بقلم: ماجد سمير
بنت أم أنوربترقص بالية.. بحيرة البجع.. سلام يا جدع، بهذه الكلمات بدأ صلاح جاهين القصيدة التي قصد بها الإشارة إلى حرية المرأة وحصولها على مزايا جديدة منذ ما يزيد عن نصف قرن من الزمان، وأوضح من خلال شطرها الأول مدى التطور الذي حصلت عليه المرأة في مطلع القرن الماضي حتى فترة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات.
ولم ينسَ جاهين خلال قصيدته الإشارة بشكل مباشر لما عانته حواء في بدايات القرن الماضي من جهل وتخلف وتردي مستوى الحصول على الحقوق وعدم تمتعها بأدنى أنواع الحرية والمشاركة الفعالة حتى في منزلها وفي تربية أولادها، فإذا كانت بنت أم أنور بترقص بالية بحيرة البجع كما ذكر الشاعر الراحل العظيم في أول القصدية ووصف طريقة رقصها بقوله سلام يا جدع.. سلام على الرجلين المشدودين زي الوتر، فإن أم أنور نفسها عاشت وماتت محبوسة في خندق التبعية وقفص الحريم بلا أي نوع من الإعتراض، ومن منّا ينسى دور أمينة في ثلاثية أديب نوبل الراحل نجيب محفوظ وكم كانت تسبح بحمد "سي السيد" وتقوم بتبخيره لمنع الحسد عنه، وكم ارتعدت خوفًا من أن يعرف أنها نزلت للشارع دون علمه من أجل زيارة سيدنا الحسين الذي ناداها كما عبّرت الفناة الراحلة "آمال زايد " في دور أمينة الخالد، بالإضافة إلى تصورها أن "الساوراس" صدمتها وكسرت ساقها لأنها لم تسمع كلام "سي السيد" وخرجت دون إذنه.
واستمر "جاهين" في وصف بنت أم أنور في القصيدة كاتبًا: بنت أم أنور.. بتنط وتشب وتلب.. وتضرب برجليها الفضا.. وتقول بلغوة إيدها.. اللي راح انقضى، حلم جاهين بأن زمن كبت حرية النساء راح بلا رجعة وأن بنت أم أنور بات من حقها أشياء لم تكن لأمها الحق في أن تحلم بها من قبل وربما لم يدور بخلد الأم أنه من الممكن أن تحقق بنتها ما لم يكن في الحسبان أبدًا، وبالفعل حققت نساء عصر جاهين نقلة حقيقية في كسب حقوقهن وحريتهن.
وأوضح جاهين ذلك في قوله: اللي راح انقضى.. حقيقي يا بنتي انقضى.. كانت أمك في أزجال عمنا بيرم عليه السلام.. ما تعرفش تركب "سوارس" تروح الإمام.. تمشي.. تقع.. وعجبي، بعد سماعي لتسجيل نادر لصلاح جاهين وهو يلقي هذه القصيدة الرائعة سألت نفسي لو كان كان الله أمد في عمر فنان الشعب صلاح جاهين ماذا كان سيكتب عن حفيدة أم أنور، ماذا كان سيكتب عن المرأة التي تم اختزال حقوقها في "عربيتين مترو" وكوتة لا يُقال عنها إلا أنها منة أو هبة من سي السيد لأمينة القرن الـ21، ماذا كان سيكتب عن حفيدة أم أنور التي أصبح صوتها هي وكل بنات جنسها عورة وشكلها عورة ولبسها يثير الغرائز وبات إخفائها عن عين الرجل هو حماية له من المرأة التي أصبحت سفير الشيطان في الأرض، أعتقد أن عمنا جاهين كان سيكتب "إن الزمن زام وزنجر.. وسي السيد أصبح "شنعر".. مسكينة حفيدة أم أنور". |