CET 00:00:00 - 11/07/2009

مساحة رأي

بقلم: د. رأفت فهيم جندي
صرخ مذيع الكرة المصري بعد فوز مصر على إيطاليا بأن الإسلام انتصر والمسلمين يتقدمون, قال البعض أيضًا بأن السجدة انتصرت على الصليب. وتبارت بعض الصحف تنشر ركعة اللاعبين بعد هذا الفوز الذي فرحنا به جميعًا مسيحيين ومسلمين, ولكن لم يقل لنا هؤلاء المهوسين من الذي كسب عند هزيمتنا لأمريكا وقبلها البرازيل, هل الدولار الأمريكي والريال البرازيلي كسبا الإسلام والسجدة؟ أم ماذا؟

بالطبع أنا لا أزج بالصليب أو المسيحية في هذه الأمور. فهذه الأمور سامية وتعلو عن فكر هؤلاء السطحيين, ففي المسيحية تشجيع على التحمل والمعاناة كطريق لسمو النفس, بل أن التجارب والضيقات هي الطريق للقرب أكثر من الرب الإله. والفرح المسيحي ليس ماديًا ولكنه روحيًا, بل أن محبة الأمور المادية تذهب الروحانية ولا تزين المسيحية الحياة الدنيا لنا بل تعاليم المسيح تقول لنا عيشوا في العالم ولكن لا تجعلوا العالم يعيش فيكم, ولكن السطحية هي التي أنجبت الهمجية.

الأقباط يحبون مصر ويسعدون لها بالفوز في أي مجال ولكن الشخصيات الهزيلة الإعلامية المصرية التي يعلو صوتها على صوت العقل والتعقل تحاول أن تلغي شعور ووجود الأقباط المصريين, واتجاه الحكومات المصرية عامة هو أن تلغي الوجود القبطي, فلا يُقبل في الأندية الرياضية ووسط لاعبي كرة القدم خاصة أي اسم له دلالة مسيحية. شهرة لاعبي الكرة أكبر من شهرة نجوم الفن في معظم الأحوال, فأنت تسمع عن اسم بيليه وماردونا ورينالدو وغيرهم من لاعبي البرازيل ولكنك لا تعرف نجوم الفن البرازيلي سواء في الغناء أو التمثيل, وهكذا في معظم بلاد العالم.

إلغاء الوجود القبطي في مصر كائن في أشياء كثيرة، فعندما تسمع أن جائزة الأم المثالية ستكون رحلة حج تعرف أن الأقباط غير موجودين أو حتى مسموح لهم. الوجود القبطي في الأفلام والمسلسلات كان منعدمًا وعندما تذكروهم فجأة كانت بالتي ليست هي أحسن, أي الصورة البغيضة لجامعي الأموال أو المنحرفة أو التي تتزوج بمسلم أو التي تريد كسر قوانين الكنيسة. الإداريون المصريون تركوا ما هو لإصلاح البلد وتفرغوا لمسح هويتها القبطية من تغيير أسماء القرى مثل أبو حنس إلى وادى النعناع, وكم من المجهودات والإجتماعات والأعتصامات من الأهالي لكي يعود اسم قريتهم الأثري القبطي لما كان عليه.

كل لجان حريات الأديان في العالم وصفت مصر بأنها من أسوأ البلاد في الحرية الدينية, ولكن هنا نرفع قبعتنا للسعودية معتذرين لها عن عدم المساس بلقب البطولة التي تتربع عليه بجدارة دائمًا في هذا المضمار.

انعدام الضمير في الحكومات المصرية يدفع بمصر الحبيبة من سيئ إلى أسوأ, أي إنسان ممكن له أن يخطئ ولكن الشخص لا يمكن أن يكون في تركيبته أنه أمين في شيء وغير أمين في شيء آخر لأنه إنسان واحد. الإداريون المصريون من الكبير للصغير يلزم عليهم اضطهاد وجحف حقوق الأقباط فكيف لا يكونون مرتشين وسارقين أيضًا؟. من المؤهلات اللازمة للتعيين في مناصب إدارية مصرية أن يكون الإداري ظالمًا للأقباط فكيف تطلب منه العدل في باقى الأمور؟. أي مبدأ يصنف الناس لإعطائهم حقوق منقوصة أو جعلهم موطنين درجة أقل هو مبدأ ظالم شرير. واللص والمزور والمرتشي هم أول من يرتجفون وينتفضون عند رؤيتهم لكاهن يدخل بيتًا للصلاة بحجة دفاعهم عن قانون أشر. الإصلاح لأي شعب يكون أولاً في إصلاح السلطة الحاكمة لأنه إن كان رب البيت بالدف ضاربًا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص.
رئيس تحرير جريدة الأهرام الجديد الكندية

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق