بقلم: جرجس بشرى
إنني أتعجب أشد العجب من طريقة وأسلوب الرئيس المصري "محمد حـُسني مـُبارك" في التعامـُل مع مشاكل الأقباط، ولست أفهم إلى الآن على وجه التحديد والدقة لماذا يتجاهل الرئيس المصري مشاكل الأقباط؟
فعلى حد علمي لم يحدُث مثلاً في مدة تولي الرئيس مبارك الطويلة حـُكم البلاد أن خرج علينا يومًا وأدان حادثًا أو واقعة إرهابية تمت في كنيسة أو تعاطف مع ضحايا أعمال العنف الطائفي الموجّه ضد الأقباط!! كما لم يحدُث وأن استجاب الرئيس لتأوهات الضحايا الأقباط وذويهم المُضارين من أعمال العنف الطائفي الذي يُمَارس ضدهم من قِبل متطرفين إسلاميين، هذا في الوقت الذي ينتفض فيه سيادته ليتدخل في أمور كثيرة أقل جسامة وخطورة من أحداث تفكك النسيج الوطني والفتنة الطائفية اللعينة وكأن وحدة النسيج الوطني تعتبر أقل أهمية وأقل جسامة من القضايا الفرعية الأخرى!!
أن الواقع الملموس الذي يعيشه أقباط مصر في عهد الرئيس مبارك وصل إلى مستويات غير مسبوقة، بدليل تصاعد حِدة العنف الطائفي الموجه ضد المسيحيين طيلة فترة حُكمة وإمارته المُمتدة لمصر!! وارتفاع عدد الضحايا الأقباط على أيدي متطرفين إسلاميين إلى أرقام مُفزعة وغير معهودة في العصر الحديث، وذلك دون أن يُقدم الجُناة المعتدين على الأقباط (المسيحيين) إلى العدالة، بل ومن تم تقديمهم إلى العدالة برأتهم المحاكم!
وهو ما يشير بل ويؤكد على أن هناك سياسة رسمية لتبرئة الجناة المعتدين على المسيحيين في حوادث العنف الطائفي الموجّه ضدهم لدوافع دينية، بل والكارثة الكبرى أن هناك مسئولين حكوميين ثبت تورطهم في أعمال عنف ضد المسيحيين وقد حصنتهم الحكومة للإفلات من العقوبة وأبقتهم في مناصبهم، بل وهناك من هؤلاء المسئولين مَن تم ترقيتهم!!
ورغم كل هذه الكوارث التي تدق على رؤوس الأقباط يتخذ الرئيس مبارك حيالها الصمت سبيلاً، وأنا أعرف جيدًا أن الرئيس مبارك يزن كل كلمة يقولها بميزان من ذهب قبل أن يتفوّه بها (كما قال ذلك عن نفسه) وبالتالي يعتبر أن حديثه عن مشاكل للأقباط بمثابة اعتراف رسمي من قبل سيادته وحكومة حزبه بوجود مشاكل ومعاناة يُعاني منها الأقباط.
وأقولها لسيادة الرئيس أن سكوتك الذي نلحظه ويلحظه العالم على مشاكل ومعاناة الأقباط المسيحيين في وطنهم يعتبر أكثر خطورة من كلامك عنهم لأنك لو سكت فالواقع الملموس يتكلم نيابة عنك، وعن ممارسات حزبك ضد المسيحيين الذين وصلوا إلى مستوى غير معهود من الإقصاء والحرمان والاضطهاد في عهدك. وأظن أن دماء ضحايا الأقباط تشهد على ذلك!
أننا نطالبكم أيها الرئيس أن تدركوا أن هناك أقباطًا في مصر وصل تعدادهم إلى ما يقارب 15 مليون نسمة ولا يريدون شيئًا سوى حقوقهم المشروعة في بناء دور العبادة والسلطة وصناعة القرار في وطنهم، وعلى الأقباط أن يضغطوا ويلحوا بل ويجبروا مبارك على الاستجابة لهذه المطالب طالما أنها مطالب عادلة ومشروعة، فمن حق الشعوب أن تحاسب حكامها الذين أهدروا حقوقها وقمعوا حرياتها بلا هوادة، وواجب على الحكام أن ينحازوا للمهمشين والمقهورين والفئات المغلوبة من الشعب وإلا فليرحلوا غير مأسوف عليهم. |