CET 00:00:00 - 28/06/2009

مساحة رأي

بقلم: هيام فاروق 
لفت نظرى غضب أحد المعلقين فى مقالتى الأخيرة بعنوان ( حوار الأجيال ) لإستخدامى عبارة ( التدين المريض ) .. هل ننكر وجود ما يسمى بالتدين المريض ؟
سأسرد لكم بعض المواقف و عليكم أن تحكموا
عودت أولادى مُنذ نعومة أظافرهم وضع نظام مُعين حسب ما تربيت أنا فى بيت والديا ، حيث إعتدت مُنذ صغرى على الإستيقاظ مُبَكرا يومى الأحد و الجمعة لحضور القداس الإلهى و إحترام يوم الرب .. حرصت كل الحرص على أن يشبا أبنائى على هذا الإحترام اللائق بيوم الرب . وعانيت كثيرا فى تأصيل هذه العادة فيهما نظرا لتعودهما حسب ظروف عمل والدهما على السهر إلى ساعة متأخرة من الليل و بالتالى يصبح إستيقاظهما مبكرا أمر فى منتهى الصعوبة و التغصب .. و لكن عندما كبرا بدأ تمردهما يزداد حيث أصبحا مأخوذين أكثر للسهر أمام الكمبيوتر و التليفزيون .. و إزداد الإستيقاظ  مبكرا صعوبة .. فكنت دائمة الجدال معهما بسبب تقاعسهما فى الذهاب بعض الأيام
 
و فى زيارة أحد الآباء الكهنة لنا و هو أبى الروحى .. شكوت له كسلهما و عدم إهتمامهما بحضور القداس من أوله و فى بعض الأحيان التكاسل عن الذهاب أساساً  .. و بالطبع بدأ أبى يناقشهما فى كيفية إحترام يوم الرب .. و كيف يكون الحب هو الدعامة الأساسية التى تدفعهما إلى حب اللقاء مع الرب .. .. إلخ من كلامه المملوء من إرشاد الروح القدس .. و لكنى فوجئت أثناء هذه المناقشة بكلام أولادى و الشكوى منى .. فقال أحدهما : يا أبى بل أنا الذى أشكو لك من أمى .. فعندما يضيع منى يوم الأحد أو الجمعة أو كلاهما و لم أذهب إلى الكنيسة .. فالقيامة لم تقم .. و أحيانا أنا من تلقاء ذاتى أغضب من نفسى داخليا و أعوضه فى الأسبوع الذى يليه .. و لكنى أقابل وابل من التأنيب الزائد من والدتى و كأنه قامت الدنيا و لم تقعد و كأنى سأقابل الرب حالا و أنا غير مستعد .. و ناهيك عن أنه إذا حدث شىء أو حدث سىء خلال هذا الأسبوع تسرع أمى قائلة لى : ( أرأيت كيف تمر الأيام التى لم نبدأها مع الرب ؟ أرأيت كيف تسير الأمور على ما لا يرام ؟ ) مع أن هذه الأمور و الأحداث ربما تحدث أيضا حتى لو ذهبنا إلى الكنيسة .. فهى أحداث يومية .
هذا التدين من قِبَل والدتى هو الذى ينفرنى فى بعض الأحيان من الذهاب إلى بيت الرب
سمعت هذا يا أحبائى و كنت فى منتهى الخجل من نفسى .. و نصحنى أبى الروحى قائلا : يا إبنتى هذا هو التدين المريض الذى ينفر الآخرين من الرب ، إذن فعليكِ بالتنبيه عليهما ليلة ذهابك إلى الكنيسة و السلوك المعتاد فى الإستعداد ليلة التناول .. و فى الصباح عليكِ بإيقاظهما برفق قبل ذهابك .. و هما أصبحا واعيين بالقدر الكافى الذى به يعلما مدى إحتياجهما للرب .. و لا تقومى بتأنيبهما بعد ذلك .. و الأهم من كل هذا هو مداومتك فى الصلاة من أجلهما ، و إطمئنى أن صوت الرب سوف يناديهما بقوة أكثر و أعلى و أوضح من صوتك . آمين . مبارك هو فمك يا أبى
 
و إسمحوا لى أن أسرد لكم موقف آخر .. فى بداية خدمتى فى الكنيسة فى المرحلة الجامعية .. إستلمت مرحلة إعدادى بنات .. و كانت معى خادمة أخرى .. هى صديقة لى ، و لكنى لاحظت إنجذاب البنات لى و كثرة إلحاحهم فى الجلسات الفردية معى ، إرتبطوا بى و إرتبطت بهم جدا و تكونت بينى و بين كل واحدة منهن علاقة جميلة مستمرة حتى يومنا هذا و أشكر الرب الذى أعطانى نعمة فى عيونهن .. و لكن كان هذا يثير إحراجى مع زميلتى و خصوصا أنها صارحتنى بهذا و هى متألمة نفسيا .. لماذا تبتعدن عنها البنات ؟ و بالطبع رأيت لزاما على أن أصارحها بسبب نفور البنات بالأخص فى هذا السن منها .. و هو عدم إهتمامها بمظهرها و لا بشعرها و لا بهندامها على الإطلاق .. فى حين أن الخدمة عبارة عن خادم يعرف كيف يكون صورة جميلة و رائحة ذكية تجذب النفوس و تشعرهم أن الإقتراب من الرب يزيد الإنسان جمالا و رونقا .. لابد أن يساير الخادم العصر الذى يعيشه مخدوميه لكى يندمج معهم و يدخل إلى أعماقهم بدءا من خطوط الموضة التى يحرصون عليها إلى مواقع الإنترنت التى يدخلونها إلى أماكن نزهاتهم إلى إسلوب حياتهم بالكامل .. لكى يستطيع تصحيح مساراتهم و تطويعها داخل طريق الرب .. و أوضحت لها أنه طالما أنا إبنة الملك فلابد أن يكون مظهرى و سلوكى كسلوك أبناء الملوك .. حتى لو لم تتوافر معى إمكانيات مادية .. أستطيع أن أظهر فى شكل أبناء الملوك بأقل الإمكانيات و الرب يكمل عمله

و لكنى فوجئت بها تقول لى : لا .. لا و ألف لا .. لا يصح إلا الصحيح .. لا ينبغى أن أسمح لهم ببعض التجاوزات التى تسمحين أنتِ بها لكى أكسبهم .. فرضا الرب أهم .. قلت لها : سماحك لهم ببعض التجاوزات من صميم معاملة الرب .. و لكنها كانت متجمدة فى الفكر و ليس عندها أدنى إستعداد للمرونة تحت بند التدين و رضا الرب .. و مازالت صديقتى هذه تعانى من نفس المشكلة و هى نفور الجميع منها .. أليس هذا تدين مريض يا أحبائى ؟؟؟؟؟؟؟؟
 
و ليس أدل على هذا مما نحن فيه الآن فى مجتمعنا الذى أطاح بمعالم الحب و الود و المواطنة و الإنتماء تحت بند التدين المريض الذى كان العامل الأساسى الذى أوقعنا فى براثن الإضطهاد و التفرقة و التطرف .. فما حدث فى عزبة بشرى و أحداث عين شمس ، و عزبة النخل ، و الإسكندرية و أحداث دير أبو فانا .. و إمتد التدين المرضى فى مجتمعنا حتى إلى رجال الأمن و رجال القضاء و ليس أدل على هذا أيضا من إستمرار حبس أبونا متاؤس وهبة و أبونا راعى الكنيسة فى عزبة بشرى ؟
ليتنا نتحرر فى علاقتنا مع الرب و لتكن هذه العلاقة هى قدس أقداس بين الإنسان و ربه .. هى المخدع الداخلى الذى يستمتع به الإنسان و يتذوق حلاوة العشرة الحرة مع الرب الذى حررنا قائلا : لم أدعكم عبيد بل أبناء .. فهذه حرية مجد أبناء الله 
تحياتى لجميعكم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ٤٧ تعليق

الكاتب

هيام فـــاروق

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

نـريـدكـم

التدين المريض

حــــوار الأجيـــال

يبقى أنت أكيد في مصر

أشياء ضائعة

جديد الموقع