بقلم: سها الشرقاوي - الشرق الأوسط
نجم أسمر هبط على الساحة السينمائية أخيرا وحجز مكانه في قائمة أبطال الساحة السينمائية يقول بعينه أكثر مما يتحدث، جمهوره والنقاد يرون أنه امتداد للراحل«أحمد زكي» والمخرج خالد يوسف يراهن على نجاحه.
واستطاع عمرو سعد إثبات نجاحه في أولى بطولاته وهو فيلم «حين ميسرة» برغم تواجده من قبل في دور صغير في فيلم «خيانة مشروعة»، إلا أنه أثبت النجاح للمرة الثانية بفيلم «دكان شحاتة» الذي يعرض في دور العرض وأثير الجدل حوله منذ بداية عرضه من حيث إنه عمل سياسي من الدرجة الأولى استلزم عرضه على جهات أمنية مصرية قبل عرضه، فضلا عن اتهامه بأنه يسيء للمتصوفين. «الشرق الأوسط» التقت عمرو سعد في القاهرة فكان هذا الحوار..
* تم عرض فيلمك «دكان شحاتة» منذ أسابيع في دور العرض، ما الذي استندت عليه في تجسيدك لشخصية «شحاتة»؟
ـ في البداية قمت بقراءة السيناريو جيدا، وبعد ذلك التركيز على أدق التفاصيل في الشخصية وبالإضافة إلى عقد جلسات مع المخرج والسيناريست، فكل ذلك يساعدني على ارتداء الشخصية وأيضا يؤهلني لتحويل الشخصية من ورق إلى لحم ودم بكل تلك الأدوات، فعند دخولي الاستديو أكون أنا الشخصية وهي أنا، ولكن أترك نفسي أثناء تصوير المشهد على طبيعتي «بالفطرة» وهذا ما حدث في تأديتي لدور شحاتة.
* لماذا كانت شخصية «شحاتة» بكل هذه السلبية؟ وهل في نظرك يوجد بطل سلبي طوال الأحداث؟
ـ «شحاتة» ليست شخصية سلبية فهي شخصية إيجابية من الدرجة الأولى بمعنى أن لديه القدرة البدنية ويستطيع أن يفعل أشياء كثيرة من ضرب وعنف وأخذ كل شيء بالقوة، لكنه يرفض كل ذلك ويفضل أن يتسامح ويرتقي من منطقة قوة إلى منطقة التسامح، فالتسامح ليس بسلبية وتلك هي الشخصية المصرية المليئة بالرجولة والنبل، ولكن ما حدث مع شحاتة نوع من التناقض في عقله وروحه فيدخل دائما في صراع وبرغم حلمه العيش وسط إخوته بناء على وصية أبيه فهو بالفعل بطل إيجابي وليس سلبيا، فهو له أسلوبه ويدافع عن حقوقه بالطيبة وليس بالقوة.
* في اعتقادك هل يوجد شخص كشخصية «شحاتة» على أرض الواقع؟
ـ تركيبة شخصية «شحاتة» ليست واقعية وليست خيالية ولكنها هي حدوتة مصرية إنسانية من الدرجة الأولى والدراما لعبت دورها في هذه الشخصية، بمعنى أن قام المؤلف بجمع كل الصفات الموجودة في المواطن العربي أي الموروث القديم الذي تميز به عن باقي الشعوب ووضعه في شخصية شحاتة، والمؤكد أنه يوجد داخلنا جميعنا جزء من هذه الشخصية المستوحى من خيال المؤلف بناء على دلائل واقعية، فدكان شحاتة دعوة إلى البعد عن العنف والرجوع إلى القيم والطيبة والتحلي بالصبر والتسامح، وهذا لأن الظروف أصبحت صعبة لدى المواطن من انهيار الاقتصاد والحروب فنحتاج إلى صبر شحاتة للتغلب على العديد من الأزمات.
* تقول فيلم دكان شحاتة إنساني من الدرجة الأولى.. فلماذا اتهمه بعض النقاد والإعلاميين بأنه عمل سياسي من الدرجة الأولى؟
ـ هذا لأن الإعلام يرى الجانب السياسي فقط والذي أحيانا لا يهم المواطن البسيط وشهوة الكتابة في السياسة تغلب على النقاد وبناء على ذلك تم أخذ العمل على أرضيه سياسية بحتة وعلى خلاف ذلك فهو عمل إنساني وبطله هو الإنسان وعلى خلفيته السياسة، فالحدث السياسي يمشي حسب البطل هو المحرك الرئيسي للأحداث وهذا واضح في تفاصيل الفيلم.
* لكن الجانب السياسي واضح جدا في تفاصيل العمل؟ ـ لا أنكر ذلك وهذا يحسب للمخرج ولذكائه وقدرته في إظهار تفاصيل الشارع المصري في عمل سينمائي، وهذا لم يحدث من قبل فعلى سبيل المثال يمكن أن يتواجد في شارع واحد «خناقة» وعلى الجانب الآخر «مظاهرة» وعلى حوائط الشوارع «يُفط» انتخابات لأية جهة انتخابية، من المؤكد أن نرى ذلك فلا يوجد مشهد واحد يتحدث عن خطاب سياسي منفرد، فكل الأحداث يمر بها البطل.
* وماذا عن العنف المتواجد في أحداث الفيلم؟ ـ يمكن أن يكون العنف مقصودا بعض الشيء، ولكنه في سياق الدراما وأيضا لم يكن مسيطرا على أحداث الفيلم ككل كما يقال فيوجد بعض الانطباعات لدى الجمهور أن الفيلم عنيف، والسبب فيه يرجع إلى بعض الأشخاص الذين لم يشاهدوا الفيلم ولكني أطالب الجمهور بمشاهدة الفيلم دون الحكم بناء على «السمع» فالعمل دعوة للحفاظ على الأصالة كما ذكرت من قبل.
* لكن يوجد الكثير من الجمهور يخرج من دور العرض لدية حالة من الاكتئاب؟
ـ الفيلم صادم في الأحداث والحالة الذي يمر به المشاهد أثناء العرض هي حالة انفعالية بأحداث الفيلم، وبجانب أن الشعب المصري عاطفي ويتأثر بسرعة ومعنى تفاعله لدرجة البكاء فهذا يعتبر نجاحا ويعني أن أبطال العمل استطاعت توصيل الإحساس ومع ترسيخ الأحداث في ذهن المشاهد والتفكير العديد من المرات في مصير هذا الشخص البريء ومحاولة تنمية الطيبة وعدم قتله.
* لماذا كانت النهاية موت «شحاتة» الذي تحلى بالتسامح والطيبة طوال أحداث الفيلم؟
ـ هذا تصور المخرج والكاتب، فشحاتة رمز الطيبة والتسامح وبموته يموت معه الطيبة والتسامح وتظهر حالة التوحش في الشارع وتكون رسالة تحذيرية للحفاظ على الأشياء الجميلة داخلنا فكل مبدع دائما يقوم على الترويج للخير وليس للشر ومحاولة محاربة الفساد في سياق درامي.
* أعرف أن والدك «متوفى».كيف أديت مشاهدك مع أبيك في العمل «محمود حميدة»؟
ـ كانت أصعب المشاهد خلال التصوير، ولأن كل مشهد يذكرني بوالدي «رحمه الله»، وكان أبي ما زال على قيد الحياة، وعند موته في الفيلم انتابني إحساس كأن والدي توفي في الوقت الحالي ولحظة انتهاء تصوير المشهد كان لدي شحنة شعورية لم توصف جعلتني أجلس بمفردي وأستمر في البكاء بشكل هستيري. بالإضافة إلى أن هيئة شخصية الفنان «محمود حميدة» تشابهت كثيرا مع شخصية والدي الحقيقي.
* يقال إن الفيلم فيه مشاهد تسيء للمتصوفين. ما صحة ذلك؟
ـ كيف نسيء للمتصوفة والفيلم فيه نبرة صوفية عندما يبحث البطل عن رائحة والده وتواجده أمام الحسين وزيارته للمقابر، فكل ذلك من معتقدات المتصوفة، بالإضافة إلى أن السيناريست «ناصر عبد الرحمن» متصوف.
* وماذا عن مشهد «المولد»؟
ـ يتناول المشهد مجموعة من البسطاء يقومون بدندنة على موسيقى عشق وليس «ذكر» كما يقال والمولد ليس بطقس إسلامي والمتصوف إنسان أبسط من ذلك وأنا حضرت العديد من الدروس لهم.
* يرى البعض أنك في تجسيدك لدور شحاتة قمت بتقليد الراحل «أحمد زكي».. ما تعليقك؟
ـ لم أقم بتقليد العظيم أحمد زكي ولكنه مدرستي التي أتعلم منها، فهذا ليس بعيب والممكن أن التشابه في الشكل من حيث لون البشرة السمراء والشعر الخشن فقط، فالشكل هو العامل المشترك لكن الأداء مختلف فأتمنى أن أصل إلى نصف أدائه، لكن الذي أسعدني وشرف لي أيضا أن كتب في بعض الصحف أن «عمرو سعد» امتداد للراحل «أحمد زكي» وبرغم أني لم أرَ ذلك فالنجم أحمد زكي لم يأت أحد مثله فهو قام بتغيير في مفهوم شكل البطل في السينما المصرية بتجسيد العديد من الأدوار في أشكال مختلفة وعلى نهجه العملاق عادل إمام ومحمود عبد العزيز وممدوح عبد العليم.
* ماذا فعلت عندما علمت أن الفيلم سيعرض على جهات أمنية؟
ـ لم أفعل شيئا وكنت أثق أن الفيلم سيعرض ولن يحذف منه أي مشهد، وهذا لأن ثقتي في حكومتي كبيرة ولدينا ديمقراطية وحرية رأي.
* وماذا عن القضايا المقامة ضد الفيلم؟
ـ أغلبها قضايا ليست حقيقية، ولكنها مجرد كسب شهرة من بعض المحامين
* التجربة الأولى للبنانية هيفاء وهبي.. هل أتعبتك أثناء التصوير؟
ـ لم تكن متعبة بالمرة بل كانت ملتزمة أثناء التصوير والبروفات فهي نجمة في عالم الغناء وأخذت فرصة كبيرة في السينما المصرية ودخلته من باب الأفلام الجادة ومن خلال مخرج كبير مثل خالد يوسف، وقد استغلت هذه الفرصة واجتهدت واستطاعت استثمارها بشكل جيد وهذا ذكاء منها وبرغم ذلك ليس لدي القدرة على تقييمها وهذا لأني من صناع العمل فالرأي يرجع إلى الجمهور، والجدير بالذكر أن هيفاء رفضت العديد من السيناريوهات تكون هي البطلة المطلقة في العمل ووافقت على القيام بدور في فيلم «دكان شحاتة»، ولا أنكر أن الدور مؤثر في سياق الدراما فهذا يحسب لها ويدل على ذكائها أن لا تكون بدايتها كممثلة في عمل من بطولتها، وذلك لكسب الخبرة الكافية فيما بعد في أعمالها القادمة.
* هل قصة فيلم «دكان شحاتة» مكملة لقصة فيلم «حين ميسرة»؟ ـ
بالفعل الفيلمان مكملان لبعضهما لكن الفرق أن «دكان شحاتة» بطله «شحاتة» في منتهى الإيجابية وبطل الفيلم إنسان أما «حين ميسرة» بطله «عادل حشيشة» سلبي نتيجة لظروف ولد فيها وبالإضافة إلى أن المكان هو البطل.. فالعملان يقولان جملة مفيدة فهما ضلعا في مثلث.
