بقلم / مايكل فارس
لماذا نحب أمهاتنا هل لأنهن جميلات؟ أمي ليست جميلة، عيونها ليست خضراء وشعرها ليس بأصفر.... فهي مثل أغلب السيدات المصراويات مصرية للنخاع شعرها اسود، عيونها سوداء قمحاوية اللون.....لماذا أحبها؟... لماذا أشتاق إليها؟
كثيراًًَ ما يراودني هذا السؤال لماذا أحبها؟ تارة تغضب وتارة تصمت وتارة تستكين وكأنها جثة هامدة تحتضن بين ضلوعها أتعاب وأوجاع يئن لها الجبال دون أن تتحدث بذرة من ذرات رمال تلك الجبال.. تشعر بها وبحزنها ولكن ما فائدة مشاعرك تجاة قلب قرر الصمت ليحتمل الأوجاع وحده، قلب تدمي الأعين من معرفة مكنوناته.
تستعير كل شيء لأجلك تستعير الإبتسامة والضحكة في لحظات تكون الأزمات فيها عصرت أوصالها فما يبقي منها إلا أشلاء متناثرة في كل مكان، ما من أحد يستطيع جمعها من شدة أحزانها وتخطفهما من الهواء لتعطيك إياهما دون مقابل، كل ما تتمناه منك هو..."إبتسامة" وليست كلمة فتكفي إبتسامة لترطب قلبها الظمأن.. إبتسامة لتلملم أشلاءها المتناثرة.
الحب دون مقابل دون أجر دون حساب...... عطاء بلا حدود، أتذكر تلك اللحظات عندما كان والدي يعمل في إحدى الدول العربية عندما كنت أمر في صالة الشقة لأجدها متكئة على كرسي حزينة كنت صغير لا أعلم سبب حزنها، فكانت تبدو لحظات وكأنها دهور... كانت تتنفس وكنت أسمع النفس دقات طبول لحرب تبعث في نفسي الخوف والرعب، كرياح في غابة لتصطدم الأشجار بها اثناء ليل يصيبك بالزعر والخوف والحزن... تشعر بكل هذا الألم والحزن وتتسائل ما سببه؟ قد يكون السبب هو الأيام المقبلة وما تحمله من مجهول من لحظات الله وحده اعلم بها.. كنت صغير فقلت لنفسي كيف تجلس أمي هذه الساعات الطويلة وهي حزينة وما سبب هذا الحزن وعندما كنت اسأل عن السبب تكون الإجابة.... لا شيء (مفيش حاجة).
الأيام القادمة وما تحمله كان شغلها الشاغل.. كان اسلوب حياتها سؤال واحد وهو كيف تصنع أجمل حياة لأطفالها مهما كانت التضحية.
فإلى التي ضحت وبكت وسهرت ليال طوال وما بعده سهر وحزنت من أجلي حزن ما بعده حزن.
إلى التي كانت تبكي بدلاًَ مني.. إلى الأعين التي كانت تدمي من أجلي .. إلى القلب الذي إنصهر من أجلي ... إلى المشاعر التي إحتضنتني والحضن الذي إمتلكني والملكة التي جذبتني وجذبها الذي أسرني فصرت أسير حبها.
صرت عاشقاًَ لها، ذاك العشق الذي لم ينطق به قلبي يوماًَ فقد عجز لساني عن الإفصاح به ولكن مشاعري تدفقت وما عدت أقدر على حجب تلك المشاعر.
لست أدري ما السبب.. ولكن الذي أعرفه أنه آن الأوان لكي أفصح عن ما يطويه لساني من حب لساكنة القصر، تلك الملكة التي حملت أعباء دهور دون كلل او ملل تلك الملكة على عرش ذاك القلب الأسير لحبها.. ذاك القلب الذي تعلمت منه أخلاقيات الحياة... ذاك القلب الذي علمني كيف لا أتسبب في إيذاء مشاعر من لا أعرفهم قبل من أعرفهم.. تلك الملكة التي علمتني كيف احب؟ كيف أشعر؟ كيف أتنفس العطاء؟
انا مدين لتلك الملكة بعمري وحياتي... ليست لأنها ملكتي ولا لأنها علمتني ولا لأنها أحبتني.. بل لأني عندما كنت أحزن هي التي كانت تبكي.... وعندما أمرض هي التي كانت تئن.. وعندما أفرح هي التي كانت ترقص...... هي كانت تجسيد لمشاعر وأحاسيس تدور في أعماق قلبي الذي ما كانت لتخرج بدونها.
فإليكِ يا أمي أهديك هدية وهي..."دموعي" فصدقيني كل دمعة تصرخ بإسمك وبحياتك وبفضلك وبحبك كل دمعة تصرخ بكِ يا ملكتي وتاجي وعزي. |