CET 00:00:00 - 14/07/2009

مساحة رأي

بقلم: صبري فوزي جوهرة
تكررت مؤخرًا الاضطرابات في إقليم "شيانج يانج" بشمال غرب الصين، حيث يطالب سكان الإقليم المنتمين إلى أصول قبلية تركية مسلمة بنوع من الحكم الذاتي يختلف عما يسود باقي أقاليم الصين الأخرى العديدة والمتعددة الإثنيات. ويُقال أنه من الأسباب التي أثارت هذه القلاقل هو محاولات السلطات الحاكمة في بيكين تشجيع إثنيات صينية مغايرة للإنتقال إلى الإقليم وتخفيف كثافة السكان الأصليين, وبالتالي يسهل رفض مطالبهم بالمعاملة المتميزة التي يسعون إليها. قابلت السطات المركزية في الصين هذه القلاقل بعنف عُرف عنها حيث تكررت مشاهده مسبقًا على مدى سنوات عديدة في "إقليم" التبت الذي ضم قسرًا وعنوة إلى الصين, بل وانتُهِج ذات الأسلوب في قلب عاصمة الصين ذاتها بميدان "البوابة السمائية" Tiananmen Square ما بين إبريل والرابع من يونيو عام 1989، يوم اكتسحت الدبابات كتل المحتجين من الشعب في الميدان فأخمدت حركة وليدة متطلعة إلى الحرية والديموقراطية إلى الأبد تحت سمع ونظر العالم المنبهر بقسوة رد الفعل.

من المُلاحظ أن صوتًا واحدًا من "العالم الإسلامي" لم يرتفع بعد احتجاجًا على ما يلقاه الأخوة في الإسلام في شيانج يانج على أيدى كفرة الشيوعية, وإلى الآن لم نرى أو نسمع عن تهافت "المجاهدين" إلى الإقليم وقوفًا إلى جانب مسلميها مدافعين عن الإسلام وطمعًا أيضًا -وبلا شك- في حور وغلمان الجنة المخلدين إذا جاءت نتيجة المباراة في غير صالح الجهاد.

فهل يرجع هذا الصمت المريب إلى حداثة الإضطرابات بالرغم من وقوع ما سبقها من إنذارات توحي بحتمية التكرار والإستمرار؟ أم أن االصمت الإسلامي المدوي يرجع إلى تفهم ووعي باختلاف الأمور في الصين عما اعتاده حتى الإرهابيون منهم في بلاد الغرب حيث يعاودون غزواتهم المجيدة المرة تلو المرة بين صيحات التكبير والتهليل ولا يتلقون العقاب الحاسم السريع فيطالبون بالمزيد من "الحقوق" عاملين بالخطة المعروفة بدفع أنف الناقة أولاً داخل الخيمة ثم الخف ثم باقي الدابة بأكملها! ذلك لأنهم يعلمون أن الصينيين لا يقبلون بمثل المعانة التي يرزح تحت ثقلها الغرب -اللي مش عاجبهم- لأنهم يتحدثون عن "البرقع" مش حتى الحجاب! لعل هناك تفسير آخر للسلوك "الجهادي" أو انعدامه تجاه الصين أرجو السماح لى بعرضه.

يقودنا هذا الموقف غير المعتاد من قبل أهل الجهاد إلى أن نعود بالذاكرة إلى القوانين الدولية للحرب, وحتى الحروب رغم وحشيتها لها قوانينها التي تنص على وجوب المعاملة الإنسانية للأسرى حسب قواعد محددة وملزمة، ولكن من الواضح أن تعامل الصينيين مع من يرون أنهم من مثيرى الشغب -وليس حتى من الاعداء- يختلف بعض الشيء عن هذه الأعراف الدولية. فتحاشيًا "لوجع الدماغ" لا يأخذ الصينيون أسرى وبطبيعة الحال هم لا يرضون لهم أيضًا العودة مرة أخرى إلى صفوف الأعداء لأنهم مش هبل زي جماعة أعرفهم. ماذا يكون الحل الصيني إذًا؟
الحل لديهم بسيط: يخلصوا عليهم بدل ما يوجعوا دماغهم بيهم. وهذا ما يعنيه التعبير نسمعه في الغرب أحيانًا والقائل: "they do not take prisoners" ولعل تفهم "أبطال الجهاد" لهذه الصفة الصينية الشهيرة هي ما جعلتهم ينأون عن طلب حور العين عن طريق شيانج يانج.
و قد قيل قديمًا أن لا يفلّ الحديد إلا الحديد.
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ٩ تعليق