المصري اليوم - كتب: محسن حسني |
بين الجلاليب البيضاء واللحى السوداء الكثيفة والوجه المتجهم والصوت الغليظ رسم صناع الدراما صورة أعضاء التيارات الدينية على الشاشة سواء فى السينما أو التليفزيون، وفيما اعتبر بعض الرافضين لتلك التيارات هذه الصورة واقعية وتعبر عن تشددهم وميلهم نحو العنف اعتبرها فريق آخر غير منطقية وتبتعد عن الحقيقة وتسعى لتشويههم. وبعد تفوق التيارات الدينية ممثلة فى جماعة الإخوان المسلمين والجماعة السلفية فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، طرحت العديد من التساؤلات نفسها حول إمكانية تغيير صورة أعضاء تلك التيارات على الشاشة أم ستظل كما هى. «المصرى اليوم» تفتح هذا الملف وتحاول الكشف عن الصورة المتوقعة للإخوان والسلفيين وبقية التيارات الدينية على الشاشتين الصغيرة والفضية بعد برلمان الثورة. محمد صفاء عامر: واقعهم كان أبشع الكاتب محمد صفاء عامر نفى عن نفسه تهمة تشويه أعماله الفنية للجماعات الإسلامية، وقال: النظام السابق لم يحرضنى ضد أحد ولكننى قدمت صورة تلك الجماعات بأمانة طبقا لممارساتها، مثلما ظهرت فى مسلسلى «الضوء الشارد» و«حلم الجنوبى» بشكل شديد الواقعية. أضاف «عامر»: هذه الجماعات مارست فى الواقع إرهابا أبشع بكثير مما جاء فى الأعمال الفنية، وأقصد هنا الجماعات الإسلامية المسلحة، لكن السلفيين لا أعرفهم، وموقفهم مريب فعلا، فهم ظهروا فجأة على الساحة السياسية وليس لديهم مفهوم محدد عن الفن ولن يكونوا أغلبية، وإن كنت متفائلاً بدرجة ما تجاه الإخوان المسلمين لأن شبابهم أكثر تفتحا من الحرس القديم. وعن التناول الفنى لهم مستقبلا قال: لو تشددوا وحولوا مصر لدولة بدوية فعلى الدنيا السلام لأن مصر بذلك ستعود لعصور الظلام، وأعتقد أن الفنانين سينقسمون فى هذه الحالة إلى فئتين، فئة تهاجر إلى الخارج لأن البيئة لم تعد مناسبة لتقديم أعمال فنية، وأخرى ستبقى وتنتقد هذه الجماعات وتظهر صورتهم السلبية وما يمارسونه من تزوير ومتاجرة بالدين وهنا سيحدث صدام لا نعرف مداه أو عواقبه. وأكد «عامر» أن التناول الفنى لهذه الجماعات سيختلف باختلاف سلوكهم فى المجتمع، وأضاف: بالتأكيد لن يأتى عمل فنى يظهرهم يحملون السلاح طالما أن هذا لا يحدث فى الواقع، لكن قد يأتى عمل يظهر ممارساتهم السلبية. كرم النجار: كيف نقدمهم كملائكة وأيديهم ملوثة بالدماء؟ أكد المؤلف كرم النجار أن صورة الإخوان والجماعات الإسلامية فى الأعمال الفنية السابقة كانت صادقة بدرجة كبيرة وكشفت عن سلبياتهم. وقال النجار: واقع تلك الجماعات كان أكثر سلبية مما قدمه الفن، فالإخوان كان لديهم جناح عسكرى يمارس الاغتيالات، وأيديهم ملوثة بدماء أحمد ماهر سنة ١٩٤٥ وأحمد الخازندار سنة ١٩٤٨ والنقراشى سنة ٤٨ وغيرهم كثيرين، كما أن الجماعات الإسلامية المسلحة قتلت الشيخ الذهبى سنة ٧٧ وأنور السادات سنة ٨١ ورفعت المحجوب سنة ٩٠ وفرج فودة سنة ٩٢ وعشرات السائحين فى التسعينيات، وأمام كل هذا التاريخ الأسود ماذا كان مطلوبا من الفن؟، هل كان علينا تقديمهم بشكل ملائكى تنقصهم الأجنحة البيضاء كى يطيروا بنا إلى الجنة؟ وأضاف: السلفيون فصيل جديد بالنسبة لنا، لكنهم بدأوا مسيرتهم بتكفير الأقباط ونجيب محفوظ وقاموا بتغطية التماثيل باعتبارها أصناما، وكل هذا سينعكس بالتأكيد على أى عمل فنى يتناولهم مستقبلا حتى لو فازوا بأغلبية ساحقة فى البرلمان. وقال «النجار»: هناك امتحان شديد الصعوبة سيخضع له الإخوان، اسمه امتحان «الحرية» ويليه امتحان «العدالة» وسنرى هل سيحققون لنا الحرية والعدالة أم لا، لكننى لست متفائلا لأنهم يراوغون بدهاء، فقالوا إنهم سيكتفون بـ٣٠% فقط من مقاعد البرلمان، ثم قالوا ٤٠% ثم ٥٠% وهم تجاوزوا كل هذه النسب على أرض الواقع، فكيف نثق فى تصريحاتهم فيما بعد؟ وأشار النجار إلى أنه قدم عملا واحدا من قبل تناول الجماعات الإسلامية، وهو مسلسل «أمر إزالة» بطولة كمال الشناوى، لكنه لم يعرض فى مصر رغم عرضه بجميع الدول العربية، موضحا أنه قدم من خلاله الجماعات المسلحة التى تتخذ الدين ستارا. وحيد حامد: تاريخهم الأسود انعكس على الدراما الكاتب وحيد حامد قال: لا أستطيع توقع ما الذى ستقدمه الدراما لأن الصورة لم تتضح بعد، وبالتالى ليس عندى خيال حاليا لمعرفة صورتهم فى الفن فيما بعد. وأضاف: أنا كمؤلف يجب أن أنتظر وأقرأ المجتمع بشكل جيد ثم أتناول هذه الجماعات وفقا لنظرة المجتمع لهم ووفقا لما يمليه على ضميرى، لكن الذى أؤكد عليه حاليا هو أن أى مبدع لن يتناولهم بشكل جيد فى ظل تصريحاتهم التى تحرم الفن وتعارض الإبداع وتكفر نجيب محفوظ وتعتبر رواياته أعمالا داعرة. وعن تقديمهم بشكل سلبى فى العهد السابق قال: كانت صورتهم فى المجتمع سلبية لذلك عكسها الفن كما هى، وأعرف أنهم سيلصقون التهم بالنظام السابق ويقولون إنه كان يتعمد تشويه صورتهم، لكن الحقيقة أن صورتهم كانت مشوهة وتاريخهم أسود، وهذا انعكس على ظهورهم الفنى، وحتى الآن تصريحاتهم لا تعجب أحدا، فهم لا يزالون ضد السياحة ويقومون بتغطية التماثيل، ولو ظهر عمل فنى يبرز تلك الممارسات فسوف يهاجمونه ويتهمون صناعه بأنهم من فلول النظام، فهم دائما يهاجمون من يقف لهم بالمرصاد بدلا من أن يعيدوا النظر فى تصرفاتهم وممارساتهم التى يستنكرها المجتمع كله فى بعض الأحيان. أضاف: قدمت مسلسل «الجماعة» عن الإخوان وتمت مراجعته تاريخيا، ولم يكن به أى افتراء ورغم ذلك هاجموه واعتبروه من صنيعة النظام السابق، وأتمنى أن يكون صعودهم السياسى مواكبا ومتوازيا مع مزيد من الحريات الفنية والإبداعية. سمير الجمل: سيظهرون بشكل جيد لو أحسنوا التصرف الكاتب سمير الجمل دافع عن التيارات الدينية، خاصة جماعة الإخوان المسلمين وقال: صورتهم فى الفن كانت نمطية وسطحية، فالنظام السابق سعى لتقسيم المجتمع، وصنع من فصيل ما فزاعة مخيفة لإيجاد سبب يجعل المصريين يكرهون بعضهم بمنطق «فرق تسد»، ونحن لم ولن نتقدم بالعرى والتحرر الجنسى، وفى أوروبا وأمريكا أماكن مخصصة للعرى والإباحية، والقوانين هناك تجرم أى فعل فاضح فى الطريق العام. وأضاف: أحب أن أطمئن الخائفين من صعود التيارات الإسلامية وأقول لهم إن الانحلال سيظل موجودا، لا تخافوا، لأن إبليس سيظل موجودا، والديمقراطية عموما تجارب، والفن سيكون مرآة صادقة للمجتمع، لو أحسنت تلك الجماعات التصرف سيظهرون بشكل جيد ولو أساءوا سيظهرون بشكل سلبى فى أعمال تنتقدهم بصراحة ودون خوف. محفوظ عبدالرحمن: الصورة ستتغير لأن المناخ تغير الكاتب محفوظ عبدالرحمن قال: صورة التيارات الإسلامية ومن بينها جماعة الإخوان المسلمين حتما ستتغير لأن وجودهم فى الواقع تغير، والناس منحوهم عدداً كبيراً من المقاعد فى البرلمان لثقتهم فى أخلاقهم، فالشعب لا يريد من يسرقه، والجماعات الإسلامية تبدو أمينة، وسننتظر فلو تصرفوا بشكل يفيد مصر فسيحبهم الناس وسيظهرون بشكل إيجابى فى الفن، ولو تصرفوا بشكل سيئ فسيرفضهم المجتمع وسيهاجمهم الفن. وأضاف عبدالرحمن: المشكلة حاليا أن بعضهم ليسوا مؤهلين لممارسة السياسة، وأبرز دليل على ذلك تصريحات عبدالمنعم الشحات القيادى السلفى الذى أساء لنجيب محفوظ وبدا فى كلامه تربص وبعد كبير عن الواقع، والمشكلة الأكبر أنهم لا يدركون خطورة ذلك، لأنهم لو استمروا فى هذا النهج سيخسرون الشارع، ووقتها سيخسرون كل شىء وسينعكس هذا بالسلب على صورتهم فى السينما والتليفزيون. وأشار إلى أن الشعب المصرى لم يعد يخاف، والفنان تحديدا سينتقد كل من لا يعمل لمصلحة هذا البلد ويقف ضد الحريات أو يصادر على الرأى. وقال: نحن نعيش مرحلة «رجراجة»، فقد يكسب مرشح ما ملايين الأصوات ثم يخسرها كلها فى انتخابات أخرى، لأن الناس يفكرون ويعطون صوتهم لمن يستحق، وهذا المنطق يجب أن تأخذه الجماعات الإسلامية بعين الاعتبار لأنها لو أساءت التصرف فستخسر الانتخابات المقبلة بأغلبية ساحقة. نادر جلال: «الإرهابى» وثيقة لعنف بعض الجماعات الإسلامية المخرج نادر جلال قال: لم نفتر عليهم، والفن كان انعكاسا صادقا لأعمالهم الإرهابية، ففى السبعينيات والثمانينيات مارسوا القتل، وكانوا يلجأون للعنف لأن الدولة كانت تمنع انخراطهم فى الحياة السياسية، لكن حاليا تغير الموقف وأسسوا أحزابا، وبالتالى ستتغير صورتهم فى الدراما، لكن من الصعب التنبؤ بماهية هذا التغيير وهل سيكون سلبيا أو إيجابيا فهذا يتوقف على ممارساتهم فى الحياة السياسية ومدى قبول المجتمع لهم، لو أحسنوا سيقدمهم الفن بشكل جيد، ولو أساءوا سينتقدهم لأن الفن يعكس الواقع. وقال «جلال»: أنا متفائل لكن هذا لا ينفى قلقى لأن التغيير هذه المرة مجهول المصير، فنحن لا نعرف «إحنا رايحين على فين» وإن كنت أراهن على حضارة الشعب المصرى وأثق فى أنه سيعبر هذه المرحلة الصعبة بسلام. وأكد أنه فى العهد السابق مارست بعض الجماعات الإسلامية العنف، والمجتمع كله كان ضدهم ولذلك ظهرت أفلام أدانتهم مثل «الإرهابى» الذى قدمته فى التسعينيات كوثيقة عما كان يحدث فى تلك الفترة، وأتوقع أن تتناول الأعمال الفنية المقبلة الممارسات السياسية لتلك الجماعات، وستكون فى صفها لو تقبلها المجتمع، وستكون ضدها لو رفضها. محمود عبدالمغنى: الموضوع مرتبط بقبول المجتمع لهم محمود عبدالمغنى قال: يجب ألا نسبق الأحداث، فقد يكون صعود هؤلاء الناس إلى الحكم فيه الخير لمصر فعلا كما يقولون فى شعاراتهم، وأتمنى أن يهتم الإخوان المسلمون بالمحليات الغارقة فى الفساد. وأضاف: حين قدمت دور الإرهابى ريشة فى فيلم «دم الغزال» لم أكن أقصد الإساءة لأى من تلك الجماعات، وأعتقد أن «ريشة» شخص رومانسى لأنه كان يحب فتاة ودخل عالم الإرهاب من أجل الوصول إليها، مثلما استخدم الدين فى الانتقام من غريمه الذى قام بدوره عمرو واكد وقطع يده، وبشكل عام نحن نقدم كل النماذج فى الفن، وليس بالضرورة أن يعبر كل نموذج نقدمه عن جماعته بالكامل، فظهور إخوانى أو سلفى بشكل سلبى لا يعنى أن كل الإخوان أو السلفيين سيئون. وعن توقعاته لصورة هؤلاء الجماعات فى الفن مستقبلا قال: لا نستطيع التنبؤ بها حاليا، فالأمر يتوقف على مدى قبول المجتمع لهم، وما سيقدمونه لمصر وإيجابياتهم وسلبياتهم واندماجهم مع المجتمع المدنى، وكل هذا سيشكل صورتهم فى الواقع، وسيعكسها الفن بشكل موضوعى. حمدى حسن: الإخوان تعرضوا لحملة تشويه متعمدة أكد القيادى الإخوانى حمدى حسن أن جماعة الإخوان المسلمين تعرضت لحملة تشويه كبيرة خلال السنوات الماضية من خلال إظهارها بشكل سلبى فى الأعمال الفنية سواء فى السينما أو التليفزيون، مشيرا إلى أن هذا التشويه كان متعمدا من جانب النظام السابق الذى كان يشجع هذه النوعية ويمنع الأعمال التى تبرز الجانب الإيجابى للجماعة. وقال حسن: الجماعة لا تكره الفن كما يشاع عنها، والتاريخ يقول إنه كانت لديها فرقة مسرحية عمل فيها الفنان الكبير عبدالمنعم مدبولى، لكن الجماعة تقسم الفن كما يقسمه المحللون المتخصصون إلى فن راق يعكس صورة صادقة ويأخذ الأمة للأمام وفن هابط يثير الغرائز ويضر أكثر مما ينفع. وأضاف: النظام السابق جعلنا «فزاعة» تخيف الناس، ونحن نريد أن نطمئن الجميع، فإذا أصبحنا أغلبية لن نمنع أى عمل فنى طالما يتفق مع الأعراف والتقاليد الاجتماعية للشعب المصرى، وأعتقد أن الحريات ستزيد، ونحن لا نمانع أيضا فى ظهور عمل فنى يتناول الجماعة بشكل سلبى كما فعل وحيد حامد مثلا فى مسلسل «الجماعة»، لأننا نعتبر الفن نوعاً من التعبير عن الرأى وقد يعكس العمل وجهة نظر صاحبه فقط، ونحن مطالبون بحمايته، لكننا أيضا سنسمح بظهور أعمال أخرى تبرز الجانب الإيجابى للجماعة. وعن توقعاته لصورة الإخوان فى الأعمال الفنية خلال الفترة المقبلة قال حسن : لا أستطيع التنبؤ، ولكننى أتمنى أن تكون حرية التعبير مكفولة ولا تتم مصادرة أى عمل فنى سواء كان ضد الجماعة أو معها، والأمر نفسه بالنسبة لكل فصائل المجتمع. المتحدث باسم السلفيين: نريد الظهور فى شكل تغلب عليه المحبة أكد الدكتور خالد سعيد، المتحدث باسم الجماعة السلفية فى مصر، أن ظهور السلفيين وأعضاء الجماعات الإسلامية فى الأعمال الفنية طوال السنوات الماضية كان ممنهجا، ويتفق مع أهواء السلطة الحاكمة التى أظهرت كل ملتزم بدينه فى صورة المتشدد الذى يحمل السلاح من أجل التحريض على كراهيتهم وخلق فجوة بين هؤلاء الملتزمين وبين المجتمع. وقال سعيد: أتوقع أن تستمر هذه الصورة فى الأعمال الفنية المقبلة ولكن بشكل محدود بعد سقوط النظام السابق، ونحن نرفض ذلك لأننا جزء من الشعب المصرى وشركاء فى الوطن، ونريد الظهور فى صورة تغلب عليها المحبة، وهذا لن يتحقق بالتخوين والتخويف. وعن موقفهم من الفن قال: الفن ليس مطروحا على الأجندة السلفية حاليا خاصة أنه لدينا تحفظات فكرية عديدة على الفن بمفهومه الحالى لأن معظمه لا يتفق مع الشرع، ولذلك لم أشاهد التليفزيون منذ ٢٠ سنة، وحين نقرر تقديم أعمال فنية فسيكون لها ضوابط حتى تتفق مع الشريعة الإسلامية. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت | عدد التعليقات: ٢ تعليق |