بقلم: هاني دانيال
أنا -أعوذ بالله من كلمة أنا- عبقرية اقتصادية يجب أن تدرّس في الجامعات، لماذ العبقرية كما وصفني بها الكثيرون من الصغير إلى الكبير، المسئول والمثقف والخبراء في مجال الإقتصاد وإدارة الأعمال، فأنا من أسرة بسيطة جدًا وكانت تربيتي على المبادئ والأخلاق والصبر والاجتهاد، وليس هناك ثروة أو أموال غير معلومة المصدر تحت أي مسمي أو أي أقوال بأي شكل غير قانوني أو شرعي، وإن البداية كانت من الصفر!
هذه مجرد كلمات من إعلان نُشر على صفحتين لأحد مديري شركات الإستثمار العقاري بجريدة الأهرام يوم الخميس الماضي، يمد فيها نفسه ويهاجم الآخرين، والأغرب أن يقوم الأهرام بنشر هذا الإعلان رغم ما به من مشكلات تخترق أصول نشر الإعلانات، بل ساعدت الأهرام على مهاجمة صحف أخرى لمجرد أن هذه الصحف عبرت عن مصالح الجماهير ونشرت معاناة آلاف الأسر بعد تعنت هذه الشركة في الإيفاء بالتعاقد الموجود بينهم وبين الشركة، وبدلاً من قيام الأهرام الجريدة العريقة بالدفاع عن هموم المواطنين إلا أنها تفرغت لنشر مثل هذه الإعلانات، ولم لا؟ طالما أن هذه الشركة كثيرًا ما تنشر إعلاناتها بالأهرام.
وقد يقول لى أحد أن هذا إعلان ومن حق أي شخص أن يعلن عن نفسه أو عن شركته أي منتجات شركته، ولكن هناك ضوابط لهذه الإعلانات، ولا يمكن أن ننسي أن هناك يمكن أن تُنشر وهناك أمور لا يمكن أن تُنشر.
ولمن لا يعرف هذه الشركة باعت وحدات سكنية للمواطنين وفق شروط معينة، ودفع المواطنين الأموال كما يقول العقد، إلا أنهم فوجئوا بأن الشركة كل يوم تقوم بفرض شروط وطلبات مالية جديدة، واضطر حينها المواطنين للدفع، وحينما حان وقت الإستلام كانت المفاجأة في أن هذه الوحدات بدون مرافق، أي بدون كهرباء أو مياة، وكانت الشركة كثيرًا ما تخفي هذه المعلومة حتى اكتشف الكثيرون الأمر وطالبوا الشركة بحقهم في أموالهم أو الوحدات السكنية كما في العقد، وطرقوا أبواب الصحف واهتمت بعض الصحف بهم، وتم معرفة الحقيقة في أن هذه الشركة تعمل من الباطن لصالح شركة أخرى، وعجزت عن تلبية مصالح المواطنين، والغريب أنها رغم كل ذلك كانت وزارة الإسكان تشاركها العديد من الأمور رغم هذه المشكلات التي أشرنا إليها!
هذا ما فعلته الصحف وربما تم حل المشكلة مؤخرًا، ولكن ليس من المعقول أن يتم مهاجمة هذه الصحف في الأهرام، وليس من حق هذا الشخص أن يمدح نفسه بهذا الأسلوب وأن يختار العنوان بهذا الشكل "أنا عبقرية اقتصادية"، والأغرب أن يقوم بإعداد المادة الإعلانية إثنان لا يعرف أحد أنهما من الصحفيين أم من الموظفين أم من مندوبي الشركة!
وربما يقول أحد كما قلت من حقي نشر أي إعلان طالما قمت بتسديد المقابل، وهنا أقول ماذا لو كتب شخصًا كتاب فارغ يهاجم أي عقيدة أو شخص، وطلب نشر إعلان عن هذا الكتاب، فهل يسمح له الأهرام بنشر هذه الأمور أم أنها لا بد ان تلتزم بآداب النشر؟، وحتى نعرف أكثر، كثيراً ما تنشر جريدة الدستور وصوت الأمة وبعض الصحف المعارضة أو الخاصة بعض العناوين الصحفية التي غالبًا ما تهاجم الرئيس مبارك أو عائلته أو حتى مهاجمة نظام عربي معين أو مسئول أو وزير ما، فيقوم الأهرام بمسح هذه المانشيتات أو على الأقل بأسلوب مكشوف يقوم بمسح هذه العناوين بلون أسود حتى لا يقرأها قارئ الأهرام حتى لا تحسب عليه!
هذا هو أسلوب الأهرام، والكيل بمكيالين، وغالبًا ما يفسر الكثير من القضايا والموضوعات، ويكشف عن الصحف التي تبحث عن حق القارئ فى المعرفة، وما هي الصحف التي تبحث عن حقها فى حصيلة الإعلانات! |