بقلم: نبيل المقدس
آخر نكته سمعتها من صديق تقول : واحدة سِت نزلت من بيتها علي الشغل من غير ما تكون لابسة بنطلون ... قابلها زوجها وعنفها بشدة وحلف عليها بالطلاق ... قالت له أنا خُفت ألبس البنطلون يقبضوا عليّ بتهمة (إرتداء ملابس خليعة) ويحكموا عليّ بالجَلد . فقلت عدم إرتدائه أفضل وإبعدي يا بنت عن المشاكل وبلاش منه واصل ... والباب اللي يجي منه الريح سِديه وإرتاحي ...!! وأنا أصلاً مش ناقصة ضرب ولا جَلد منك ولا من العيشة اللي أصبحت جِلدة , غير إنك اصبحت ماشاءالله في الفلوس جِلدة , وأنا وأولادي أصبحنا عظم مدهون بمية الجِلد ... وما يحك جلدك إلاّ ظفرك ... وأدينا عايشين بالصبر وبالجَلد ... ده حتي ربنا قال ( لتكن أنوار في جَلَدِ السماء لتفصل بين النهار والليل.) ... وأخذت تهزي بكل الجمل التي تحوي ( جيم , لام , دال بجميع تشكيلاتها ومعانيها ) حتي وصلت إلي حالة الهستيريا.
فعلاً إرتداء البنطلونات للسيدات نزع الإحساس بالإتيكيت والتي كان يتميَز بها الرجل الشرقي في قولته المشهورة ( ليديز فيرستLadies First) . فقبل موضة وبدعة البنطلونات للسيدات كان الرجل لا يسمح أبداً لنفسه أن يتقدم سيدة وخصوصا عندما يجدها تصعد سلالم , فكان يقول لها إتفضلي انتِ يا أفندم إطلعي الأول وأنا إنشاءالله إن اراد صبحانه وتعالي سوف أصعد وراكِ ... طبعا كان صاحبنا ينتظر عدة درجات تأخذها السيدة في الصعود و تبدأ نظرات عينيه تشوف شغلها . الإسم انه رجل لطيف وذوق لكنه في الداخل رجل شرير وما يملأش عيونه إلاّ التراب !!!... لكن بعد تعميم البنطلون للسيدات تجرد الرجال من الذوق والإتيكيت وبدءوا يزاحمون السيدات في كل مكان وتبدلت كلمة ليديز فيرست إلي ليديز تحرش.!!!
كم إندهشت وإنزعجت عندما قرأت من موقعنا المتحدون ومن بعض الصحف والفضائيات خبر يقول أن صحفية سودانية توزع بطاقات دعوة لحضور عقوبة (جلدها) بسبب إرتداء البنطلون وبلغت عدد هذه الدعاوي الي500 دعوة. وقد أعجبني تعليق لهذه الصحفية تقول فيه ( قضيتي هي قضية البنات العشر اللواتي جلدن في ذات اليوم.. وهي قضية عشرات بل مئات بل آلاف الفتيات اللواتي يجلدن يومياً وشهرياً وسنوياً في محاكم النظام العام بسبب الملابس.. ثم يخرجن مطأطآت الرأس لأن المجتمع لا يصدق ولن يصدق أن هذه البنت جلدت لمجرد ملابس معينة ... والنتيجة الحكم بالاعدام الاجتماعي لاسرة الفتاة وصدمة السكري أو الضغط او السكتة القلبية لوالدها وأمها... والحالة النفسية التي يمكن أن تصاب بها الفتاة ووصمة العار التي ستلحقها طوال عمرها كل هذا في بنطلون.. والقائمة تطول، لأن المجتمع لا يصدق أنه من الممكن جلد فتاة او إمراة من أجل إرتدائها بنطلون).
تخيلت إبنتي تم عليها حكم الشريعة بجلدها لإنها إرتدت بنطلونا , ومهما كان شكل البنطلون فهو يختلف من نظرة عيون قاضي إلي نظرة عيون قاضي آخر ’ وبناء عليه فإن عدد الجلدات سوف تكون مختلفة طبقاً لنظرة القاضي ... المهم في نظرهم فتاة زانية ... أكيد سوف تعيش باقي عمرها مطأطأة الرأس وأعيش أنا ووالدتها منكسري النفس بين جيراننا وأقربائنا .
هذا القانون هو ما إلاّ مركب نقص في طبيعتنا ... أحد الكتاب الإمريكان لا اتذكر اسمه يُشبه هذه الشعوب كطفل في رحم أمهِ ولايريد أن يخرج منه إلي ذلك العالم الغريب ولاسيما أنه مرتاح علي هذا الوضع ... فهو يخاف أن يستسلم لتطور الحياة بثقة وفرح ... كذلك نحن نخاف بوجود هذا الإحساس بالنقص ... فلا نطور أنفسنا مبررين أنه فسق وفساد ... عندنا من النقص الكثير توارثناه من أيام الجاهلية ... بل أتصور أن أيام الجاهلية لم تصل إلي هذا المستوي أو الدرجة من مركبات النقص .
لذلك وبكل آمانة علينا جميعنا أن نتجنب هذا النوع من السياسة فهي ربما علي الأبواب ... هي سكينة علي رقبتنا طالما تواجدت المادة الثانية من الدستور المصري ... نحن لا نستأمن من هم الذين يأتون في المستقبل لحكم البلاد ... فمن واجبنا وفي هذه الظروف والتي تعطينا إلي حد ما حقنا في العمل السياسي , أن نشجع كل من له ميول سياسية , فليتقدم الآن هذا الشخص لنا ويعطينا أفكاره ... كذلك علينا أن نتعلم ونُعلم أبنائنا أهمية البطاقة الإنتخابية ... بها سوف نتجنب جلد بناتنا وأمهاتنا لمجرد أنهم إرتدوا بنطلونا .............. بطاقة الإنتخاب هي الحل.!!! |