بقلم: ميرفت عياد
في البداية عزيزي القارئ، أحب أن أوجِّه تعزياتي إلى جميع أهالي شهداء "مصر"، وليس أهالي شهداء "ماسبيرو" فقط.. هؤلاء الشهداء الذين خصَّبوا بدمائهم أرض "مصر"، على أمل أن تنبت بذور الحرية والعدل والكرامة..
وأدعوك عزيزي القارئ، وأنت ترتدي السواد حدادًا على تلك الأرواح البريئة التي لم تقترف ذنبًا في حياتها سوى أنها حلمت بحياة أفضل بعيدة عن الظلم والتهميش والإقصاء، أن تأتي معي إلى سرادق العزاء؛ لنعزي سويًا في "القانون" الذي مات ودُفن في بلادنا منذ سنين طويلة، ولم تستطع ثورة "مصر" السلمية البيضاء أن تبث فيه الروح ليعود ويحيا، ليزاول عمله ويمارس دوره المنوط به في محاسبة المجرمين والمخطئين حتى يستتب الأمن والأمان في بلادنا..
وهنا أسمع أحد القراء يقول لي: "حقيقة، ونعم الدعوات!، فالدعوة عادةً تأتي في المناسبات السعيدة"، ويرد آخر: "هذه هي الدعوة الوحيدة المنطقية في تلك الأيام الحزينة التي نعيش بها.. كيف ستوجّه إليك دعوة فرح، وقلوب المصريين تنزف مع دماء أبنائها التي سالت على الطرقات في الشوارع بدون أي ذنب؟؟.. هذا وفي الوقت ذاته ينعم من سرقوا الشعب ودمروا ماضيه وحاضره ويحاولون تدمير مستقبله في "طره لاند"، وكأنهم في فندق خمس نجوم..
حقيقي صدقت قارئ العزيز، فلا يوجد دعوة في تلك الأحداث الدامية سوى دعوة الحزن والألم.. دعوة لتشييع جنازة الضمير الإنساني الذي استباح قتل الأرواح الآمنة البريئة.. فكثير من الضمائر أُصيبت بداء مصاصى الدماء، فأصبحت تنهل من دماء البشر ولكن دون ارتواء، ودون أن تدرك أنه سيأتي اليوم لتقف أمام الديان العادل لتقديم حساب عما اقترفته يداها..
أما الدعوة الثالثة والأخيرة التي أدعوك إليها عزيزي القارئ حتى لا أثقِّل عليك، هي لحضور دفن جثمان الخير والحق والجمال.. تلك القيم التي بفنائها انتفت الإنسانية عن الكثيرين.. وغابت أبسط معاني الرحمة والمحبة والعطف والتسامح والسلام.. ولم يبق غير التعصب وإقصاء الآخر ورفضه وتكفير المختلف..
وهنا أطرح سؤالًا بسيطًا: إذا كان الاختلاف سُنة من سنن الطبيعة، وهذا ما نراه في كل شئ حولنا، فالله لو أراد لأنبت الزهور بلون واحد.. وخلق الحيوانات بشكل واحد.. فالله لم يشأ لخليقته الاستنساخ. فإذا كان فكر الله هو التنوع والاختلاف لإثراء الحياة، وإذا كان الله يشرق شمسه على الأبرار والأشرار، فهل أنت أيها الإنسان ترفض الاختلاف؟ وتنصِّب نفسك حَكَمًا وتضع نفسك في مكان الديان العادل؟.. أيُعقل هذا؟ أنا في انتظار ردك عزيزي القارئ. |