CET 00:00:00 - 10/07/2009

مساحة رأي

بقلم: انطوني ولسن
كنت انوي الكتابة هذا الاسبوع عن موضوع الاحداث المتكررة ضد الاقباط في مصر، والمحاولات المتعددة لمنعهم من اداء الصلاة.
ولظروف عائلية صحية ارجأت الكتابة وقررت الاعتذار، لكني فوجئت بالخبر الحزين والمؤلم والمؤسف، خبر اغتيال الدكتورة مروة الشربيني في قلب محكمة استئناف بالمانيا.
انا مصري/استرالي وطنا.. مسيحي ايمانا.. والمرحومة الدكتورة مروة الشربيني مصرية وطنا (ولا اعرف ان كانت المانية ايضا ام لا) ومسلمة دينا.
اكتب كثيرا جدا عن الاقباط في مصر وحقوقهم المسلوبة وما يواجهونه من ظلم وجور سواء من الحكومة والأمن او من التنظيمات الاسلامية المتطرفة والمتعصبة.. لانني مصري وطنا اولا يشعر بظلم واقع على الاقباط وله جذور عميقة منذ قيام ثورة العسكر حتى الآن والى ان يشاء الله وبوقف الاعتداءات ضدهم انها حقيقة واقعة ملموسة وكل من يقول غير ذلك صدقوني كاذب ان كان مسؤولا او سياسيا او مسيحيا قبطيا. واكبر دليل دامغ استمرارية وجود جنود أمن امام كل كنيسة لحمايتها.. ونسأل حماية الكنيسة والمصلين من مَن؟.. طبيعي من الارهابيين.. ومن هم؟!.. المتطرفون المتعصبون الذين تتكرر هجماتهم واعتداءاتهم بشكل منظم في الصعيد وفي الدلتا وفي الفيوم وفي الاسكندرية والقاهرة بالطبع، وفي كل انحاء الجمهورية.

سامحيني يا اختي في الوطن الشهيدة مروة الشربيني وانت بين يدي العادل إله كل الناس الواحد الذي لا شريك له،سامحينى من انني تحدثت عن اخوة واخوات لكِ في الوطن يواجهون تعصبا وتطرفا واعتداءات عليهم كبارا وصغارا لمجرد انهم يتبعون دين آخر او ايمان آخر ولهم طرقهم في العبادة وليست لديهم الامكانيات المسموح به لممارسة عباداتهم.
اطلب السماح منك.. لانني مررت بنفس التجربة التي يمر بها كل انسان يختلف عن الآخر في العقيدة ان كان بين المسلم والمسلم او القبطي والقبطي وأنا هنا لا أضع القبطي والقبطي حتى لا اظهر بمظهر المتعصب.. لا انها حقيقة وواقع ولكنه لم يرق الى حد الاعتداء.. او كما حدث لك من متعصب ضد جنس يختلف عنه.. الماني ضد مصرية.

ما فهمته من الخبر ان هذا الانسان المتخلف هاج ذعرا وهلعا من رؤيتك شرقية بملامح مصرية ومحجبة. فما كان منه إلا ان اساء اليك باللفظ القبيح وبالتحرش ياليد محاولا نزع الحجاب من فوق رأسك.
لم تستكينِ بل تقدمتي ضده بمذكرة بما حدث ورفع الامر الى المحكمة التي غرمته مبلغ 700 يورو كتعويض عما سببه لك من إهانة متعمدة بالسب والتحرش الجسدي محاولا نزع الحجاب.
وكنت على موعد مع القدر عندما لم يعجبه حكم المحكمة وطلب الاستئناف واكيد كان دافعه عدم الرغبة في دفع اي غرامة لامرأة مسلمة محجبة ليس لها حق الوجود على الارضي الألمانية طالما تُصر هي وغيرها من النساء المسلمات على ارتداء الحجاب.
وفي داخل المحكمة.. ولا اعرف إن كانت المحكمة قد بدأت في نظر الدعوة ام لا.. لأن الأخ عمرو أديب لا يترك فرصة للتوضيح ولا يكف عن اعادة ما يقول ويكرره بغرض الشحن والاستفزاز مما يجعل المشاهد يشعر بان المانيا كلها ضد الاسلام والمسلمين وانك شهيدة الاسلام ولست ضحية انسان غبي جاهل متطرف ومتعصب.

وما فهمت انه بدأ الاعتداء عليك بطريقة وحشية همجية ويكيل لك الطعنات ولمدة ثماني دقائق متواصلة، دون تدخل من احد، وليس من المهم ان يكون هذا الاحد شرطيا.. لانني فهمت لم يكن وجود للشرطة في قاعة المحكمة.. لان القضية ليست جناية ولكنها جنحة.. وغالبا لا تحدث مشادات او اعتداءات.. لكنها حدثت وبلغ عدد الطعنات بـ18 طعنة.. وعندما هم زوجك لحمايتك بعد هذا الوقت استدار الوحش وهجم عليه واخذ يكيل له ايضا الطعنات ولسوء حظه دخل رجال الشرطة واطلقوا عليه النار فأصابوه وليس الجاني.
كل هذا يحدث امام الطفل الصغير البرئ الذي لا يعرف ما الذي يحدث امام عينيه.. ولماذا يحدث؟.. ولماذا سقطت امه امام عينيه غارقة في دماءها جاحظة العينين فاغرة فاها.. الرعب والدهشة ممتزجان مرسومان على وجهها.. وربما صوت استغاثة غاضبة حاولت ان تطلقها.. او اطلقتها بلغتها العربية التي لم يفهمها احد سوى زوجها الذي نال ما نال من اعتداءات الغبي الجاهل المتعصب المتغطرس.. ومن رجل شرطة غير مدرب على مواجهة الازمات والتميز بين المعتدي والمعتدى عليه.

وراحت الدكتورة مروة الشربيني ضحية الجهل والتعصب الأعمى.. وربنا يستر على زوجها ويتعافى ليرعى الطفل البرئ الذي لن يكف عن السؤال عن امه. ومما لاشك فيه ان كل ما حدث امام عينيه لن يمحوه الزمان.. لان ما حدث سيترك جرحا غائرا في شعوره ونفسه.. ولن تغيب صورة امه وهي تصارع الموت عن ذهنه ووجدانه. والخوف كل الخوف على الطفل من محاولة غاشمة بتذكيره بما حدث وشحنه بنفس اسلوب عمر وأديب.. فيشب الطفل غير سوى كاره للغير ولربما يتحول الى انسان لا فرق بينه وبين من قتل امه. من كل قلبي ادعو الله ان يجنبه هذا.. ويضع السلام في قلبه حتى لا يزداد عدد الغير سويين الكارهين للغير  سواء هذا الغير من بلد غير بلده او يعتنق معتقدا مخالفا لمعتقده.. او مجرد انسان غاضب لن يجد الحب والسلام طريقا الى قلبه.. ولا الأمن والامان الى نفسه البريئة.

ودعوك في الاسكندرية وداع الشهداء.. وندعو لك بالرحمة والخلود في الجنة.. والصبر والسلوان لعائلتك ووالدك وشقيقك وزوجك وكل من عرفك او سمع عن ما حدث لك. وان تطلبي وانت بين يدي العادل الرحمن الرحيم ان يتولى هو رعاية ابنك ويبث الحب والسماح في قلبه ووجدانه.
لان الكره يولد التعصب الأعمى الذي يقود الى التطرف والارهاب الذي يقود الى مزيد من سفك دماء ابرياء وحرمان الاطفال من امهاتهم وذويهم.
وهذا ما يريده الشيطان.. عدو الله والانسان.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٧ تعليق