CET 00:00:00 - 27/06/2009

مساحة رأي

منطق القوى دائما الأفضل حتى ولو لم يكن صحيحا
عطش الحمل الوديع فوقف عند نبع ماء صافى عذب جارى ليشرب فجاء اليه ذئب جائع من صيام( له مدة لم يأكل ) ويريد أن يأكل وجال ببصره فوقعت عينيه على الحمل الضعيف ولعبت الشهوة بفكرة؛وطعم اللحم فى
فمه ؛ورائحة الدم فى أنفه فقرر أن يأكل الحمل  وأخذ يبحث عن سبب ليلتهمه فقال والغضب يملأ كل ملامح وجهه والشر ينفث من عينييه .
وكان بينهم هذا الحوار:
الذئب: كيف تشرب من ينبوعى وتعكر الماء الذى أشرب أنا منه -وبلغه آمره – انك ستعاقب عما فعلت. فالتفت اليه الحمل وقال له بوداعته المعروفه عنه
الحمل: يا سيدى حلالتك لا تنفعل ولا تغضب أنا لم افعل شئ سوى أننى أردت أن أروى ظمأى فالحر شديد جدا كما ترى فخامتك كما أننى أشرب عند منزل الماء وعلى بعد 20 قدم وفى أسفل اتجاه المجرى ولا يمكن أن أعكر مجرى الماء الخاص بجلالتكم من المكان الذى أشرب منه كما أننى لا يمكن أن أسمح لنفسى أن أعكر نبع جلالتكم .
الذئب : أنت عكرت المياه كما أنك تفوهت على بكلام لا يليق السنة الماضية .
الحمل: ( متعجبا ) يا سيدى كيف أفعل هذا وأنا لم أكن أولد السنة الماضية! فأنا مازلت أرضع من أمى حتى الأن.
الذئب : ان لم تكن أنت فأكيد أخوك هو الذى قال هذا الكلام .
الحمل : يا جلالتك أنا ليس لى أخوات فأنا وحيد .
الذئب : يبقى أكيد وواحد من أقاربك أورعاتك أو كلاب الحراسة بتوعكم -هم قالولى كده– الكلام وصلنى وأنا لازم أنتقم.. ثم أخذ الذئب الحمل الى عمق الغابة وأكله دون أى اجراء أخر.    
(عن القصيدة الشعرية "لجون لافونتن الفرنسى"1621---- 1695).
وسنناقش فى هذه القصة شيئان هما القوة  ، الحياة لما لهما من صلة قوية ..

أولاً: مفهوم القوة:
اننا بمجرد ما نتحدث عن القوة فأن أول ما يخطرعلى بالنا "القوة الجسمانية" ولا عجب فالأنسان المعاصر أخذ يحن الى عهد الرخاء ( رغم كل مساؤه ) الى عهود الحكمة القديمة، حيث كانت قيم الرجولة هى أعلى قيم يقدسها الأنسان.
ولا عجب فى ذلك اذا كانت بعض الحضارات القديمة كالحضارة اليونانية مثلا قد عملت على الأعلاء من شان القوة الجسمانية -وأننا مازلنا نشهد حتى اليوم– اهتماما كبيرا بالتربية الدينية كما هو الحال مثلا فى الحضارة الأنجلو – ساكسونية – وما هو مستمر للآن وما نراه فى الألعاب الأوليمبية من الأهتمام لتأصيل القيم الحيوية والاعلاء من شأن القوة الجسمانية وكلهم اقتناع أن الجسم هو كل شئ فى وجوده وأن القيم البدنية هى وحدها التى تخلع معنى على حياته وكأن القيم البيولوجية هى الكفيلة وحدها - بتحقيق معنى الحياة البشرية – فالحياة فى نظرهم ومن خلال تفكيرهم تبين لنا ان الضعفاء هم فى الغالب – أولى ضحايا الموت – لهذا نجد أن كل من المريض والسوى يكره الضعف ويعمل على التحرر من اسباب النقص فنجده يسعى جاهدا فى سبيل الظفر "القوة" والحصول على "الامتياز" أو "التفوق".

وقد تختلف أفكارنا عن " القوة " والضعف " كما قد تتنوع تصوراتنا لل " القوة " و " النقص " ولكن الذى لاشك فيه أن أحدا لا يريد لنفسه أن يحيا ضعيفا قاصرا ، ناقصا مفتقرا الى الأخرين .
وقد انتقل مفهوم القوة الجسمانية من البشر الى الدول فيحدثنا تاريخ الإنشاء عن الدول القوية والأمبراطوريات التى التهمت الدول الضعيفة بغرض التوسع والعظمة واءمامهم وعقيدتهم نظرية التطور لدارون " البقاء للأقوى ( للأصلح ) وهذا زمن الذئب، زمن أصحاب السلطة والنفوذ والجاه ، زمن الحنجوريين أصحاب الأجسام القوية والحناجر العالية ايا كان موقعهم فمنطقهم دائما هو الأقوى والأوحد دون اى اعتبار لحرية وأفكار وأراء الأخرين مسخرين كل ما يمكنهم استخدامه لتحقيق مآربهم وأغراضهم على حساب اخواتهم فى النسانية أو الوطن..

ثانيا: مفهوم الحياة:
حينما نتكلم عن الحياة لابد وأن نتكلم عن الحب فالحياة حب والحب حياة ودينامكية الحياة ثلاثة هى الفكر ، العقل ، الفعل .
لقد حدث جدال طوال حياة النسان ووجوده فهناك من نادى قائلا  "أنا أفكر أذا أنا موجود " (ديكارت) ومنهم من نادى " أنا افعل فأنا أذا موجود" ( مين دى بيران) .

ان الأختيار لا يكون الا بين فعل يصدر عن فكر سيئ (الذئب) أو فعل يصدر عن فكر سليم أو فكر أصوب (الحمل والارتواء) لكن هناك فى الحياة تناقض مع القصة ففى الحكاية يلتهم الذئب الحمل ( وهذا ما يحدث فى حياتنا ) لكننا فى الحياة نجد أن الفناء على كل ما هو معتمد على قوته فقط دون عقله باعثا في الحياة الخوف والرعب سالكا عكس الهدف من وجوده ، فقد أنتهت حياة الديناصورات والتنانيين العظام لأعتمادها على القوة الجسدية فقط والغاء عقلها كذلك أوشكت حياة الذئاب والأسود والنمور إلى
آخره من الحيوانات المفترسة أن تنقرض لولا تدخل الأنسان ، والعجيب أن الذى يملأ الدنيا الأن هى الحملان الضعيفة -رغم ضعفها – لأن قوتها ليست لها بل لراعيها الحافظ لها ولحياتها.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق