CET 00:00:00 - 30/06/2009

مساحة رأي

بقلم: صبرى فوزى جوهره
تعرض الاسلام السياسى لهزات متتابعة خلال الشهور القليلة الماضية اجتاحت بلادا عديدة امتدت من اندونيسيا شرقا الى المغرب غربا. كان من اعنف هذه الزلازل نتائج انتخابات لبنان الاخيرة ثم ظهور المقاومة الصريحة لدكتاتورية الملا فى ايران, مهما كان او قيل عنه انه "فقيه", و الهتاف  بموته بعد ان كان من العجول المقدسة التى لا تمس الا بالثناء و الاطراء. يعتقد العبد لله ان هذه التراجعات لن تستديم و سيعود الذئب الجريح الى المسرح العالمى بالمزيد من العواء  و القهر و الشر و العدوان ذلك لان التطرف الدينى هو اكثر دواما و تشعبا و ربما خطورة و ضررا من الانظمة الشمولية الكريهة الاخرى. فقد بقى الاخوان المطززون و نتاجهم فى بلاد الله الاخرى يعملون علنا و سرا منذ قيام جماعتهم رسميا عام 1928 الى الان,  و على رأى الممثلة الراحلة مارى منيب عندما كانت تتحدث عن تعدد ازواجها فى الافلام السنمائية  "دوبوهم اثنين" على الاقل: الشيوعية و الفاشيية, الى جانب عدد لا يحصى من الدكتاتوريات الصغيرة البائسة التى انتشرت فى العالم  بعد الحرب العالمية الثانية.  قيل عنهم انهم مثل ديل البرص, يعود للنمو حتى بعد فصله نهائيا عن جسم صاحبه.

يرجع اعتقادى بان الاسلام السياسى سيعود "يرعص" بقوة من جديد الى اسباب متعددة, منها استعداد القائمين عليه "بعمل اللازم" من التقية الى العنف ليس فقط للبقاء على قيد الحياة, بل لتحقيق اهدافهم فى السيطرة على العالم. و قد يقال ان حجم الاسلام السياسى اقل كثيرا من حقيقته, و ربما كانت هذه حقيقة, الا ان الاستناد الى جهل الجماهير و انتمائهم الدينى القوى فيه ما يعوض عن صغر الحجم بشكل ملحوظ  و فعال.

يأمل البعض فى ان يخفف الزمن من الاتجاهات الدكتاتورية للمطالبين بالدولة الدينية الاسلامية و ينال من حدتها. فعلى سبيل المثال ذكرلى صديق امريكى على علم وثيق بمجريات الامور فى الشرق الاوسط و القرن الافريقى خاصة, حيث قضى سنوات عديدة هناك, ان الاجيال المتعاقبة من المسلمين الذين ولدوا و سيولدون فى الغرب عامة و فى الولايات المتحدة خاصة, سيتخلون تدريجيا عن الافكار المتشددة التى ينشرها و يمارسها الاسلام السياسى و سيتناسون او يعزفون عن الممارسات العدوانية و اشاعة الكراهية ضد الحضارة الغربية بعد ان يصبحوا جزء منها. وعلى نفس الوتيرة  يأمل عالم الاجتماع المعروف دكتور سعد الدين ابراهيم  ان تتحول الاحزاب الاسلامية الى ما يشبه الاحزاب الديموقراطية المسيحية فى اوروبا.  ولكن العبد لله له نظرة مخالفة بعض الشىء فى هذا الشأن, ارجو السماح بعرضها:

1.     ملاحظاتى عن شباب المسلمين فى الولايات المتحدة تحديدا, و لى ببعضهم اتصالات قريبة بحكم تلمذتهم لى,  لا شك انهم اكثراعتدالا من امثالهم فى المملكة المتحدة على سبيل المثال و يرجع هذا الى الحساسية و التخوف من الظهور بمظهر التعاطف مع ارهابيي الحادى عشر من سبتمبر و ربما كان فى ذلك بعض التقية حيث انهم ما زالوا يتعرضون فى مساجدهم و فى مجتمعاتهم الاسلامية المغلقة الى الفكر الوارد من المملكة العربية السعودية بكل ما تنفقه من اموال ليس فقط لنشر تفسيرها المعروف للاسلام فى مساجد و مراكز تقيمها وتساعد ان لم تتكفل تماما بالتزاماتها المالية بل لأسلمة الكفرة من ابناء البلاد أيضا!  من الصعب اذن ان يتخيل المرء ان هذه الاجيال التى ولدت هنا و التى تحاول قدر استطاعتها التمسك بالهوية الاسلامية فى معقل الغرب العاتى, ان تتخلى عما تتعرض له فى المساجد و المجتمعات الاسلامية و الوقوع فى حب الغرب عامة او حتى الولايات المتحدة خاصة التى اسبغت عليهم صفة المواطنة بكامل حقوقها, بينما هم واقعون تحت التأثير السلبى للفكر الاسلامى القائم و القادم من منابع الاسلام ذاتها.
2.     لا تكاد وسائل الاعلام الغربية تخلو من التعليقات عن انعزال مسلمى اوروبا خاصة فى تجمعات اسلامية منغلقة (ghettos)  ترفض الاندماج بباقى شعاب مجتمعات الدول المضيفة. مرة اخرى: من اين ستستقى اجيالهم الجديدة التقاليد و السلوكيات الغربية ان كان كل ما يلقنون هو سموم الوهابية و النرجسية و كراهية الآخر.
3.     سبق ظهور الاحزاب الديموقراطية المسيحية فى الغرب تغيرات قديمة و عميقة اثبتت نجاحها بالتجربة. فبالرغم من الاسم الدينى لهذه الاحزاب فهناك فصل تام للدين عن الدولة.  وهذا امر بالغ الصعوبة فى اسلام يدعى انه دين و دولة على السواء.

يبدو مما سبق, ان الامل فى التحول العصرى غير العدوانى فى الاسلام و تفاعله الايجابى على الساحة العالمية يتوقف على القدرة على اصلاح الاسلام فى بلاده اولا قبل نقله الى الاوطان البعيدة الجديدة التى اختارها المسلمون بعيدا وهى المخالفة فكرا و عقيدة و ممارسة عن منابع الاسلام و الفكر الاسلامى.
و الى الان لا تبدو علامات الرغبة فى الاصلاح بعد و انها ما زالت مترددة مرتجفة تخشى العلانية و العمل الحثيث فى عالم لا مكان فيه للمتردد و المستضعف. فمن ذا الذى سيتحدى البخارى و مسلم بل و يتجاسر بالعمل على تغيير ما هو محفور فى اللوح المحفوظ؟
الامر ينحصر في ايجاد هذا الفأر الشجاع الذى سيعلق الجرس فى عنق القط حتى تأمن باقى الفيران من شر هجماته المباغتة.  الى ان يخرج هذا الفأر الباسل من جحره, خاصة بعد فتوى اعدام ميكى ماوس المقدام, ستظل الامور على ما هى و سيطلع ديل جديد للبرص باذنه تعالى.
صبرى فوزى جوهره

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ٩ تعليق