الكيروسين عليه لهو أمر يدعو للأسف ويشير في نفس الوقت إلى غياب القانون بشكل كامل، وهذا الغياب هو غياب متعمد من جانب الأمن تجاه العديد من القضايا في المجتمع خاصة الطائفية منها، وفي هذا أذكر أنه حينما قمت بتغطية الأحداث الطائفية في العديسات وشاهدت كم أن الأمن يقف موقف المتفرج في هذه الأحداث وكأنه يعطي تصريح بشكل غير مباشر لتصاعد تلك الأحداث، وهو ما يعطي شعور للطرف المعتدي بأن الحكومة والأمن يقف معه ومن ثم يعطيه نوع من الجراءة في التعامل مع مختلف الأحداث، وأظن أنه لولا تأكد الجناة في محافظة الشرقية من تهاون الأمن معهم لما قاموا بهذا الأمر، وهم بذلك يضعفوا من شرعية القانون والنظام داخل المجتمع وهو ما يعمل على سيادة الفوضى بشكل عام داخل المجتمع.
النقطة الأخطر في تلك الأحداث إنها تشير إلى عدم الإكتراث الأمني بإعمال القانون والمساواة بين المواطنين، وهو أحد أهم المؤشرات في قياس عدالة الدولة وشفافيتها تجاه مواطنيها في مختلف الأحداث التي تمر على المجتمع، ولذا حينما نقرأ تقرير لمنظمة الشفافية العالمية حول إحتلال مصر لمؤخرة الدول في النزاهة والشفافية فلا داعي أن نتعجب من تلك التقارير التي تقوم على متابعة دقيقة للأحداث داخل المجتمع المصري سواء كانت تلك الأحداث تتعلق بفساد مالي أو فساد أمني.
نفتح هذا الملف والمجلس القومي لحقوق الإنسان على أعتاب تقديم تقريره السنوي عن حالة حقوق الإنسان في مصر لرئيس الدولة، ونتمنى أن يملك المجلس القومي لحقوق الإنسان من الشفافية ليوضح لنا الفرق بين تقرير العام الماضي وتقرير العام الحالي وما هي الإنجازات التي إستطاع المجلس تحقيقها في مجال حقوق الإنسان؟، وما هي الضغوط التي مارسها المجلس القومي لحقوق الإنسان على الحكومة ونجح في تحقيق نجاحات فيها؟.
حين كنت أتحدث للأستاذ حافظ أبو سعدة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر خاصة بعد إصدار الخارجية الأمريكية لتقريرها حول تلك الأوضاع في العام الماضي، قال لي أن هناك خطة ستشمل جميع الوزارات ومنها وزارة الداخلية لمحاولة تعليمهم مفاهيم حقوق الإنسان في تطبيق القانون، ونتسائل هنا كيف سيتعلم ضابط الشرطة مفاهيم حقوق الإنسان وتطبيقها على الأقباط في حين انه يدرس في المراحل التعليمية السابقة ما يحضه على كراهية الأقباط بإعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية فلا يمكن أن تكون المنظومة الحقوقية منظومة فوقية بمعنى أن يتم تعليم تلك الأشياء في مراحل متقدمة من العمر بل يجب أن تكون المنظومة تحتيه بمعنى ضرورة أن تبدأ من المراحل التعليمية الدنيا في المدرسة لمحاولة تغيير المفايهم والثقافة عن الأقباط بشكل عام، وعن كيفية وضرورة أن يعامل الإنسان بالمساواة وبصرف النظر عن الدين أو الجنس أو اللون.
أعتقد إنه حان الوقت لمراجعة السياسات الأمنية المتبعة في التعامل مع الأحداث الطائفية حتى لا تتحول تلك الأحداث إلى كوارث فيما بعد، فيجب أن نأخذ في إعتبارنا أن تلك الأحداث سوف تمثل تراكم تاريخي غاية في الخطورة إذا لم نستدرك أخطائنا ونستطيع تصحيح تلك الأوضاع بشكل مباشر وسريع، خاصة من الجانب الأمني، ولا يمكن تحقيق ذلك دون إعلان صريح إن إعمال القانون هو السائد وليس الإنتقام الشخصي الذي نراه في الكثير من الحوداث الطائفية مع ما يتبعه من موقف غاية في اللامبالاة من الأمن تجاه هذا الإنتقام الشخصي خاصة إذا تعلق بالأقباط.
|
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|