بقلم: إسحق إبراهيم صحيح أن الجماعة تراجعت عن أعمال العنف، وقامت بمراجعات فقهية بداية من عام 1997 لكن لم تتخل عن آراءها ومرجعيتها المتشددة والتي استندت عليها في القيام بهذه العمليات الإرهابية، فالتراجع وفق خبراء الحركات الإسلامية تم نتيجة ضغوط على الجماعة من أبرزها تزايد القبضة الأمنية والقبض على قادة الجماعة ووضعهم داخل السجون، فالمراجعات تمت للتقية. فالسيد أسامة حافظ عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية صاحب الدعوة للحوار يقول أن الحوادث التي تورط فيها بعض المنتمين للجماعة أو المؤمنين بأفكارها كانت لها أسبابها المرتبطة بالظروف المحيطة بالجماعة وقتئذ، مشددًا على أنه ليس هناك خصومة بين الجماعة الإسلامية والأقباط لكن هناك انتقادات كثيرة للأقباط منها مسألة التوسع في بناء الكنائس دون حاجة ملحة والدخول في صراع مع السلطة دون مبرر. هل هذه التصريحات تشكل أرضية ملائمة للحوار؟! فالرجل لم ينف تورط الجماعة، ولم يعتذر عن أعمال العنف ضد الأقباط، ولم يتراجع عن المرجعيات الفكرية التي اعتمد عليها، ولم يقدم ضمانات بعدم تكرارها!! يحتاج أي حوار مع الجماعة الإسلامية إلى إعلان الجماعة عن حجم عضويتها وطبيعة العلاقات المتشابكة مع التنظيمات الإسلامية المتشددة في الخارج، وكيف تُدار الأمور داخل الجماعة؟ ومن أين تأتي مصادر تمويل الجماعة التي تزيد إلى عدة مليارات من الجنيهات دون وجود مصادر معلومة؟ وأن تبادر الجماعة بتقديم رؤيتها تجاه قضايا الإصلاح السياسي والدستور واحترام مدنية الدولة وطابعها المعتدل الذي يستوعب كل الأديان والأجناس معًا. في نفس السياق يحتاج الحوار إلى تحديد أطر عامة حول حقوق الأقباط، فالجماعة عليها أن تعترف بوجود مسألة قبطية، وأن هناك عدد كبير من المصريين يتعرضون لتمييز واضح في كثير من القطاعات لسبب واحد، فقط أنهم مسيحيون. كيف يتم حوار إذا كان أحد الطرفين ينكر على الآخر معاناته!! الدكتور ناجح إبراهيم زعيم الجماعة الإسلامية في إجابة عن وضع المسيحيين في تحقيق صحفي نشر بجريدة العربي التي تصدر عن الحزب الناصري -الأحد 28 يونيو 2009- قال: "إن المسيحيين في مصر اليوم بينهم رجل من أثرى الأثرياء، وهو نجيب ساويرس وهو ما لم يكن يتحقق دون وجود حرية للمعتقدات الدينية إضافة إلى وجود وزير هو الأشهر على الإطلاق وهو بطرس غالي، إضافة إلى وجود محافظ مسيحي، وهي كلها إشارات ودلائل على أنهم ضمن نسيج المجتمع المصري، وهو ما يعكس زعم بعض المسيحيين بالداخل أو الخارج والذين يحصلون على الدعم الدولاري من الخزائن الغربية من أجل نشر الفتن والقلائل في البلاد بهدف زعزعة الاستقرار."، وأضاف ناجح: "لو كان الاضطهاد صحيحًا ما بقي أحد منهم حيًا حتى الآن، ولكن أقباط المهجر والذين يتلقون الأموال من الموساد وأجهزة الاستخبارات العالمية ويعيشون على هذه الأموال على حساب إخوانهم الأقباط أيضًا، فهم أصحاب المصلحة في الترويج لهذه المقولة ورفع شعار الأقباط"، واعتبر زعيم الجماعة الإسلامية أن الدولة لا تستطيع إقصاء رجل دين مسيحي عن مهامه أو تقوم بتكليفه بعكس قيامها بمنع رجل الدعوة المسلم من نشر دعوته، أيضًا لم يثبت أن قامت الحكومة بفصل مسيحي يعكس ما يحدث مع المسلمين. وفي السياق ذاته قال أسامة حافظ: "ينبغي أن يدرك الأقباط أن مشاكلهم هي بعض من مشاكل البلد المثقل بالأعباء.. وأن وضع الأمور في حجمها الطبيعي دون مبالغة وفي مكانها الطبيعي دون ابتزاز هو خطوة هامة على طريق حل المشكلة.. وأن التضخيم والمبالغة وتحميل الأمور ما لا تحتمل هو أول العقبات في طريق الحل وإشاعة سوء الظن وعدم الثقة، لا بد أن يدرك الجميع أن الخطأ يرتكبه فرد أو مجموعة.. وأن عامة المجتمع المسلم أو القبطي ليس مطلوبًا منه أن يتحمل مسئولية مرتكب ذلك الخطأ.. وإنما ينبغي أن يتحمل المخطئ وحده نتيجة خطئه". إذا امتلكت الجماعة فضيلة الاعتراف بالخطأ وتخلت عن فكر التطرف وأرادت أن يكون لها دورًا في بناء مصر المستقبل ووقفت على نفس الأرضية مع المصريين الشرفاء سيتم الترحيب بالحوار معها على عدة أسس تبدأ باحترام القانون والنظام الجمهوري للدولة وعدم الإنفراد بالحكم وطابع الدولي المدني واحترام التعددية الفكرية والسياسية وعدم الاستبداد والمساواة الكاملة لكل المصريين والعدالة. لا أعتقد أن الجماعة الإسلامية قادرة على ذلك لأنها إذا تخلت عن الأفكار المتشددة وقدمت وعودًا بالحفاظ على الطابع المدني للدولة وتحقيق المواطنة الكاملة للجميع لن تصبح جماعة إسلامية في هذه الحالة. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |