CET 00:00:00 - 28/06/2009

مساحة رأي

بقلم: د. رأفت فهيم جندي
في عام 1979 ثار الشعب الإيراني على الإمبراطور "محمد رضا بهلوي" شاه إيران الذي لم يجد غير أن يذهب ويترك البلد في ظل هذه الثورة العارمة الشعبية والتي فشل في إخمادها. ولقد كانت ثورة شعب إيران هذه أعظم ثورة شعبية حدثت في التاريخ بعد الثورة الفرنسية التي كانت عام 1789، والفارق بينهما 190 عامًا.
بعد مغادرة شاه إيران لبلده هبط بعدها في مطار طهران "أية الله الخوميني" قادمًا من منفاه في فرنسا, ولتستبدل إيران ديكتاتورية الشاه بديكتاتورية أئمة آيات الله الإيرانية. وبعد 30 عام من ثورة إيران الأولى يعاود الشعب الإيراني الكّرة مرة أخرى ويثور على ديكتاتورية أشد وتزوير انتخابي وحماقة سياسية قد تنتهي بكارثة لإيران, فماذا جنت الثورة الشعبية الإيرانية طوال هذه السنوات الثلاثين؟؟

بالطبع هناك مَن يشير للأصابع الأمريكية في كلتا الثورتين ولكن هذا لا ينفي بأن الثورة الأولى لم تتجه الاتجاه الصحيح لإرساء قواعد ديمقراطية هناك, بل أتت بسلطة أشد تحكمًا في الإيرانيين سواء في ملبسهم أو عاداتهم وفي جميع أوجه حياتهم.
الثورة على الوضع الخاطئ قد تؤدي إلى خطأ أكبر إن لم تتجه هذه الإرادة الشعبية في الاتجاه الصحيح. ثورة الشعب الإيراني عام 79 قادتها واستثمرتها السلطة الدينية الإيرانية وأقامت بها ديكتاتورية أشد وها هو الشعب يعاود الكّرة. كل مرشح للرئاسة في إيران لأبد وأن يوافق عليه "آية الله" أولاً الذي هو قائد الثورة الإسلامية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومن المرجعيات الدينية الشيعية في إيران وللشيعة في كل مكان، ويلقب في إيران بولي أمر المسلمين.

منظمة حماس الإسلامية التي هو وليدة الإخوان المسلمين في مصر قادت الشعب الفلسطيني للاحتجاج على فساد فتح وتمكنت من الحكم بطريقة ديمقراطية لكي تذبح الحرية والديمقراطية بعدها وتنتهي بالتحكم فقط على غزة لكي تقود أهل غزة لديكتاتورية أكبر ودمار أعظم ببشاعتها وحماقتها وطياشتها.

الإخوان المسلمين يؤلبون المصريين على ديكتاتورية وفساد الحكومة المصرية أملاً منهم للوصول للحكم أيضًا بهذه الطريقة, فماذا سيجني الشعب المصري لو أتىَ بهم للحكم غير ديكتاتورية أشد وتهور وحماقة قد تذهب بكل انجازات مصر السلمية مرة أخرى, ولكي تعود مصر القهقرى مرة أخرى للبحث عن الاستقلال والحرية الضائعين.
عندما أخطأت بعض الكنائس وتسلطت على الحكم المدني -مخالفة لتعاليم السيد المسيح- كانت النتيجة ديكتاتورية أيضًا, والنظم الغربية كلها ذات الأغلبية المسيحية تطبق الآن مبدأ فصل الكنيسة عن الدولة وهذا ما قاله السيد المسيح "أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ".

بالطبع فصل المؤسسة الدينية عن الدولة قد ينتج عنه بعض القوانين الغير مستقيمة للرؤية الدينية عند البعض, ولكن السلطة الدينية لها أيضًا الحرية والديمقراطية لكي تخاطب الشعب بما تراه صحيحًا، أما عن تحكم السلطة الدينية أو ما يدعي أنه رمز ديني في الحكم ينتج عنه ديكتاتورية أشد نابعة من الخضوع الروحي للرموز الدينية لأن الاعتراض على هؤلاء يصورونه أنه تمرد ضد المعتقدات ذاتها.
دستور وقوانين أي دولة ونظام حكمها ينبغي أن يكون عادلاً ومساويًا لكل المواطنين مهما كانت هويتهم الدينية, وتعاليم القيادات الدينية -أيًا كانت- ينبغي أن تكون في أماكن العبادة ومشعة بالإصلاح والتنوير والدعاء لكل البشر وهذا هو المقياس لكونها تعاليم الرب الإله "فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ".

رئيس تحرير جريدة الأهرام الكندية

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق