CET 00:00:00 - 08/07/2009

مساحة رأي

بقلم: عساسي عبدالحميد
حدث ذلك منذ سنين عديدة ،أيام كنت طفلة في ميعة الصبا،فقد أحضر أبي شجيرات عنب صغيرة من حقل جدي بكفر ناحوم و قام بغرسها قبالة بيتنا وكنت مع أمي نساعده على الحفر وردم التراب و تغبـيـر الشجيرات وكنا أيضا نسقيها بماء نبع قريب، كان الكرم يكبر أمام أعيننا حتى صار يعطي الغلال ويزدان كلما حل شهر أيلول بعناقيد جميلة كالثريا، أقام أبي سياجا من شجر السرو والعليق حول الكرم و بنا وسطه بئرا ومعصرة وبرج مراقبة وكلما حل الصيف كنا نجني عناقيد العنب ونحتفظ بالبعض الآخر في الكرم حتى يحل أيلول فنطرحه للعصر وحدث ذات يوم و بينما كنا نجمع الغلال للعصر أن مر بنا يسوع الناصري مع بعض من تلاميذه، فحيا أبي ثم اتجه نحوي باسما واضعا يده على رأسي ثم خاطب والدي قائلا: هلا أعطيتنا شيئا من خمرك أيها الْكَرَّام لأعطيك أنا من خمرة الحياة فإن خمرتي معتقة وجيدة وستظل تذكرها كلما وضعت عنبك في الجفن وكلما أدرت هذه المعصرة،

فقال أبي سأعطيك يا سيد من خمرة معتقة احتفظت بها من العام الماضي في الجرة و هي نتاج أول غلة كرمي هذا وسأعطي مثلها للهيكل عند قدوم فصح هذا العام، صب يسوع خمرة أبي في قدح و شرب منها وناول تلاميذه ثم التفت نحو أبي وقال: الحق الحق أقول لك أن خمرك رفيع وأنك كرام مجد فقد اعتنيت جيدا بأشجارك حتى أصبحت غلالها جيدة، وأنا كرام مثلك يا صاح أعتني بأشجاري لتصبح مغدقة معطاءة وتمنح ثمارا جيدة للمارة وعابري سبيل، نعم فكلنا عند التحقيق مارون من درب الحياة، وكلنا عابرو سبيل نطلب شربة ماء وكسرة خبز ومبيت ليلة عندما مغيب كل شمس غروب، قال هذا والتفت نحو تلاميذه،

لبث يسوع معنا تلك الليلة و شاركنا عشائنا وسمرنا وحدثنا طويلا عن كروم الجليل المثقلة بعنب أيلول وعن عزف الرعاة العائدين عند المساء من الحقول وعن صبايا القرية المجتمعة حول النبع بجرارهن وعن ترنيمة الساقية بين الصخور المنفردة وحدثنا كذلك عن الحب والبذل والعطاء وعن الإيمان الحق الذي يصنع القداسة والجمال، كان كلام يسوع لنا في تلك الليلة يتسم بالبساطة والحكمة و الشاعرية و قد فقهت حينها ما عناه الناصري رغم صغر سني، و بعد مرور كل هذه السنين أيقنت أن كروم وأشجار يسوع التي اعتنى بها قد أينعت و تفرعت و صارت تنتج أثمارا جيدة في متناول كل الناس نعم في متناول كل الناس ليس في اليهودية فحسب بل في كل سوريا و مصر وفارس وروما.
عساسي عبدالحميد - المغرب
Assassi_64@hotmail.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق