ايلاف |
موقع التواصل الإجتماعي سلطة ووسيلة تغيير سياسي فعالة لعبت مواقع التواصل الإجتماعي، لا سيما فايسبوك، دوراً رئيسياً في ربيع الشباب العربي، الذي اعتمد على هذه المواقع كأداة اولى لتنظيم الاحتجاجات ضد الحكام، وفي ذروة هذه التطورات، أصبح طرح أسهم فايسبوك للاكتتاب بمثابة أهم قصص الأعمال لهذا العام. وظهور الشبكات الاجتماعية مثل الفايسبوك ساهم في تكوين المرحلة الرئيسية الثانية من شبكة الإنترنت عن طريق وضعها كمنصة للتفاعل الاجتماعي، فللمرة الأولى، سمحت مواقع الشبكات الاجتماعية للمستخدمين بإنشاء هويات شخصية على منصات كبيرة من أجل التواصل والتشارك مع الآخرين. وبفضل الدهاء في التسويق والتصميم، اشتعلت شرارة الفايسبوك كالنار في الهشيم، وبات هذا الموقع الاجتماعي هو الأول بين طلاب الجامعات، وفي وقت لاحق بين الجمهور الواسع. ونمت قدرة الفايسبوك وتأثيره على التواصل في شبكة تجمع الملايين من الناس المتصلين مع بعضهم البعض، فخلقت زخماً لا يمكن وقفه، وينافس كل الشبكات الاجتماعية الأخرى. ونجاح الفايسبوك يدل على قوة الإنترنت كقوة للاتصال الاجتماعي، والتي تحولت على مدى السنوات القليلة الماضية إلى وسيلة تغيير اجتماعي وسياسي فعالة للغاية. وهذه السلطة الجديدة تعكس ملامح رئيسية عدة، أهمها الديمقراطية، وذلك لأن كل شخص في العالم الحر لديه حق في الوصول إلى شبكة الإنترنت،كما أتاحت للفرد قدرة نشر أفكاره واستخدام الفايسبوك كمنصة لقوة الأفكار الشخصية، وليس الفئات التقليدية، لأن شبكة الإنترنت تتيح نشر الملايين من الأفكار في سرعة الضوء. كما هزت قدرة الفايسبوك الأنظمة الديكتاتورية التي اعتبرت أن الموقع الاجتماعي يهدد وجودها، ومن غير المستغرب أن الأنظمة القمعية حاولت منع نشاط شبكة الإنترنت من أجل تضييق الخناق على المعارضة. هذا الضغط والجذب بين هياكل السلطة القديمة والمجتمعات الرقمية سوف يستمر لبعض الوقت، لكن أصحاب الرؤيا الرقمية المثالية – أمثال مؤسس موقع الفايسبوك مارك زوكربرغ – يقف التاريخ الى جانبهم. وفي هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ "تايم" ان ارتفاع موقع الفايسبوك في الآونة الأخيرة كظاهرة ثقافية واجتماعية، عكس ظهور الإنترنت كأداة اجتماعية وسياسية قوية. إذ استخدم المعارضون في تونس ومصر موقع الفايسبوك كمنصة، لم يسبق لها مثيل، للتواصل وتنظيم الاحتجاجات ضد الحكام المستبدين الذين استولوا على السلطة لعدة عقود. كما لجأ النشطاء في الولايات المتحدة إلى الشبكات الاجتماعية لإطلاق حركة "احتلوا وول ستريت"، التي ركزت الاهتمام الوطني على عدم المساواة في الدخل وجعلتها القضية المركزية في الانتخابات الرئاسية لعام 2012. وفي الآونة الأخيرة، ساعدت الحملة الالكترونية على شبكة الإنترنت ضد تشريع لمكافحة القرصنة في الكونغرس الأميركي، على إقناع العشرات من النواب لسحب دعمهم. ويبدو ان شبكة الانترنت آخذة في الظهور كقوة اجتماعية وسياسية قوية في حد ذاتها، وأن الشبكات الاجتماعية مثل الفايسبوك وتويتر هي الصمغ الذي يمسك هذه القوة ويجمعها. وفي الوقت ذاته، يدل نجاح موقع فايسبوك في المجال التجاري، على قوة شبكة الإنترنت كمنصة لبناء الأعمال الناجحة بصورة عشوائية من الألف إلى الياء، وأيضاً وسيلة للشركات في التعامل مع العملاء الحاليين والتواصل مع عملاء جدد. ونشرة الاكتتاب العام لموقع فايسبوك تحتوي على أرقام مذهلة توضح القدرة الهائلة للخدمات، وقدرات الأعمال والتعامل مع المستخدمين. وتمتلك الشركة الآن 845000000 مستخدماً نشطاً شهرياً - أو ما يقرب من نصف مستخدمي الإنترنت الذيت يقدّرعددهم بـ 2 مليار شخص في العالم. ووفقاً لصحيفة الـ "تايم" الشيء الرائع هو أن الفايسبوك مجرد "خدش سطحي لإمكانياته التجارية، لكن هدفها ليس المال"، فمن الواضح ان زوكربرغ لا يسعى إلى الربح المادي. وفي هذا الإطار، قال "نحن لا نبني الخدمات لكسب المال، بل نريد كسب المال لبناء أفضل الخدمات"، مشيراً إلى أن موقع فايسبوك تم تصميمه لتعزيز ما وصفه بـ "مهمة اجتماعية لجعل العالم أكثر انفتاحاً ترابطاً". وقد وجهت في السابق انتقادات عديدة للفايسبوك لاقتحامه حدود الخصوصية الفردية، وليس هناك شك في أن شهرة هذا الموقع وانتشاره سوف يتطلب يقظة من قبل هيئات الرقابة والحرية المدنية، والحكومات الاتحادية إذا لزم الأمر. لكن زوكربرغ ما زال مصمماً على جعل الإنترنت أكثر اجتماعية، حتى تقوم بدورها، وجعل المجتمع أكثر ديمقراطية. ويؤكد مؤسس موقع الفايسبوك ان "الناس تتواصل وتتشارك بشكل أكبر - حتى وإن كان ذلك بين الأصدقاء أو العائلات فقط – فإنه يخلق ثقافة أكثر انفتاحاً ويؤدي إلى فهم أفضل للحياة ووجهات نظر الآخرين". ويشكل انتصار الفايسبوك الدليل على أهمية وجود الإنترنت بشكل حر ومفتوح، فعندما أطلق زوكربرغ الخدمة في السنة الثانية من دراسته في جامعة هارفارد عام 2004، لم يتصور أنه بعد ثماني سنوات سيقود شركة تستعد للاكتتاب العام مع أكثر من 800 مليون مستخدم وتقييم بـ 100 مليار دولار. فمثل هذه النتيجة لم تكن ممكنة، لو لم تكن شبكة الإنترنت المفتوحة بيئة خصبة للابتكار، ففي أقل من عقدين من الزمن، توجت شبكة الانترنت نفسها باعتبارها واحدة من المنصات التحويلية والاقتصادية والاجتماعية في التاريخ. وبعد سنوات، أنشأت شركات ومواقع مثيرة وجديدة حصدت مليارات الدولارات وغيرت الطريقة التي نعيش بها إلى الأبد. وبما أن شبكة الإنترنت أصبحت أكثر اجتماعية، أصبحت المنصات الاجتماعية مثل الفايسبوك وتويتر تتمتع بتأثير أكبر على السياسة في جميع أنحاء العالم. وأصبح طرح أسهم فايسبوك للاكتتاب واحدة من أهم قصص الأعمال لهذا العام، لكن نجاح الشركة يجب أن يكون أيضاً بمثابة تذكير قوي بضرورة الحفاظ على الإنترنت كمنصة مفتوحة وحرة. وإذا كنا، كمجتمع، نستطيع نفعل ذلك، فقد يظهر العديد من أمثال "مارك زوكربيرغ" في الأعوام القادمة. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |