قانون تجريم التمييز الوجه الآخر لمفهوم المواطنة الذي يحميه من الانتهاك
كتبت: ميرفت عياد
"يُعد قانون تجريم التمييز أحد الأركان الأساسية لبناء المواطنة في أي مجتمع، إذ يعتبر الوجه الآخر لمفهوم المواطنة الذي يحميه من الانتهاك، وتتعمق مشكلة التمييز في حالة التعامل معها عبر قوانين مبنية على أساس تمييزي، حيث أن هذه الفئات المختلفة في المجتمع تحاول البحث عن المساواة، ولكن للأسف حتى لو وجدتها على المستوى القانوني، فإنها على المستوى الثقافي تكرِّس لهذا التمييز".. هذا ما أكَّده "محمد العجاتي"- المدير التنفيذي لمنتدى البدائل العربي للدراسات- في دراسة أعدها تحت عنوان "قانون تجريم التمييز.. الطريق إلى المواطنة"، بهدف طرح رؤية لقانون مصري يحوِّل مبادئ المواطنة بمفهومها العام إلى قواعد تشريعية، تفرض التزامات محددة، وتضع العقاب على مخالفتها، وتطرح آليات لتنفيذ القانون، من منطلق أن ثورة يناير مثَّلت إلهامًا لشعوب العالم، فيجب أن يكون هذا القانون نموذجًا يُحتذى به على المستوى العربي والدولي.
مبدأ فرق تسُد
وانقسمت الدراسة إلى ثلاثة أقسام، هي: المعايير الدولية لتجريم التمييز، التشريعات في مجال تجريم التمييز، توصيات للحالة المصرية، أكّد "العجاتي" من خلالها أن قانون تجريم التمييز يعد أحد الأركان الأساسية لبناء المواطنة في أي مجتمع، معتبرًا أن هذا القانون الوجه الآخر لمفهوم المواطنة الذي يحميه من الانتهاك، لافتًا إلى أن "مصر" عانت من زرع بذور الفتنة الطائفية من قبل النظام السابق، الذي رفع في أحد المؤتمرات السنوية لحزبه الحاكم شعار المواطنة لمبدأ فرق تسد، والذي إتهم المصريين في وطنيتهم، سواء على أساس ديني- الاستقواء بالخارج، وقصة أقباط المهجر- أو على أساس عرقي وجهودي- بدو سيناء وأهالي النوبة- إلى جانب التمييز الطبقي الذي وصل إلى التعيينات والخدمات التعليمية والصحية.. وغيرها.
أشكال التحريض
وأشارت الدراسة إلى أن مشكلة التمييز تتعمق في حالة التعامل معها على أساس تمييزي، فعلى المستوى الثقافي يتم تكريس هذا التمييز من خلال بعض القوانين، مثل قانون دور العبادة الموحَّد الذي يقوم على أن هناك فئتين في المجتمع مسلمين ومسيحيين، ويحاول الموازنة بين حقوقهم في بناء دور العبادة، أما قانون تجريم التمييز فينطلق من رؤية مخالفة؛ إذ يقوم على أن الشعب المصري وحدة واحدة يحظر التمييز بين مكوناتها أيًا كانت هذه المكونات، فهو يكرِّس لمفهوم المواطنة في المجتمع على المستوى الثقافي والتشريعي. موضحًا أن الهدف الرئيسي لهذا القانون هو السعي إلى تكريس وحماية مفهوم المواطنة، من خلال التصدي لكل أشكال التمييز ضد فئة من المواطنين في "مصر"، والدفاع عن حقهم في شغل كل الوظائف، ومنع كل أشكال التحريض التي تُمارس ضدهم في وسائل الإعلام وغيرها من المؤسسات العامة.
صحيح المواطنة
وفي هذا الإطار، تسائل الدكتور "رفعت السعيد" في كتابه "الوحدة الوطنية نعم أم لا؟": هل تريدون وحدة وطنية نعم أم لا؟؟.. مشيرًا إلى أن هذا السؤال قد يبدو غريبًا أو مريبًا، ولكنها الحقيقة المؤلمة، وإن شئنا الدقة لأسمايناها "الحقيقة الفجة"، وهي أن الكثيرين يرددون عبارة "الوحدة الوطنية" وكأنها واقع حتمي مفترض أو حتى مفروض، ناسين أن أي ثوب مهما كان متينًا يمكن أن يتمزق بأيدي من يزعمون أنهم دعاته أو حتى حراسه. مؤكّدًا أن الوحدة الوطنية تراث داسته أقدام كثيرة، بعضها عن عمد وبعضها عن جهل، مذكِّرًا أيانا بمشكلات الوحدة الوطنية، لأن ترك الأخطاء وتناسيها هو الخطر، وعندما تلتهب النيران تلتهب معها المشاعر ولا يكون للعقل والتعقل من سبيل، مطالبًا أن نغيِّر- حكامًا ومحكومين- المفاهيم والقرارات الدفينة والممارسات المشينة، وأن نفهم صحيح الدين وصحيح المواطنة. |