* معنى ذلك يوجد ضلع ثالث، وهل من الممكن اكتمال المثلث؟
ـ (ضحك)، بالفعل يوجد عمل ثالث سيكمل المثلث وهو «الكفيل» فهو عمل اجتماعي ويحكي قصة شاب يسافر خارج مصر ويفقد «هويته» والأصح يهرب من هويته ويعتبر عملا صادما وفكرة جديدة على المجتمع المصري ومن تأليف السيناريست «ناصر عبد الرحمن» وهو يعمل على الفكرة منذ ثلاث سنوات.
* أعمالك السينمائية تتحدث عن الشارع المصري. فهل هل هذا نتاج لمعاناتك الشخصية؟
ـ بالفعل تربيت في وسط الشارع المصري وأعرف كل معاناته فعلاقتي بذلك الشارع علاقة حقيقية، ففي وقت كنت مرفوضا من كل الناس ولا يوجد لدي «فلوس» وكان ليس لدي أي شيء غير أن أمشي في الشارع وأحلم وأتخيل مع احتكاكي بكل الفئات أعرف معاناته البعيدة عن أي رتوش فإيماني بهذه الأعمال ليس من فراغ.
* المخرج «خالد يوسف» هو الذي صنع نجاح «عمرو سعد».. ما ردك؟
ـ «مش عيب» فهو الذي قدمني، وله دور واضح في مساعدتي وإيمانه بموهبتي وله الحق الأكبر في نجاحي، وبرغم ذلك لم يقل إنه هو الذي صنع عمرو سعد، بل يقول بالحرف في البرامج التلفزيونية «قدمت عمرو واختاره الجمهور».
* أين كان عمرو سعد قبل عملة مع المخرج «خالد يوسف»؟
ـ شاركت في العديد من الأعمال الدرامية في أدوار صغيرة بجانب جلوسي على المقاهي.
* بالمناسبة ماذا كان رد فعل والدتك عندما شاهدت الفيلم؟
ـ «بكت كثيرا» وكنت في ذلك الوقت خارج مصر، ولكنها اتصلت بي وظلت تبكي وتقول لي أنت كويس وقلت لها أنا لسه عايش في دعابة لتهدئتها.
* وشعورك وأنت تشاهد الفيلم في دور العرض؟
ـ قد كان الأمر مختلفا لم أشاهده كعمرو سعد المشارك في العمل، حيث شاهدت الفيلم كأي متفرج يشاهد الفيلم لأول مرة وانفعلت وبكيت وضحكت على إفيهات «عمرو عبد الجليل» فمنذ انتهائي من التصوير خرجت من شخصية «شحاتة».
* هل ندمت على قيامك بأي عمل من قبل؟
ـ ندمت على عملي في المسلسل التلفزيوني «أولاد الشوارع» هو من بطولة حنان ترك وعمرو واكد ومن إخراج شيرين عادل، فأنا شاركت في هذا العمل عشان «الفلوس» وندمت فالدور غير مغر ومحدود وطالبت المؤلف بتعديله ولكنه رفض، وبالإضافة إلى عدم إيمان فريق العمل بموهبتي ولا بأدائي وبرغم اقتناع الفنانة حنان ترك بموهبتي وبعد انتهائي من هذا العمل أحسست أني ارتكبت جريمة في حق نفسي بل كانت «غلطة» لن تتكرر وهذه التجربة أفادتني كثيرا فيما بعد في اختياري لأعمالي القادمة.
* وماذا عن فيلمك القادم «أسوار القمر»؟
ـ هو بطولة مشتركة ويدور في إطار الأكشن والإثارة والرومانسية ما بين ثلاث شخصيات توجد بينهم صراعات في شكل جيم «لعبة» وتبدأ القصة من وجهة نظر البنت التي تجسد شخصيتها الفنانة «منى زكي» ومن تأليف محمد حفظي ومن إخراج طارق العريان، ويشارك في البطولة آسر ياسين وسيبدأ التصوير في نهاية شهر يونيو ويتم التصوير مابين الغردقة ومالطا والقاهرة، بالإضافة إلى مشاركتي في عمل فرنسي وأقوم بقراءة الفيلم الآن. |