CET 00:00:00 - 08/07/2009

المصري افندي

بقلم: جرجس بشرى
مَن يتابع بحيادية تناول الإعلام المصري لواقعة مقتل الطبيبة الصيدلانية المصرية "مروة الشربيني" يُدرك وللوهلة كيف يتفنن الإعلام المصري وبحرفية شديدة استثارة عواطف الشارع واستغلال هذه العواطف وتوظيفها لتحقيق أغراض ومكاسب سياسية بحتة، وأحب أن أؤكد أولاً أن الفعلة الشنعاء التي أرتكبها القاتل الألماني ذي الأصول الروسية جريمة مُدانة وتستوجب العقاب والقصاص العادل.
ومع أن الجريمة فردية بحتة مثل أي جريمة تحدث في أي مكان في العالم ولا تُمثل ظاهرة تستحق كل هذا الكم من الاهتمام الإعلامي الواسع إلا أن الإعلام المصري في هذه الجريمة التي نؤكد على رفضنا التام لها، قد صَدَر للناس العاطفة بديلاً عن العقل والمنطق، فألهب حماس الجماهير الثائرة وأشاع بينهم أن المسلمين في ألمانيا يتعرضون لجرائم التمييز والعنصرية وهو ما نفاه السفير المصري بألمانيا وأنه يجب على كل مُسلم أن ينتفض نـُصرة لدينه ويطالب بالقصاص من المجرم قاتل مروة فتاة المسلمة والمحجبة، ورأينا كيف وصل التصعيد الإعلامي إلى ذروته لدرجة أن لقبوا السيدة "مروة " بـ "شهيدة الحجاب"!
وانتشرت مظاهرات عارمة في الشارع تطالب بالقصاص من الغرب الذي يستهدف الإسلام والمسلمين! بل ووصل الأمر إلى إطلاق اسم الصيدلانية "مروة " على أحد الشوارع!

وأقولها صراحة أن الإعلام المصري عندما تناول حادث مقتل السيدة مروة (رحمها الله) لم يكن إعلامًا موضوعيًا بالمرة بل كشف للعالم كله كيف يتعامل العرب والمسلمين مع حادثة فردية بهذا الكم من العنف والتهديد الذي وصل لمرحلة الإرهاب والتحريض ضد الغرب، مع أنه كان من الممكن استغلال هذه الواقعة والاستفادة منها بطريقة تخدم قضايا العرب والمسلمين وتزيل الكم المُتراكم والمُتزايد كل يوم حول الانطباع السائد لدى الغرب بأن العرب والمسلمين إرهابيين.
كان بالفعل يمكن توظيف هذه الواقعة لإزالة الصورة الذهنية لدى الغرب عن الإسلام نفسه كدين، ولكن الإعلام المصري ضيع بغباء واستهتار شديدين هذه الفرصة الذهبية مثلما ضيعها مرات عديدة في وقائع كثيرة كالرسوم الدنمركية المُسيئة، فقد كشفت واقعة مقتل مروة على أن الإعلام  المصري حينما اتهم الغرب بالعنصرية كان هو نفسه أكثر عنصرية وعندما يتهم الغرب بالتمييز كان هو نفسه صانعه، فكم وكم من حوادث العنف والاضطهاد العلني التي ترتكب ضد أقباط  ويتجاهلها الإعلام الرسمي وخاصة التليفزيون بغباء وبدم بارد!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٦ تعليق