بقلم: عماد توماس
شاركت أول أمس في ورشة عمل خاصة بحقوق الإنسان شارك فيها عدد من شباب الأحزاب المختلفة، وطلب المنسقين في الورشة أن نقوم بإجراء تدريب عملي، حيت تم تقسيمنا إلى مجموعتين كل مجموعة في غرفة مغلقة وطُلب من المجموعتين أن يقوما ببناء منزل خلال نصف ساعة من خلال ورق جرائد وبكرة لصق، على شرط أن يستطيع هذا البيت الإفتراضي أن يستوعب أفراد المجموعتين وعددهم يقترب من 20 فرد.
ومن شروط التدريب أن يتم تبادل 3 رسائل مكتوبة بين المجموعتين وأن يحدث لقاء واحد بين مشرف من المجموعة الأولى ومشرف من المجموعة الثانية.
كان علينا في البداية أن نقسم العمل فأرسلنا رسالة أولى تفيد أن الفريق الأول سيقوم ببناء السقف وبالتالي يقوم الفريق الثاني ببناء الأعمدة، وجاءتنا رسالة ثانية من الفريق الثاني بطول وعرض السقف، واستهلكنا الرسالة الثالثة في تحديد عدد الأعمدة اللازمة لتحمل السقف، وفي المقابلة بين مشرفي المجموعة اللذان اتضحا أنهما مهندسان، فكانت لغة الحوار والتواصل بينهما سهلة وسريعة وتم التفاهم حول إمكانية تقليل عدد الأعمدة وتقوية الأطراف وزوايا السقف.
وانتهت المهمة الافتراضية لبناء بيت من ورق الجرائد بنجاح منقطع النظير حتى أن أحد الميسرين في الورشة أشاد بجهد المجموعتين وقال انه أجرى هذا التدريب عدة مرات وفي أماكن دولية خارج مصر ولم يستطع أحد أن يقوم ببناء البيت في هذا الوقت القصير وبهذه الجودة المتميزة.
خرجت بعدة ملاحظات من خلال هذا التدريب أود أن أشاركك بهم عزيزي القارئ/ عزيزتي القارئة:-
أولاً: تخيل لي أن هذا البيت الذي قمنا ببناءه هو "مصر" ونحن شباب مصر قمنا ببناءه معًا لم يسأل أحد فين زميله هل هو من الحزب الوطني أم من حزب معارض، لم يسأل أحد هل هو مسيحي أم مسلم أم بهائي، كل همّنا كان في بناء البيت معًا في أقصى سرعة وبأعلى جودة.
ثانيًا: عملية البناء الناجحة تحتاج إلى فريق عمل، يعمل معًا، فالهدف في النهاية هدف مشترك أن يكتمل البيت، والنجاح سينسب للفريق وليس لشخص واحد.
ثالثًا: احترام التخصص في العمل الجماعي هام، فالمهندسان استطاعا تحديد مقاس السقف وعدد الأعمدة، الهواية والعمل التطوعي قد يعطيك نتيجة مرضية لكن كفاءتها ليست المطلوبة.
رابعًا: كان معي في الفريق الأول فتاتان، انشغلنا نحن الذكور بالعمل ولم نطلب منهن مساعدة، وهي عادة سيئة، لكن عندما رأوا أنهن مهشمات طلبوا أن يساعدوا في شيء، وبالفعل شاركا معنا ونجحن في أداء مهامهن، وتعلمن أن المرأة المصرية تستطيع أن تقوم بأداء واجبها، لكنها لن يدعوها أحد، فعليها أن تطلب بنفسها ولا تنتظر.
خامسًا: اكتشفنا في نهاية التدريب أن من قلب العمل خرج قائد أو منسق، يقود العمل ويوجه التعليمات، وأن القائد الأوحد الوحيد يمكن إيجاد بديلاَ له.
أخيرًا: بعد انتهاء بناء البيت الإفتراضي وتعليق السقف على الأعمدة وبعد رؤية المنسقين اكتمال العمل، قمنا في حركة لا إرادية بهدم البيت!! وهي عادة مصرية متجددة الهدم بعد البناء!! فيمكنك أن تبني شيء في عدة شهور أو سنين وتهدمه في عدة ساعات أو أيام!!
مصر تحتاج لبنّائين... فهلم نبني معًا باختلافاتنا وتنوعنا الخلاق، أسوار مصر "المنهدمة"!! |