بقلم: د. رأفت فهيم جندي
أتى محمد ليتحدث معي, ومحمد صديق عزيز تعود صداقتي به لسنوات طويلة وهو كثير المشاغبة معي.
محمد: بعض من أصدقائي وأصدقائك أيضًا غير راضيين عن بعض من مقالاتك.
قلت: نحن ندافع عن القضية القبطية وظلم الأقباط في مصر, ولكننا نكن الحب للجميع سواء اتفقوا أو أختلفوا معنا.
محمد: الحكومة تظلم الكل سواء مسيحيين أم مسلمين.. فلماذا تدافع فقط عن الأقباط؟.
قلت: أوافقك أن بعض الظلم واقع على الأثنين ولكن هناك ظلم خاص للأقباط وهذا ما نركز عليه وإن كنا نذكر الآخرين أيضًا, فنحن ندافع عن حقوق الشيعة والبهائيين أيضًا, ودافعنا كذلك عن اخوتنا الأطباء المسلمين المظلومين بحكم الجلد من السعودية.
محمد: الحكومة تضع مسلمين في السجون أكثر من المسيحيين.. ألا ترى هذا؟
قلت: الأقباط لا يخططون للإستيلاء على الحكم بالقوة ولا يفجرون قنابل ولا يؤلفون جماعات إرهابية.. فلا داعي لخلطهم بهؤلاء.
محمد: ولكنكم تربطون ظلم الأقباط بالإسلام.
قلت: نحن لا دخل لنا بالإسلام كعقيدة إلا في الجانب الذي يتعرض فيه للمسيحية سواء كان تكفيرًا للمسيحيين أو تكذيبًا للكتاب المقدس, ونحن أيضًا لا علاقة لنا بالبوذية والهندوسية أو البهائية, لأننا نؤمن بحرية العقيدة لكل إنسان.
محمد: ولكنكم تذكرون الإسلام في بعض مقالاتكم.
قلت: الجانب السياسي.
محمد: ماذا تعني؟
قلت: إننا ضد أن يُظلم طفلين مثل ماريو وأندرو بإرغامهما على الإسلام لأسلمة والدهما, وأيضًا ضد سجن بهية وشادية السيسي لبقائهما مسيحيين بعد أسلمة والدهما لفترة قصيرة, إننا كذلك ضد إرغام الأقباط على دفع الجزية ومنعهم من وظائف معينة وحقهم في بناء كنائسهم. وهذا هو الإسلام السياسى, وكما قالت الدكتورة وفاء سلطان "يا أخي آمن الحجر ولكن لا ترمني به".
محمد: الإسلام يعامل أهل الذمة معاملة حسنة.
قلت: كلمة أهل الذمة لفظ للإسلام السياسي الذي يجعلنا مواطنين درجة ثانية ونحن نرفضها, أنت يا محمد لست مواطنًا درجة ثانية في كندا فلماذا تريد ذلك للأقباط فى بلدهم الأساسية مصر؟.
محمد: ولكن الأقباط لا يدفعون الجزية حاليًا في مصر هذا كان أيام الفتوح الإسلامية.
قلت: نقول عنها غزو عربي مثل أي غزو آخر ولا نقول عنه فتح مبارك, هذا ما نختلف عليه.
محمد: عمومًا الأقباط لا يدفعون الجزية الآن.
قلت: الأقباط توقفوا عن دفع الجزية المباشرة منذ حوالي 150 سنة أيام سعيد باشا, والآن يدفعونها بطريقة أخرى.
محمد: ما هي الطريقة الأخرى؟
قلت: لقد قيلت كثيرًا وها أنا اكررها, الأقباط لا يستطيعون دخول الأزهر الذي هو جامعة لتخريج الأطباء والمهندسين والمحامين...إلخ. الدولة تدفع مرتبات لشيوخ الجوامع ولا تدفع للقساوسة, الدولة تقيم الجوامع على حسابها وترفض بناء الكنائس على حساب الأقباط. والأقباط ممنوعون من وظائف معينة, أليس هذا دفع للجزية بطريقة أخرى؟
محمد: هناك أقباط في مجلس الشعب وهناك أيضًا محافظ قبطي لمحافظة قنا, فكيف تقول هذا؟!
قلت: الدولة تنتقي بعض الأقباط الذين يبيعون ضمائرهم مقابل رضى الدولة، أنظر جمال أسعد مجموع الأقباط غير راضين عنه ويسمونه جمال أتعس وليس أسعد والكثيرون من الأقباط يصفونه بأنه "يهوذا" أي خائن. وهو عمومًا ضد الأقباط عكس إخوتنا المسلمين العادلين, أهذا هو تمثيل الأقباط؟!
دعنى اسألك يا محمد.. هل الذى يعتنق المسيحية في مصر يحق له تغيير بطاقته ليكون مسيحيًا أمام القانون؟
محمد: لا يحق له لأنه مرتد عن الإسلام والسعودية تقتله.
قلت: هل الذي يعتنق الإسلام يصعب عليه تغيير بطاقته ليكون مسلمًا أمام القانون؟
محمد: يا مرحبا به الدولة تقدم له كل التسهيلات.
قلت: ألا ترى ظلمًا هنا, أم أنك لا تراه؟!
محمد: يجب أن تعرف أن مصر بلدًا إسلاميًا.
قلت: فقط بعد الغزو العربي وهذا ما نحن ضده أن يتحكم أي دين في البشر ولكننا لسنا ضد أن تعبد أنت ما شئت, ونقول معكم مرددين الآيات القرآنية أن من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر, وأيضًا أنكم لستم على البشر بقوامين.
تصافحنا على ميعاد آخر قبل سفره لمصر.
رئيس تحرير الأهرام الجديد الكندية
|