بقلم: دميانة اقلاديوس
عند حدوث كارثة طبيعية مثل الزلزال وتكون نتيجته سقوط المنازل أو موت البشر، أو عندما تغزو بلد ما بلد أخرى وتكون نتيجة الغزو جرح الأطفال أو هدم البيوت أو تشريد شعب، ففي كلتا الحالتين تهم مصر سريعًا برد فعل إنساني إما بجمع المال عن طريق التبرعات من حصاد الحفلات الغنائية أو من رجال الأعمال الموقرين بالإضافة إلى سيارات المعونات الغذائية التي لا تقل أهمية عن سيارات الأدوية لجرحى الغزو أو الكوارث وعمل الترتيبات اللازمة حتى تضمن الراحة للمنكوبين نتيجة الحدثين، وهذا مما لا شك فيه عمل إنسانى يفوق العقل ويجعلنا ننحني لأم الدنيا على عملها الخيري الذي ينم على العطاء الدائم.
ولكن يقول المثل العربي القديم (البلدي) باب النجار دايمًا مخلع، وهنا مربط الفَرس، فنحن نعترف جميعًا أن مصر نجار جيد جدًا في ستر البشر وتضميد جراحهم وجمع المشتتين، وهنا تتصارعني الأفكار مع المشاعر الحزينة وتطرح ألف سؤال وسؤال ولكنى لم أجد الإجابة..
ماذا فعلت مصر عندما حرق المتطرف أكواخ أهل الفشن؟؟
أين رد فعلها الإنساني مع أولادها المنكوبين ليس في أحداث الفشن فقط بل مع الأقباط عمومًا؟
هل عوضتهم عما حدث نتيجة التطرف والعنف والقتل؟
هل ساندتهم وقامت بحمايتهم؟
فهذه الأحداث لا تقل أهمية عن الكوراث التي تحتاج منها السرعة في رد فعلها الإنساني، أين كانت تختبئ عندما هجم المتطرف على أهالي هذه القرية وهم يمارسون حقهم الطبيعي في الحياة سواء الصلاة في الكنائس أو في منازلهم التي تحتاج إلى الصلاة من أجل البركة؟
ألم ترى مصر أن هؤلاء البشر يحتاجون إليها حتى تلملم ما شتته المتطرفون؟
ألم يحتاج هذا الشعب إلى الأدوية المعنوية المتمثلة في الحكم العادل لتضمد الجروح الناتجة عن عدوان العنف؟
ألم يحتاجون إلى رد فعل إنسانى يشعرهم ولو للحظة أنهم أبنائها؟
ولكنى أرى أنها عاجزة عن اتخاذ الحكم العادل الذي يمنع تكرار هذا الهجوم الغير آدمي لذا فهو يتكرر كل يوم لعدم وجود رادع له، وهذا يجعلنا نشعر دائمًا أنها تعطي لنا ظهرها غير مهتمة بنا تاركة حياة أبنائها بين أيدي لا ترحم ولا ترفق بإنسان.
فهل توجد أم على وجه الأرض تهتم بأناس في الخارج وتحاول جاهدة في تجميع شتاتهم وتترك أولادها مشردين مقهورين تلتهمهم الذئاب؟
إن الأعمال الإنسانية الكاملة لأي أم هي التي تحتوي أبنائها بين ذراعيها ثم تبدأ بالإهتمام بما هو خارجًا، ولكن أعمالها دائمًا ناقصة وقراراتها دائمًا غير حكيمة، فأنا كفرد من أبناء هذا الوطن أشعر الآن بالغربة والحيرة من أمرها ويتخللني شعور بالحسرة والألم غاضبة ثائرة عليها، ولكنى كإبنة محبة تريد من وطنها القرار الحاكم العادل حتى تنتهي هذه المأساة.. |