CET 00:00:00 - 18/10/2011

مساحة رأي

بقلم: جرجس وهيب


قد تكون انتخابات نقابة الأطباء التي أُجريت منذ أيام قليلة نقطة فاصلة وحاسمة في تاريخ "مصر" بعد ثورة 25 يناير، فالكثيرون- بمن فيهم أنا- اعتقدوا أن مجرد التفكير في منافسة مرشحي التيارات الدينية في أي انتخابات سواء نقابية أو برلمانية هو درب من دروب الجنان، وخاصةً بعد اكتساح مرشحي جماعة الإخوان المسلمين لنقابات المعلمين والصيادلة ونوادي أعضاء هيئات التدريس بعدد كبير من الجامعات المصرية. وإذا بنا نفاجىء بتحوُّل خطير في سير الحياة السياسية على أيدي أطباء "مصر"، بعد أن حقَّق الأطباء المستقلون- وهم خليط من الأطباء المسلمين المعتدلين والأقباط- بعدد كبير من المحافظات منها محافظة "بني سويف"، نتائج رائعة ضد مرشحي جماعة الإخوان المسلمين، بل شهدت نجاح عدد من الأطباء الأقباط بأصوات الأقباط وإخوانهم المسلمين المعتدلين.

 

فلماذا هذا التحول؟ ولماذا هُزم مرشحو التيار الديني بهذه الانتخابات؟ ولماذا لم يحقق التيار الديني الأغلبية المتوقعة، مثل كل الانتخابات وكما هو متوقع؟؟

أوجز هذه الأسباب، حسب رأيي الشخصي ومتابعتي لسير انتخابات مختلف النقابات بما فيها نقابة الأطباء بمحافظة "بني سويف"، في:


أول أسباب حدوث هذا التغير الكبير في سير انتخابات نقابة الأطباء هو خروج الأطباء الأقباط بشكل ملفت للغاية، وبشكل غير مسبوق، عكس انتخابات نقابتي الصيادلة والمعلمين، والتي لم يخرج فيها الصيادلة والمعلمون الأقباط، على اعتبار أن مرشحي التيارات الدينية سوف يفوزون بهذه الانتخابات.

وثاني هذه الأسباب هو تعاون الأطباء المسلمين المعتدلين مع الأطباء المسيحيين، وتكوين قائمة موحدة، فعلى الرغم من لجوء قائمة الإخوان إلى حيل انتخابية لضرب ذلك التحالف بضم أحد الأطباء الأقباط لقائمة الإخوان، إلا أن تحالف الأطباء المستقلين أكثر تنظيمًا وقوة وقربًا من الأطباء.

نجاح التحالف مدعاة لتحالف مماثل في انتخابات مجلسي الشعب والشورى بين المسلمين المعتدلين والأقباط والتيارات الليبرالية، لمواجهة المد الديني الذي سيقود "مصر" إلى الهلاك، وإلى مستقبل مجهول يسيطر عليه شيوخ الفضائيات، وخاصةً أن التيارات الدينية في أضعف حالاتها منذ قيام ثورة 25 يناير، وفي حالة انقسام عميق. فهذه التيارات أصبحت في حالة بحث عن مصالحها الخاصة، وهذا ما دفع بعض أعضاء التحالف الديمقراطي إلى الانسحاب من هذا التحالف، وخاصةً أحزاب: الوفد، والناصري، والكرامة، وحتى بعض الأحزاب السلفية والتيارات الإسلامية أعلنت عن انسحابها من التحالف؛ إحتجاجًا على محاولة الإخوان الاستحواذ على كافة المقاعد في مجلسي الشعب والشورى. فهذه فرصة ذهبية للأحزاب الليبرالية والمرشحين المعتدلين لهزيمة مرشحي جماعة الإخوان التي توهَّمت في فترة من الفترات أنها استحوذت على مقاليد الأمور في "مصر"، وأنها في طريقها لحكم "مصر"، وأن العملية عملية وقت..

 

فلابد من تعاون الإخوة المسلمين مع الأقباط من أجل انقاذ "مصر" من قبضة التيارات الدينية التي ستعود بنا إلى الخلف سنوات طويلة.

 

وليكن مثال نقابة الأطباء دافعًا لذلك، فالفرصة مازالت قائمة وموجودة، ولكن يبقى التحرك والتنظيم والتنسيق والتعاون، وإعلاء المصلحة العليا لـ"مصر" فوق المصالح الشخصية والحزبية، فنحن في مفترق طرق؛ إما أن نقود "مصر" إلى طريق الحرية والديمقراطية والمواطنة والعدالة والتعايش، أو طريق الجهل والتخلف والرجعية والتكفير والتضليل والتحريم.

فمازلنا حتى هذه اللحظة على محطة القطار، ولكن هذا القطار على وشك الانطلاق، ولن يعود للمحطة مرة أخرى.

فإما أن نركب قطار الحرية والمواطنة، وإما قطار التخلف والجهل..

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق